الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أفاق عامل المحطة “فاروق” من نومه مفزوعاً وهو يسمع نداء مالك المحطة بصوته الجهوري المميز، وحاول ان يخرج من باب الغرفة الضيقة التي “تؤوي” العشرات من العمالة، وبينما هو يخرج نظر إلى الشمس المشرقة بالسماء وذهب بخياله إلى بلاده حيث كان يعيش في وسط الحقول والحياة البدائية ولكنها في وسط أهله واحبائه، وتذكر حينها شيطان الأنس الذي اوهمه بالثراء السريع بمجرد السفر إلى السعودية للعمل بمحطة بنزين.
كان وهم الثراء قائماً على افتراض خاطىء بأن السعوديين “مافي معلوم” اي انهم غير مدركين للخطط الخبيثة التي يقوم بها العمال، كما أن هذه الخطط قد تكون مدعومة من مالك المحطة؛ ولكن تم وضعها بطريقة ضمنية مشروطة: “اذا تم القبض عليكم ستتحملوا المسؤولية كاملة”.
كانت أول خطة مشهورة هي خلط البنزين ٩١ و ٩٥ بمياه الصرف الصحي، وبيع المجمل على أنه بنزين مما يحقق ربحية خيالية، وهي خطة كانت تتم بسهولة بالاتفاق مع سائقي شاحنات المجاري الاثيوبيين لتنزيل حمولتهم من مياه المجاري في خزان الوقود “مجاناً”، وبطبيعة الحال لم تعد هذه الخطة صالحة بعد بدء تنفيذ احد برامج الرؤية السعودية ٢٠٣٠ وهو برنامج التحول الوطني المتضمن استكمال شبكة المجاري العمومية بجميع المدن، وهي الخطوة التي أوقفت شاحنات الصرف الصحي عن العمل.
بعد التنظيم الجديد لمحطات الوقود أصبح من الضروري أن تكون هناك بدائل للثراء السريع، حيث بدأ فاروق وبقية العمالة ومالك المحطة بالتذمر مما يحدث من مخالفات اغلقت العديد من المحطات، وقد تمكنوا من النفاذ منها بصعوبة بعد إثبات أن مياه المجاري تسربت من تحت الارض إلى الخزانات وليس بفعل فاعل!!.
في اجتماع سري بين مالك المحطة “زيد” وصاحب مؤسسة توريد وصيانة مكائن ضخ الوقود “عبيد” انتشى فاروق لثقة زيد التي تنامت مؤخراً به، فأصبح يدعيه حتى للاجتماعات السرية مثل هذه، وذلك لما يعلمه زيد من الطموح والمثابرة لدى فاروق الذي كان مسؤولاً عن تطوير الأعمال والعلاقات العامة مع جميع سائقي شاحنات الصرف الصحي التي كانت تخلط بالوقود في وقت سابق قبل الحملات الحكومية، وذلك أدى بشكل مباشر إلى نمو ثروة زيد بشكل مبالغ فيه حتى أصبح من ملاك اليخوت والسيارات الفارهة.
كان الاجتماع طويلاً لأن عبيد مالك مؤسسة توريد وصيانة المضخات هو مهندس متعلم تعليماً عالياً لا توجد بينه وبين زيد اي لغة تفاهم او حوار فكان من الصعوبة شرح الفكرة “التطويرية” لزيد وعامله المخلص فاروق. ولكن في النهاية لمعت عين زيد عندما أدرك طريقة عمل الفكرة المقدمة من عبيد، وهي تلاعب إلكتروني بالعدادات بزيادة السعر وتعديله بضغطة زر إلى سعر أعلى فيبدأ العداد من رقم مبدئي لم يتم تعبئته وبالتالي يمكن أن يحقق ربحاً يصل الى ١٢ ريال في كل عملية تعبئة في محطاته الثلاثين التي يمتلكها.
من شدة الفرح لم يتمكن فاروق من النوم في تلك الليلة وأخذ يتخيل عودته لوطنه واستقبال اهله له بعقود من الورد تكريماً له كما في أفلام بوليوود ثم تخيل زوجة المستقبل والقصر المنيف الذي سيباشر بناؤه في قريته الصغيرة التي لا يوجد بها بيت خرساني واحد.
استيقظ “فاروق” على مداهمة وأصوات الدوريات الأمنية ورجال الشرطة والجهات الأخرى، وأشار جميع العمال على فاروق بأصابع الاتهام، بأنه صاحب الفكرة والتدبير والتخطيط والتنفيذ. وكان زيد “مالك المحطات” في ذات اللحظة يركب طائرته الخاصة متجهاً إلى جزر الكايمان ليبقى هناك حتى تهدأ الأمور، واستيقظ عبيد “مالك مؤسسة المضخات” على استدعاء رسمي من هيئة التقييس لمراجعة كافة التقنيات والتعديلات التي يقدمها لعملائه، وعلم أن ساعة الحساب قد حانت، ولم يعد هناك مفر. تنويه: كل ما ورد أعلاه هو قصة خيالية لا علاقة لها بالواقع.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال