3666 144 055
[email protected]
يوم أمس الأول أقر مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لرسوم الأراضي البيضاء التي يؤمل منها أن تؤدي دوراً كبيرا في معالجة أزمة السكن من خلال تشجيع التطوير السكني والحد من الاحتكار واكتناز الأراضي التي تقع داخل النطاق العمراني للمدن، وبقراءة لمضامين هذه اللائحة تتوارد العديد من التساؤلات والاستفسارات التي لم أجد لها جواباً، ولعل وزارة الإسكان مشكورة تفيدنا نحن والعموم حولها.
أولاً: حددت اللائحة أربع مراحل لتطبيق رسوم الأراضي البيضاء في المدن وبينت أنه في حال لم تنطبق مرحلة معينة على أي من المدن أو لم تكف الأراضي ضمن مرحلة معينة لتحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب فيجوز تجاوز تلك المرحلة والانتقال إلى مرحلة أخرى، والتساؤل هنا حول المعايير والضوابط والمدة الزمنية التي تحكم عملية الانتقال من مرحلة إلى أخرى وكيف ستستطيع الوزارة الحكم على قدرة أي من المراحل على الموازنة بين العرض والطلب؟
ثانياً: حددت الوزارة مساحات الأراضي التي ستخضع لرسوم الأراضي في كل مرحلة من مراحل تطبيق الرسوم، وهي الأراضي التي تزيد مساحتها عن عشرة آلاف متر مربع عدا المرحلة الثالثة التي تشتمل على الأراضي المطورة في مخطط واحد وتزيد مساحتها عن خمسة آلاف متر مربع، والتساؤل هنا ماذا عن محاولة الالتفاف على اللائحة وتجزئة الأراضي لمساحات صغيرة وأيضاً ماهي الضوابط التي يفترض أن تحكم الأسعار المرتفعة أو التي قد ترتفع بشكل أكبر في الأراضي السكنية ذات المساحات الأقل من عشرة الاف متر مربع؟
ثالثاً: رسوم الأراضي البيضاء ستطبق في عدد محدود من المدن بحسب ما تحدده الوزارة وهي المدن الرئيسة التي تعاني من أزمة عالية في السكن وهذا جيد لكن التساؤل هنا عن مدى تأثير ذلك على المدن المحاذية والمحيطة وهجرة الأموال العكسية نحوها، فعلى سبيل المثال لو طبقت الرسوم في مدينة الرياض قد تنتقل رؤس الأموال للاستثمار في المحافظات والمدن القريبة كالدرعية والمزاحمية وبالتالي ارتفاع الأسعار وخلق أزمة سكن أخرى؟ وما نخشاه هنا هو انتقال الأزمة إلى مدن أخرى.
وفي جانب آخر وهو ما يجب التنبه إليه أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء لوحده لن ينهي أزمة السكن، ويمكن بشكل عام تحديد ثلاثة عوامل رئيسية لإنهاء أزمة السكن:
العامل الأول/ زيادة المعروض من الأراضي والوحدات السكنية:
وهذا العامل نجد أن الوزارة تتعامل معه حالياً بشكل رائع ومميز من خلال إنشاء مركز دعم المطورين (إتمام) لتيسير إجراءات المطورين وكذلك توقيع اتفاقيات مع العديد من المطورين محلياً وخارجياً لتنفيذ وتطوير المزيد من الوحدات السكنية.
العامل الثاني/ خفض تضخم الأسعار في القطاع السكني:
وهنا نجد أن تدخل الوزارة في هذا الجانب لازال دون المؤمل واللائحة التنفيذية لرسوم الأراضي قد تؤدي لاستمرار ارتفاع أسعار الأراضي السكنية ذات المساحات الصغيرة.
العامل الثالث/ توفير التمويل وتنويع مصادره:
أيضاً هذا الجانب لم يتم تنشيطه بالشكل الجيد في ظل توقف صندوق التنمية العقارية عن تقديم القروض السكنية منذ قرابة السنة بالإضافة إلى التأخر في طرح القرض المعجل والعجز في إيجاد بدائل أخرى.
أخيراً يمكننا القول اننا بحمد الله أمام قضية تخضع لاهتمام وعناية كبيرة من قيادة هذا البلد الحكيمة فالخطوات المتسارعة التي تتم حول معالجة أزمة السكن تدعو للتفاؤل والاطمئنان، ولا زلنا نؤمل من وزارة الإسكان الكثير لتحقيق المعادلة الأهم والأصعب وهي توفير السكن وفق مقدرات دخل المواطن بمختلف فئاته.
*متخصص في التخطيط العمراني
نقلا عن الرياض
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734