الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعرفنا في مقالين سابقين على بعض الأخطاء في تشخيص المرض، لكن في هذا المقال سنتناول عدداً من الأمثلة التي يرجع فيها الخطأ إلى العلاج وليس التشخيص. فاختيار طريقة العلاج المناسبة للمريض سواء كان دواء مباشراً أو خطة علاجية أو نحوهما مما ينتج عنه خطأ رغم صحة التشخيص. ومن الأمثلة ما يلي:
المثال الأول، التأخر في إجراء العلاج: فالطبيب يُسأل في حال تأخره عن المبادرة في علاج مريضه. ففي قضية بلاكمون ضد لانجلي أخطأ الطبيب في عدم إخبار المريض عن وجود سرطان في رئته. بل وحاول الدفاع عن نفسه في المحكمة بأن إهماله هذا لم يتسبب تسبباً مباشراً في وفاة المريض؛ لأن الأدلة أثبتت أن احتمالية بقائه على قيد الحياة لا تتجاوز 50% . لذا فالمحكمة في (أركنساس) أحالت الموضوع إلى هيئة المحلفين وأعطتهم صلاحية تقدير ما إذا كان المريض قد عانى وخسر أكثر مما لو لم يتأخر الطبيب في إبلاغه.
المثال الثاني، التأخر في إجراء الولادة القيصرية: وحصل هذا في قضية جاكسون ضد هوانغ حين أهمل طبيب نساء وولادة اتخاذ الإجراء المناسب عند ولادة سيدة. فرغم أن كتف الطفل أثناء الولادة كان يتدلى إلا أنه لم يُسارع في إجراء الولادة القيصرية مما تسبب في خروج الطفل وهو مصاب في أعصاب كتفه وذراعه الأيمن. قررت المحكمة الابتدائية خطأ الطبيب إلا أنه استمر يدافع عن نفسه ويجادل لدى محكمة الاستئناف بأنه صاحب تخصص وخبرة في المجال، فكيف تلاحقه المسؤولية! بيدَ أن المحكمة قبِلت ما استندت عليه المحكمة الأولى وهي شهادة خبير طبيب اسمه (فورتي) حيث شهد بأن الطبيب المدعى عليه وإن كان يمتلك المهار ة والمعرفة اللازمة في مجال التوليد وأمراض النساء إلا أنه كان يجب عليه بسبب المخاض الطويل والوزن القليل للطفل أن يتوقع إمكانية عسر الولادة، لذا كان عليه المبادرة بالعملية القيصرية حينئذ.
المثال الثالث، عدم الرد على مكالمات الطوارئ: حيث تهاون طبيب في عدم الرد على استدعاء من قسم الطوارئ. ففي قضية ديلون ضد سيلفر ماتت امرأة بسبب مضاعفات حمل خارج الرحم لأن طبيب النساء والولادة رفض علاجها رغم استدعائه من طبيب الطوارئ. وحاول الطبيب الدفاع عن نفسه بأنه لم تنشأ بينه وبين المريض أي علاقة حتى يتحمل المسؤولية. إلا أن ذلك لم يكن كافياً في إعفائه من المسؤولية لأن لوائح المستشفى قد نصت على أن طبيب قسم الطوارئ له سلطة تقديرية في استدعاء الطبيب المناسب للحالة التي لديه؛ لذا كان واجباً عليه الحضور حين استُدعي، وبامتناعه عُدّ مهملاً . وفي هذا السياق ينص نظام مزاولة المهن الصحية السعودي في المادة 19 على وجوب تدخل الطبيب في حالات الطوارئ والحوادث حتى ولو تعذر أخذ موافقة المريض على العلاج.
المثال الرابع، أخطاء في جرعة دواء: وحدث هذا في قضية لِيل ضد سيمون حين خفّض الطبيب جرعة دواء وهو مؤثر عقلي على مريض يبلغ من العمر 36 عاماً للسيطرة على سلوكه الاجرامي. فسوء ممارسة الطبيب هذه نتجت عن أن تقليل الجرعة لم يكن بتدرج بطيء؛ لأن معظم الأدوية المؤثرة على العقل لا تُسحب من المريض مباشرة – كحالات علاج الادمان – بل تُخفض الجرعات تدريجياً إلى إيقافها تماماً.
وفي سياق الأدوية فإن العلامات التجارية للأدوية قد تعددت وتنوعت وأدى ذلك إلى زيادة أخطاء في وصفها أو التعامل معها. لذا يرى فريق بأنه ينبغي على الأطباء تشجيع الاستخدام المحدود والحكيم للأدوية وتوثيق سبب استمرارها بشكل دوري. وينبغي أن يكونوا متيقظين لأي موانع وحالات عدم توافق بين الوصفات الطبية والمكملات العشبية. وعليهم إدراك أن الأخطاء المتعلقة بتناول الأدوية ناتجة عن الخطأ في وصف الدواء المناسب، أو الالتباس بين مريض وآخر، أو خطأ في تحديد مقدار الجرعة المناسبة، أو في طريقة تناوله.
وختاماً، فإن الطبيب قد لا يكون مسؤولاً مهنياً إذا اعتمد خطة علاجية لا تتفق مع رأي خبراء طبيين أو هيئة طبية لكنها مقبولة لدى فريق آخر أو هيئة طبية أخرى. ولا يُطلب منه ضمان نتيجة العلاج إذا التزم مساراً مهنياً معترفاً به. بل ربما لا يُساءل في حال وقعت النتيجة مخالفة للتوقع إذا لم يكن ثمة خطأ في صرف الدواء أو طريقة العلاج من الأساس.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال