الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
العمل عن بعد يعني قيام الموظف بمهامه العملية المتفق عليها خارج مقر العمل (مثل المنزل) باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مثل الهواتف الذكية والحواسب الآلية، ويكون فيه غير مضطر للتنقل لمقر العمل كالمباني الادارية أو المتاجر، وغالبا ما يكون ذلك بعقود قصيرة الأجل ولجهات معينة لأن الشبكة المعلوماتية تعد في هذا العصر من أكبر وأسهل أسواق العمل عن بعد.
وقد يختلف المقابل المادي للعمل عن بعد عن النظام التقليدي للراتب الشهري كالأجر بالساعة أو الأجر اليومي أو أجر متفق عليه بإكمال مشروع ما بطريقة دفعات متفق عليها بين طرفي العمل في العقد الذي يضمن حقوق الطرفين، والعمل عن بعد هو أحد المبادرات الوطنية التي أطلقتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بهدف تجسير الفجوة بين أصحاب العمل والباحثين لعمل عن بعد ولديهم عوائق للحصول على فرص مناسبة للعمل التقليدي.
وللعمل عن بعد أهمية لكل من القطاع الخاص والمجتمع والموظف ونفصلها في التالي:
أولا: أهمية العمل عن بعد للقطاع الخاص :- وتتلخص في النقاط التالية:
* زيادة الإنتاجية: أظهرت دراسة جامعة “ستانفورد” الأمريكية أن إنتاجية موظفي الدعم الفني زادت 14% مع العمل عن بعد، وأكدت دراسة جامعة “تكساس” أن العاملين عن بعد يعملون من 5 إلى 7 ساعات أو أكثر من العاملين في المكاتب التقليدية وهذا يعني أن زيادة في الساعات يقابلها زيادة في الإنتاج.
* انخفاض معدل دوران العمل: ويعني انخفاض الاستقالات من الموظفين في العمل عن بعد بسبب قلة ضغوط العمل والمشاعر السيئة والطاقة السلبية في العمل التقليدي، وأن العاملين عن بعد أكثر سعادة وارتياح في العمل من غيرهم.
* زيادة ساعات العمل: ينفذ جزء كبير من الوقت في الذهاب للعمل والعودة منه واستعادة الطاقة الذهنية والجسدية للبدء في العمل، خاصة لمن يعمل على فترتين، بعكس العمل عن بعد الذي يوفر هذا الوقت ويزيد من ساعات العمل الفعلية بسبب بقاء الموظف في مكتبه بالمنزل.
* تجنب المؤثرات الخارجية: تقل نسبة التعطل أو التأخر عن العمل للعاملين عن بعد عن العاملين التقليديين لأسباب كثيرة منها الطقس أو مشاكل الطرق وحوادثها وازدحامها وهو ما يجنبهم كل هذه المؤثرات الخارجية وتأثيرها على أداء العمل.
* كسب قدرات وكفاءات مميزة: هي فرصة للقطاع الخاص الاستفادة من هذه القدرات والكفاءات بالعمل عن بعد من أي موقع حتى لو كان خارج المدينة أو الدولة وخاصة مع تطور وسائل التواصل وإمكانات العمل عن بعد.
* توفير التكلفة والمصروفات: وذلك بتوفير كثير من رواتب الموظفين التقليديين وبدلات المواصلات ومصاريف تجهيز المكاتب وملحقاتها اللازمة للتشغيل واستئجار العقارات في حال التأجير وغيرها من المصاريف التشغيلية.
ثانيا: أهمية العمل عن بعد للمجتمع :- وتتمثل في النقاط التالية:
* خفض نسبة البطالة في المجتمع: وذلك بتوفير فرص عمل متكافئة عن بعد لجميع فئات المجتمع سواء من الأصحاء أو النساء أو ذوي الهمم والذين برزوا في العمل عن بعد بشكل لافت في الآونة الأخيرة وساهموا في خفض نسبة البطالة.
* تنمية خبرات الموظفين: يتم بتأهيل الموظفين وتنمية مهاراتهم وخبراتهم بصورة أسرع لأعمال أخرى لمساعدة للمجتمع في عدة مجالات مختلفة وقد تكون في أعمال خيرية في أوقات الفراغ تفيد الأفراد والمجتمع.
* تخفيض التكاليف وانتعاش الاقتصاد: منها تخفيض الأموال المخصصة في إنشاء المباني والمكاتب الإدارية وترشيد استهلاك الطاقة بكافة أنواعها، وتوفير البترول والطاقة ورواتب العاملين التقليدين، بحيث يوجه ذلك التوفير لإنعاش الاقتصاد المحلي والمساهمة في تخفيض نسبة الفقر وتنشيط الأسواق المحلية.
* انخفاض التلوث البيئي: توفير الطاقة المستهلكة في المواصلات يساهم في الحفاظ على البيئة ويقلل نسبة التلوث في الجو والحد من الازدحام المروري والمحافظة على السلامة العامة للمجتمع.
* التواصل الأسري الجيد: العاملين عن بعد هم أقرب لأسرهم من العاملين التقليدين وذلك لتواجدهم باستمرار في المنزل قريب من الأسرة وتواصلهم مع الأسرة في فترات الراحة وهو ما لمسناه جميعا في فترة جائحة كورونا (كوفيد-19) من قرب أسري وتواصل جيد وحميم.
ثالثا: أهمية العمل عن بعد للموظفين :- وتتلخص في النقاط التالية:
* تجنب ضغوطات العمل التقليدي بسبب العلاقات المباشرة في المستويات الإدارية والضغوط النفسية من ازدحام المواصلات وتنظيم وقت العمل وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والأسرية والتحكم في ساعات العمل.
* التركيز في العمل خاصة في المهام المعقدة التي تحتاج لهدوء المنزل أكثر من ضجيج المكاتب والتعامل مع الموظفين.
* توفير الوقت حيث يقدر عدد الساعات التي يمكن توفيرها سنويا بأربعين ساعة على الأقل وقد تكون أكثر من ذلك.
* توفير المال المستخدم في صيانة السيارات والوقود ومصاريف الوجبات الخارجية في مقر العمل وغيرها من المصاريف.
* اكتساب مهارات التقييم الذاتي وكسب الثقة في العمل عن بعد دون مراقبة مع اكتساب مهارات التعامل مع التقنية.
* مرونة في اختيار وقت العمل الذي يناسب الموظفين مما يؤدي لإنتاجية عالية بسبب الراحة في اختيار الوقت المناسب.
* سهولة وسرعة التواصل في متابعة الإجراءات العملية والمهام المطلوبة بسبب التواصل الإلكتروني عن طريق الشبكة.
* فرصة للاستقلالية وإنشاء عمل خاص للموظفين الذين اكتسبوا خبرة عملية وعلاقات كبيرة في مجال العمل عن بعد.
تحديات وصعوبات العمل عن بعد :-
* اختلاف التوقيت الزمني :- تباين الزمن وما يتبعها من مشاكل الاتصال لفريق العمل عن بعد يضعف التواصل بين الأفراد ويضعف الثقة والروح بينهم ويصعب الاجتماعات لتداول البيانات والمعطيات والنتائج.
* صعوبة التعاون لإنجاز المشاريع :- قد يسبب البعد صعوبة في التعاون والتنسيق في العمل على المشاريع والمتابعة بين أفراد فريق العمل مما يؤدي إلى ارتباك وضعف الإنتاجية وتعثر سير العمل مما يتطلب مجهودا مضاعفا.
* اختلاف ثقافات فريق العمل :- خاصة إذا كان الفريق من بلدان متعددة تشمل رؤى مختلفة مما يصعب التواصل معهم والثقة والود في التعامل ويحتاجون إلى فهم عميق ودراسة لإدارة الاختلافات الثقافية وتقديرها واحترامها وتوظيفها لسير ومصلحة العمل.
* متابعة سير العمل :- العمل عن بعد دون مراقبة أو تحكم أو متابعة مباشرة يصعب التواصل بين فريق العمل لذلك لابد من ترسيخ مبدأ الشفافية والوضوح لدى الأفراد واعتبارها من أساسيات العمل لمتابعة سيره.
* تنمية روح فريق العمل :- حتى يتم تنمية روح الفريق في مجموعة متجانسة وتقوية الروابط بين المدير وأفراد فريق العمل أو الأفراد بينهم البين يحتاج ذلك إلى جهود جبارة وإصرار وتعاون من الجميع لتحقيق هذا النجاح.
* معوقات التقنية والتكنولوجيا :- تمتاز مكاتب العمل التقليدي بتقنيات وأجهزة متقدمة وموثوقة لتجنب أي مشاكل خلال العمل وفريق فني على مستوى عال، والتي قد يواجهها العاملين عن بعد مثل بطء أو انقطاع الشبكة المعلوماتية أو تعطل الأجهزة وغيرها من المشاكل.
* استمرارية التحفيز للفريق :- التحفيز من التحديات التي تواجه فريق العمل عن بعد لضمان استمرارية الإنتاجية المطلوبة واستمرار الأداء على نفس الوتيرة وأكثر، لأن العمل عن بعد يسبب الملل بدافع عدم التغيير، لذلك يحتاج الفريق إلى مجهود جبار لتحفيز أنفسهم باستمرار.
* نمط العمل الصحي :- العمل عن بعد يسبب الكسل والخمول بسبب محدودية التنقل من المكتب لغرفة النوم في المنزل مع إهمال الغذاء الصحي والاكتفاء بالوجبات السريعة بسبب الاندماج في العمل الذي يؤثر على الصحة، ويحتاج ذلك إلى الحركة وتنشيط الجسم وأخذ قسط من الراحة للأكل الصحي بدلا من السكريات والمشروبات الغازية ومشروبات الكافيين وممارسة الرياضة بعد الجلوس لفترة طويلة.
* محدودية فترة عقد العمل عن بعد :- من الصعوبات التي يواجهها بعض العاملون عن بعد هي محدودية عقود العمل مما يجعلهم دائمي التفكير والقلق على مستقبلهم الوظيفي بعد انتهاء العقد والذي يؤثر على إنتاجهم وأدائهم للعمل.
ختاما فإن العمل عن بعد هو أحد الأعمال التي انتشرت بكثرة في العصر الحديث بسبب تطور وانتشار التقنية والتكنولوجيا والشبكة المعلوماتية (الأنترنت) هذا بالإضافة إلى جائحة كورونا (كوفيد-19) مؤخرا والتي ساهمت في العمل عن بعد لفترة محددة وشملت عدة مجالات من الأعمال الإدارية والمحاسبة والتصميم الجغرافي والخدمات الاستشارية والتعليم والبنوك والقضاء وغيرها، وأصبح العمل عن بعد أسلوب عالمي سائد في أغلب الدول المتطورة وغير مفهوم العمل التقليدي وأصبح العمل عن بعد سبب في تقدم كثيرا من المجتمعات ورقي التعامل فيها بتسهيل الخدمات الإلكترونية والتجارة الإلكترونية وإقبال بعض العاملين عليه بإيجابية ومرونة أكثر من السابق، وهو ما يحفز الأجيال القادمة لفكرة التوجه إلى العمل عن بعد وإنشاء المشاريع الخاصة بهم بسبب قلة التكاليف الإنشائية وسهولة العمل وسرعة المردود المالي وتوفر الموارد البشرية المؤهلة للعمل عن بعد ورغبتها فيه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال