الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تابعت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي حتى ساعات الصباح الباكر وكانت نسبة التصويت للخروج والبقاء متقاربة جدا وشمل التصويت كل أجزاء بريطانيا وكانت نسبة المقترعين على الاستفتاء تتعدى 70 بالمائة. وكان قرار الخروج هو الغالب ويأتي هذا الاستفتاء بتعهد من الرئيس السابق ديفيد كاميرون في سنة 2013 بإجراء استفتاء حول بقاء بريطانيا من عدمه في حال ما تم إعادة انتخاب حزب المحافظين لسدة الحكم لسنة 2015 وكان ذلك.
فالبداية سأستعرض تاريخ تأسيس الاتحاد الأوروبي الذي يشابه اتحاد مجلس التعاون الخليجي من حيث المبدأ لا التطبيق, كانت المحاولات منذ قرون لتوحيد القارة العجوز على يد نابليون وكذلك هتلر ولكن باءة بالفشل إلى سنة 1957 في اتفاقية روما للفحم والصلب (ECSC)وكانت عبارة عن اتفاقية وحده جمركية بين كل من ألمانيا الغربية وفرنسا وايطاليا ودول البينيلوكس (BENELUX) وهي بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ حتى إطلاق معاهدة ماسترخت سنة 1992 وتم تنفيذها سنة 1993 مرورا بمعاهدة لشبونة سنة 2009 وتوالت الدول الأوروبية بالانضمام إلى ذلك الاتحاد حتى وصل عدد الأعضاء إلى 28 دولة أوروبية .تعتمد 19 دول أوروبية منها على اليورو كعملة أساسية من أصل 28 دولة ,الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي يبلغ 18,812,000 مليار دولار وهو الأول عالميا حسب أخر إحصائية لسنة 2016 ومن حيث عدد السكان فهي تشكل ثالث اكبر تعداد سكاني عالميا ويبلغ عدد سكانها 508,191,116 نسمه.
قوة الاتحاد الأوروبي تكمن في :
• أراضي زراعية خصبه شاسعة (يشكل الاتحاد الأوروبي ثاني قوة فلاحيه في العالم)
• مناخ معتدل ومتفاوت في درجات الحرارة
• تنوع الموارد الطبيعية(المياه والطاقة والمعادن)
• قوة بشرية
• ثاني قوة صناعية
• أول قوة تجارية عالمية
• سوق موحد ذو عملة واحدة
• سياسة زراعية مشتركة
• صيد بحري موحد
• قوة عسكرية من حيث العدد وفي الإنفاق في المجال العسكري تحتل المركز الثاني بعد حلف الناتو.
الأسباب الجوهرية التي يراها اغلب من صوت بالخروج من الاتحاد الأوروبي من الشعب البريطاني تتمحور حول:
• الهجرة إلى بريطانيا بسبب حرية التنقل التي فرضتها اتفاقيات الاتحاد الأوروبي وكانت هذه هي النقطة والهاجس الذي اتفق عليه كل من صوت ضد أو مع الخروج من الاتحاد الأوروبي حسب استطلاع اجرتة (Ipsos- MORI)ثاني اكبر منظمة بحثية بريطانية,حيث أن المهاجر الأوروبي يحصل على مزايا ومساعدات اجتماعية له ولأسرته مما يؤثر سلبا على الميزانية ويخلق بطالة للبريطانيين أنفسهم.
• مساهمة الاتحاد الأوروبي في عرقلة بريطانيا ماليا وذلك بسبب دفع بريطانيا الكثير من المساعدات للصندوق الأوروبي
• العنصرية وهي عدم قبول الشعب البريطاني للعرق الآخر من حيث اللون والدين وحتى اللغة.
أما عن تأثير خروج بريطانيا على اقتصادها :
• انخفاض قيمة الإسترليني نتيجة لوقف رأس المالي الأجنبي وتوقف المستثمرين في بريطانيا معه سيتراجع الطلب على الجنية الإسترليني وبالتالي هبوط أصول الدولة نتيجة لهبوط العملة.
• صعوبة تنقل المواطن البريطاني بين دول الاتحاد إذ بات ملزما للبريطانيين الحصول على التأشيرة للدخول إلى الاتحاد الأوروبي وأيضا سيخسر المواطن البريطاني الكثير من المزايا كانخفاض نفقات السفر بين دول الاتحاد الأوروبي والتي ستتغير والمكالمات الهاتفية والتبضع من دول الاتحاد الأوروبي.
• توقف الشركات الأجنبية عن الاستثمار والصناعة حيث هددت بعض الشركات من مغادرة بريطانيا حيث أن هذه الشركات تعتمد في مبيعاتها على السوق الأوروبي وخروج بريطانيا سيجعل تصدير هذه الشركات للاتحاد الأوروبي يفرض عليها تكلفة كالتعرفه الجمركية ومن هذه الشركات شركة فلوكس واجن وايرباص وغيرها.كما ستخسر لندن مكانها التجاري كأهم سوق مالي أوروبي.
• عسكريا سوف تخسر تأثيرها العسكري والدولي إذ ينظر لها أنها حليف عسكري أساسي داخل الاتحاد الأوروبي
• سياسيا ستفقد بريقها كونها حليف واشنطن داخل الاتحاد الأوروبي ولكن حين خروجها ستجد واشنطن لها حليف أخر داخل الاتحاد الأوروبي غير بريطانيا
• رياضيا(البريمرليج) احتمالية تعرض الدوري الانجليزي لكرة القدم لفقدان نجومه اللامعين الذين اكسبوا البريمرليج شهرة استثنائية ,هذا الأمر مرتبط بلاعبين من خارج بريطانيا فعلى اثر الخروج سيكون من الصعب تحقيق شروط الفيفا المتمثلة في أن تكون نسبة لعب أي لاعب من خارج بريطانيا 75% من المباريات الدولية. كذلك صعوبة في ضم اللاعبين الاوروبين تحت سن 18 عاما حيث تلزم قوانين الفيفا الأوروبين وجود ولي أمر.
خروج بريطانيا هل سيضر الاتحاد الأوروبي والاقتصاد العالمي ؟
احتمالية الضرر ستكون موجودة وليست بالهينة في بدايات الانفصال لذلك طالبت ألمانيا من لندن سرعة اتخاذ القرار وتطبيق الانفصال حتى لا يسبب الذعر الذي أحدثه الاستفتاء تأثير على الاقتصاد الأوروبي نتيجة نوبات الهلع ,والانفصال لن يتم في فترة قصيرة إنما يحتاج إلى سنتين على الأقل للتخالص بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. كما أن بريطانيا تشكل 4% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي وكما أنها خامس أقوى اقتصاد عالمي مما يعطي لها ثقل اقتصادي كبير .ضف على ذلك أن خروج بريطانيا قد يفتح شهية بعض دول الاتحاد الأوروبي للخروج من الاتحاد مضعفا دور المنظمة.وللعلم ليس لخروج بريطانيا تأثير يذكر على النفط وبالذات النفط الخليجي حيث أن اغلب صادراتنا من النفط تذهب للسوق الأسيوية.
خروج بريطانيا سيعزز مكانة المانيا كأقوى دولة أوروبيه كما سيجعل من المانيا أهم سوق مالي أوروبي وقد رحبت المانيا بالشركات التي هددت بالخروج من بريطانيا بالاستضافة وتقديم الكثير لها لنقل مكاتبها إلى برلين.
وكعربي هل هناك نظرية مؤامرة وراء خروج بريطانيا ؟؟ هذا أمر وارد جدا كلنا نذكر كيف استطاعت أمريكا تفكيك الاتحاد السوفيتي للتخلص من أقوى منافس لها عالميا وكان ذلك عن طريق إطعام الاتحاد السوفيتي وجعله يعتمد كليا على القمح الأمريكي والكندي حتى في ظل احتدام الحرب الباردة بين البلدين لم تتوقف واشنطن من إمداد الاتحاد السوفيتي من الحبوب فليس هناك اخطر من شعب جائع, فهل ستضرب واشنطن الاتحاد الأوروبي كونه الأقوى اقتصاديا عالميا ببريطانيا التي عرف عنها التبعية لأمريكا بكل قراراتها؟ نعم هذا احتمال وارد جدا إذا ما نظرنا إلى تاريخ أمريكا الرأس مالي البرجوازي وحبها للتفرد بالسلطة وقيامها بدور الولي على الشعوب وامتلاك الثروات فأنني أؤكد أن هناك نظرية مؤامرة لتفكيك الاتحاد الأوروبي.
خروج بريطانيا سيؤثر على اقتصادها على المدى القصير وتستطيع تعويض أي خسارة من الحليف الأمريكي ولكن على المدى الطويل لن يكون هناك تأثير على خروجها من الاتحاد الأوروبي ولن تكون بريطانيا “هشه” لأمد طويل في حال ما أبقت على بعض اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي كالسوق الأوروبية المشتركة ولنا في سويسرا خير مثال فهي دولة فتية تقع في أوروبا ولا تنتمي للاتحاد الأوروبي ولكن تربطها اتفاقيات بينها وبين الاتحاد الأوروبي.
هل ستكون رئيسة بريطانيا التي أسميتها الأم تريزا التي صرحت بأنها لا تمانع من قتل الآلاف بضربة نووية المنقذ لاقتصاد بريطانيا في هذه المرحلة الحرجة من عمر بريطانيا الهشه؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال