3666 144 055
[email protected]
كاتب متخصص في رأس المال البشري
[email protected]
لا يمكن لمنصف أن يتجاهل الجهود المستمرة لوزارة العمل والحراك الايجابي الذي احدثته هذه الجهود على مختلف الجبهات، ولكن هل يكفي الحراك بدون نتائج ملموسة؟ لا يمكن ابتداء الادعاء بأن هناك نتائج ملموسة اذا كانت حقوق العامل الأساسية لا يكفلها نظام العمل أو غير قادر على انفاذها نظاما بدون تأخير او تصعيد.
الأوامر السامية الصادرة بخصوص معالجة أوضاع العاملين الذين تعرضوا للإجحاف من قبل صاحب العمل هو مبادرة انسانية راقية لمعالجة وضع متفاقم نتج عن قصور في الجهة المسؤولة عن تنظيم حقوق العمال فيه ضرر على الموقع التنافسي للمملكة كبيئة جاذبة للعمالة الماهرة ومدى التزامها بالاتفاقيات العمالية مع المنظمات الدولية ذات العلاقة.
عدم وجود نظام صارم يحمي حقوق العمال هو ما أدى الى هذه الاشكاليات رغم تكرار مثل هذه الممارسات الجائرة من بعض الشركات التي لم تجد ما يردعها من تنظيمات وسط عدم مبادرة وزارة العمل للقيام بواجباتها في هذا الصدد.
ففي نوفمبر عام 2013 اضرب اكثر من 400 عامل ومهندس من العاملين على مشروع قطار الحرمين لنفس السبب وهو تأخر الرواتب وهذا ما تكرر مع موظفي شركة بن لادن قبل أشهر قليلة وغير ذلك العديد من موظفي الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تجد ضررا في تأخير رواتب عامليها كيفما تشاء طالما أنه لا يوجد تأثير حقيقي لنظام يجبر الشركة على الايفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها.
فقد نص القرار الوزاري الصادر في 2007م بهذا الخصوص على أن “المنشأة التي يثبت تأخرها عن صرف أجور عمالها أكثر من شهرين متتابعين تمنع من الاستقدام لمدة سنة وأما المنشأة التي تؤخر صرف أجور عمالها لمدة ثلاثة أشهر متتابعة يحق للعامل التقدم لمكتب العمل بطلب نقل خدماته (كفالته) إلى صاحب عمل آخر دون التزام لمدة السنة المشترط بجواز نقل الخدمات أو الحصول على التنازل مع التزام صاحب العمل بدفع كامل حقوق العامل”. وتم تعديل آلية فرض الغرامات في عام 2015م لتبدأ مباشرة بعد تكرار صاحب المنشأة تأخير الرواتب أكثر من مرة على العامل، وذلك وفق شكوى يتقدم بها العامل ويثبت فيها تكرار التأخير، وخاصة عندما يتجاوز التأخير شهر كامل أو أكثر، ففي هذه الحالة تفرض عليه غرامة ثلاثة آلاف ريال وتتعدد بتعدد العمال، أما إذا تجاوز التأخير مدة 3 أشهر فيحق للعامل في تلك الحالة بنقل خدمات العامل إلى مُـنْشآت أخرى دون موافقة صاحب العمل الحالي، حتى لو لم تنته رخصة العمل الخاصة بالعامل.
وفي اعتقادي ان مثل هذه القرارات المتراخية وغير الحازمة والتي تُلقي بجزء كبير من حل المشكلة على الطرف المتضرر / العامل ، هي وسيلة ابتزاز اخرى يمارسها اصحاب العمل المخالفون على عامل لا حول له ولا قوة مطلوب منه الصبر أولا لمدة ثلاثة أشهر بدون أن يصرف على عائلته ومطلوب منه ايضا تسويق نفسه واستخدام علاقاته الشخصية ( ان وجدت ) للبحث عن كفيل آخر سيفاوضه بالتأكيد لتقديم تنازلات في مستوى الراتب والمزايا والمغامرة مرة اخرى لشركة أخرى ربما لا تصرف له راتبه ومستحقاته ايضاً ولن يكلفها الأمر الا تطبيق النظام المتسامح ذاته!!
وفي هذا الأسبوع اعتبر سماحة المفتي رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، تأخر رجال الأعمال والكفلاء عن تسليم العمال والموظفين رواتبهم، بمثابة ظلم وضرر وأذى، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه”.
مخطىء من قد يتبادر الى ذهنه انه ربما يكون هناك سبب او مبرر لأي شركة ان تؤخر مستحقات موظفيها ، وتعاقد الشركة مع جهة / جهات غير قادرة على الايفاء بالتزامتها تجاه الشركة في المقام الأول ليس مبررا ولا سببا يجيز للشركة معالجة اخطاءها الادارية والتحصيلية بخطأ أكبر ليقع الظلم والاجحاف على عامل ترك اهله وبلده ليمارس عملا شريفا تنص عليه عقود عمل معتمدة من وزارة العمل التي ربما يكتشف لاحقا انها لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به.
قد نجد انفسنا مضطرين الى استقدام العمالة المتردية و النطيحة اذا أحجم العمال المؤهلون عن قبول العمل لدى شركاتنا بحجة ان حقوقهم غير محمية ورواتبهم غير مضمونة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734