الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تنتهي جهود اختيار منتج أو خدمة للاستغلال التجاري، وتوظيف العاملين لرفع كفاءة الإنتاج، ومساعي الابتكار في طريقة التحضير والتقديم، وكل ما يتخلل العملية الإنتاجية والتشغيلية من أتعاب حتى تصل إلى علامة تجارية راسخة في أذهان المستهلكين؛ عاكسة قيمة هذا المنتج أو الخدمة لتتعاظم قيمة المنشأة معها بتعاظم قيمة الأصول غير الملموسة فيها.
لذا جرت عناية الشركات الكبرى ببذل كل الجهود الرامية لحماية وتطوير العلامة التجارية التابعة لها، حتى أصبحت قيمة الأصول غير الملموسة تتجاوز قيمة الأصول الملموسة فيها.
عليه ولما تشغله العلامة التجارية من ضمانة لعموم المستهلكين وقيمة ذات أثر اقتصادي للشركات، فقد انبرت التشريعات في هذا السياق لتوفر الحماية اللازمة بما يكفل حق مالك العلامة التجارية من جهة، وعموم المستهلكين من جهة أخرى.
وغني عن القول ما للمملكة من ثقل اقتصادي في المنطقة يوقع على عاتقها توفير بيئة تشريعية آمنة ومستقرة للعلامات التجارية؛ على ضوء ذلك نُظمت هذه العلامات بالمملكة بموجب المرسوم الملكي رقم (م/21) وتاريخ 28/5/1423هـ، كما صدر لاحقًا المرسوم الملكي رقم (م/51) وتاريخ 26/7/1435هـ القاضي بالموافقة على قانون العلامات التجارية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكلا النظامين يساهمان في عكس تطبيق ما نصت عليه الاتفاقيات ذات الصلة والمنضمة لها المملكة، مثل اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية واتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية (Trips) ، وبلا شك وجود نظامين ينظمان ذات المسألة من شأنه أن يخلق تداخل وتدافع في التطبيق الأمر الذي يتعين معه مدارسة أي النظامين أولى بالتطبيق؟
على اعتبار أن النظام الوطني ساري النفاذ وكذلك القانون الخليجي ساري النفاذ، وباستعراض نصوص كلا النظامين نجد تباين وتعارض في بعض النصوص.
حيث اشترط النظام الوطني في تعريفه للعلامة التجارية أن تكون العلامة قابلة للإدراك بالنظر، بينما القانون الخليجي لم يأخذ بهذا الاشتراط، وشمل في التعريف العلامة الخاصة بالصوت والرائحة لتعد علامة تجارية.
كما حظر النظام المحلي تسجيل البيانات الخاصة بدرجات الشرف كعلامة تجارية، بينما أجاز القانون الخليجي تسجيل البيانات الخاصة بدرجات الشرف والدرجات العلمية متى أثبت طالب التسجيل استحقاقه لها قانونًا، وقد تباينت بين النظامين معايير اعتبار العلامة مشهورة لغرض منع تسجيل العلامات المشابهة لها.
وما جرى عليه العمل في المملكة هو ترجيح تطبيق القانون الخليجي على النظام الوطني للعلامات التجارية؛ وذلك لسمو النص ذات الطابع الدولي في التطبيق على النص المحلي.
فانضمام الدولة إلى أي اتفاقية دولية وعدم تحفظها على أي من بنودها؛ يوجب عليها الوفاء بما تعهدت به دوليا وعكس تلك الأحكام على تشريعاتها بحيث تتواءم مع الممارسات الدولية في ذات السياق، ولا تشذ عنها بما يجعلها بيئة غير جاذبة للاستثمار.
وهذا ما أكدته المادة الثانية من نظام المحاكم التجارية في نصها “دون إخلال بما نصت عليه الأنظمة التجارية والاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفًا فيها، تسري أحكام النظام واللائحة على المحكمة والدعاوى التي تختص بنظرها”، ولتفنيد آلية تطبيق هذا الحكم حددت المادة الثانية من اللائحة ترتيب النصوص من حيث أولوية التطبيق، وأعطت الفقرة الأولى الأولوية للنص الوارد في اتفاقية دولية تكون المملكة طرفًا فيها، ثم تلى ذلك النص الإجرائي الوارد في الأنظمة التجارية، ثم النص الوارد في نظام المحاكم التجارية ولائحته التنفيذية.
ومما سبق بيانه تجلى التأكيد على أن النص الوارد في اتفاقية دولية تكون المملكة طرف فيها يرجح في التطبيق على النص الوارد في الأنظمة المحلية في حال تعارض النصوص، مالم يرد استثناء خاص في نصوص النظام المحلي كما هو الحال في نظام ضريبة الدخل حيث نصت المادة الخامسة والثلاثون على أنه “عند تعارض شروط معاهدة أو اتفاقية دولية تكون المملكة طرفًا فيها مع مواد وأحكام هذا النظام، تسري شروط المعاهدة أو الاتفاقية الدولية باستثناء أحكام المادة الثالثة والستين من هذا النظام المتعلقة بإجراءات مكافحة التجنب الضريبي”.
وفي حال سكتت النصوص ذات الطابع الدولي عن تنظيم مسألة، ونُظمت بموجب الأنظمة المحلية فيطبق هذا النص المحلي بالقدر الذي لا يتعارض فيه مع النص الأولى بالتطبيق.
وكل ذلك يفسر سبب سريان نظام العلامات التجارية بجانب القانون الخليجي للعلامات؛ دون أن يلغي أحدهما الآخر، فيطبق قانون العلامات التجارية الخليجي كأصل وفيما لم يرد به نص يُرجع إلى نظام العلامات التجارية المحلي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال