الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تحدثت بعض التقارير الصحفية عن أن المصارف بدأت أو ستبدأ فعليا في برنامج التمويل الإضافي للسكن، فكما نعلم أن مجموعة من الخطوات اتخذتها وزارة الإسكان تهدف إلى إيجاد تنوع في الحلول لمواجهة الاحتياج الكبير للأفراد للسكن، فبعد أن تم زيادة التمويل الذي يقدمه صندوق التنمية العقاري من 300 ألف إلى 500 ألف، وذلك قبل عدة سنوات، وذلك لتغطية الفرق في الأسعار في تكلفة البناء الذي زادت تكلفته بسبب الزيادة في تكلفة اليد العاملة، والزيادة في تكلفة بعض مواد البناء، ولكن مع ذلك ما زال المجتمع يواجه مشكلة أخرى تتعلق بأسعار الأراضي، التي أصبحت عالية جدا وقيمتها تفوق أحيانا تكلفة البناء، مما يعني أن الزيادة في تكلفة الأرض لا يستطيع معها المواطن أن يوفر المكان الذي سيبنى فيه، خصوصا في المدن الرئيسة، التي ترتفع بها الأسعار بصورة أكبر من المدن الصغيرة أو غير الرئيسة، ولهذا كان من الحلول أن يمكّن المواطن من الحصول على تمويل إضافي ليس من خلال صندوق التنمية العقاري، ولكن من خلال البنوك، حيث يتم التنسيق مع بعض المصارف التي لديها الرغبة في تقديم هذا التمويل ليتمكن المواطن من الحصول على مبلغ أعلى، ولكن دون تكلفة إضافية في المبلغ الذي يقدمه صندوق التنمية العقارية فتخف على المواطن تكلفة التمويل.
هذا الإجراء سيجعل شريحة أكبر من المواطنين يقبلون بصورة أكبر على شراء المساكن، خصوصا أنه يعتبر أولوية للعائلة بدلا من السكن في شقة صغيرة بالإيجار، وهذا لا يحقق الاستقرار لها. الحديث عن العقار واحتمالات الارتفاع والانخفاض يجد صدىً إعلاميا كبيرا بسبب أهمية الموضوع للمواطن، ففي الوقت الذي يعتقد بعض الخبراء يقينا أن العقار ستنخفض أسعاره، يجزم البعض الآخر أن رحلة الصعود للأسعار لم تنته بعد، بل ما زال للارتفاع بقية، وبعيدا عن هذا وذاك، فإن سنة الكون أن الارتفاع والنزول أمر وارد على كل شيء ليس فقط الأراضي والعقارات، بل السلع الأخرى مهما كانت أهميتها، ولكن هل الارتفاع في الأسعار في حد ذاته مشكلة وعائق لإيجاد حلول لمعالجة احتياج السكن؟
الحقيقة أنه لا يمكن تجاهل مسألة ارتفاع أسعار الأراضي في إعاقة البرامج الحكومية لتمكين المواطنين من الحصول على سكن في الوضع الحالي، بسبب أن الأراضي المناسبة التي يمكن البناء بها وقريبة من مركز المدينة والخدمات مملوكة غالبا، وهذا يعوق من تمكين المواطن من الحصول على منحة أرض للبناء عليها، ومع ذلك لو افترضنا انخفاضا يصل إلى 30 أو 40 في المائة في أسعار الأراضي سنجد أن البعض لا يستطيع الشراء باعتبار أنها ما زالت أسعارها مرتفعة، كما ستجد أيضا أن تملك العقار سيبقى عائقا، بل قد يحدث طفرة في تكلفة البناء والمواد بسبب إقبال بعض المطورين على شراء العقارات والبناء، وهذا قد لا يفيد كثيرا في توفير السكن للمواطن أو يمكن بصورة أخرى أن نقول إنه لا يمكّن المواطن من الحصول على مسكن بسعر مناسب، وهذا ما يجعل حلا مثل التمويل الإضافي خيارا يمكن أن يستفيد منه البعض، ولكن ينبغي أن تستمر الوزارة في إيجاد أفكار بالمشاركة مع القطاع الخاص في العمل على توفير مساكن قليلة التكلفة أو السعي للترخيص للشركات التي يمكن أن تقدم البناء الجاهز خصوصا أنه وبوجود برنامج التمويل الإضافي فإن العميل مضطر إلى البحث عن منزل جاهز، وقد تختلف كفاءة المطورين العقاريين، ما يجعل المواطن أمام مخاطر خلل البناء الذي سيؤدي إلى تكاليف إضافية.
كما أن من الحلول التي دائما ما تطرح مسألة الرسوم على الأراضي، التي تستفيد من الخدمات، وهذا لا يؤثر فقط في وفرة المعروض من الأراضي، بل أيضا يفيد الجهات، التي تقدم الخدمات مثل الكهرباء والمياه وغيرها من تغطية تكاليفها، خصوصا عندما تتحدث هذه الجهات عن حاجتها إلى تمويل كبير لتوفير الخدمات للمواطنين، في حين أن مساحات شاسعة داخل النطاق العمراني تتمتع بكامل الخدمات ولا يستفاد منها في أي نشاط اقتصادي، ليس هذا فقط، بل إن بعض المناطق القديمة داخل بعض المدن الرئيسة والتي بها خدمات متكاملة أيضا لا يوجد خطط لتطويرها وإعادة تنظيمها، حيث تكون مناسبة لسكن المواطنين، خصوصا أن هذه المناطق بدأت تزداد بسبب رغبة المواطنين في الانتقال إلى الأحياء الجديدة.
الخلاصة أن التمويل الإضافي حل جيد للبعض، ويعزز من تنوع الخيارات والحلول، التي يمكن أن تقدمها وزارة الإسكان، ولكن من المهم التفكير في أكثر من خيار بعيدا عن النقاش الحاد المتعلق بارتفاع أو انخفاض أسعار العقار، إذ إن انخفاض الأسعار لا يعني بالضرورة أنه تمت تلبية احتياج المواطنين للسكن.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال