الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يوجد لدى الاقتصاد السعودي طاقة كامنة وسعة غير مستغلة، كثيرا ما يتم تجاهلها رغم أنها أحد المحاور الأساسية لخطة التحول الوطني. فعندما نتحدث عن المنشآت الصغيرة والمتوسطة ننحى دائما إلى الاختراع والابتكار والاقتصاد المعرفي وصناعة المعلوماتية.
وهو أمر محمود، كون هذه البوابة هي الطريق الأقصر لتحديث الاقتصاد وتنميته بشكل فاعل. ولكن طريق تعزيز مكانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يحتاج بالضرورة إلى أن يمر عبر الاقتصاد المعرفي. فهذه المنشآت قبل أن تلجأ إلى الابتكار والاختراع، هي في البداية بحاجة إلى تلبية الطلب المحلي، بطريقة محلية، في أبسط صور الطلب على السلع والخدمات. فكما استوعبنا أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في توفير الوظائف، فإن علينا ألا نضع الحصان أمام العربة ونطالب هذا القطاع بتوفير وظائف تقنية وإدارية عالية المؤهلات، إنما علينا استهداف مراكمة الخبرة.
الاقتصاد السعودي لديه سوق استهلاكية كبيرة، قد تعاني في بعض جوانبها فرط الاستهلاك، ولكن حتى لو تم تعديل هذا التشوه، تبقى السوق السعودية هائلة الحجم ومن أكبر أسواق المنطقة. وهو انعكاس طبيعي لحجم الصناعة النفطية والبتروكيماوية الكبير، وما يترافق مع هذه الصادرات من تدفقات نقدية. وهنا تكمن السعة الكبيرة للاقتصاد السعودي.
فحتى عملاق التصدير الصيني عاد للتركيز على تنمية الاستهلاك المحلي للحفاظ على معدلات نموه وإيجاد عمق يخفف آثار الأزمات العالمية في الاقتصاد الصيني. أما عن كون هذه السعة غير مستغلة، فالسبب لأن المنشآت الصغيرة تدار بأيد عاملة أجنبية عوضا عن المواطنين.
فعلى الرغم من ضعف إسهام المنشآت السعودية الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي، إلا أنها تبقى الموظف الأكبر حيث تستوعب ما يقارب تسعة ملايين عامل وافد.
قصر العمل على السعوديين في القطاعات التي يمكن لهم الدخول إليها بسرعة له فوائد متعددة، بدءا من التوظيف الكامل للمواطنين وخفض تحويلات النقدية للعمالة إلى الخارج، ولكن أهمها هو إيجاد ثقافة العمل وريادة الأعمال.
وهو ما سيهيئ البيئة الصالحة لرعاية الاقتصاد المعرفي. فدخول الشاب السعودي إلى السوق وعمله على تلبية الاحتياجات المحلية هو ما سيجعله قادرا على اكتشاف مكامن جديدة لتطوير طريقة أداء الأعمال وكذلك ابتكار نماذج أعمال جديدة. فثقافة العمالة الرخيصة الوافدة اعتمدت بشكل أساس على التكلفة المتدنية للأجور بدلا من ثقافة خدمة العميل وإرضاء الزبون أو حتى الابتكارية.
وبعد أن يتمكن السعودي من تلبية الطلب ومع تراكم الخبرة، ستبدأ عمليات توسع الأعمال في سلاسل القيمة المضافة للخدمات والمنتجات المقدمة، لإيجاد صناعات أكثر تقدما.
لتحقيق هدف تراكم الخبرة، فإن القطاع يحتاج إلى صدمة مؤلمة أول الأمر في تحجيم دور العمالة الرخيصة في السوق حتى يتمكن السعودي من استعادة سوقه واكتساب الخبرة. وكذلك يجب ألا تتحرج الهيئات والصناديق التي تؤسس لها الدولة اليوم من تمويل ودعم مشاريع بسيطة كالمغاسل والمتاجر طالما أنها تدار بسواعد سعودية. فالمشاريع عالية التقنية والمحتوى ستأتي لاحقا.
نقلا عن الاقتصادية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال