الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جامعة طيبة –محاضر في تخطيط التعليم واقتصادياته
albadranib@
يبدو أن برامجنا التعليمية تتميز بكرم حاتمي منقطع النظير، يغلب على كل قصص الكرم اللي نقرأ عنها في تاريخنا العربي، فقصص التراث العربي في الكرم لا تتجاوز حد الهبة والتضحية الوقتية.
أما برامجنا التعليمية فقد تجاوزت هذه المرحلة بمراحل وليس بخطوات، ولأن الكلام بدون استشهاد أو برهان هو مقدمة قد تكون مملة؛ فسوف أنتقل إلى صلب الموضوع مباشرة.
لو رجعت إلى دليل التخصصات في مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية 2015 الذي تصدره وزارة التعليم، فصدق أو لا تصدق أنه يوجد لدينا 37 برنامج في العلوم الهندسية والصناعات لمرحلة البكالوريوس مقدم للطالبات، وصدق أو لا تصدق أنه يوجد لدينا 5 برامج في ذات التخصص لمرحلة الماجستير مقدم للطالبات، ويوجد لدينا برنامج دكتوراه في ذات التخصص مقدم أيضًا للطالبات.
بل إنه يوجد لدينا في جامعاتنا 4 برامج لمرحلة الماجستير في تخصص الزراعة مقدمة للطالبات، وبرنامج لمرحلة الدكتوراه في ذات التخصص مقدم للطالبات، ولايوجد أي برنامج بكالوريوس في هذا التخصص يقدم للطالبات.
ولست من المعارضين لتدريس فتياتنا هذه التخصصات، بل بالعكس مع ندرة الوظائف ومع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 .
هذه أنسب مرحلة لتدريس الفتيات هذه التخصصات إذا توفر لهن الجو المناسب لتدريسهن ولعملهن.
ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهني هو؛ ما هو مستقبل خريجات هذه التخصصات الان؟ أين سيعملن؟ ماهي الجهات التي سوف تستقطبهن أو توافق على تعيينهن، هل وزارة الزراعة تعلن عن وجود وظائف لخريجات الزراعة يحملن درجة الدكتوراه في التخصص أو الماجستير، لأنه لا توجد لدينا مرحلة بكالوريوس للطالبات في هذا التخصص.
هل سوف تعلن شركة أرامكو أو سابك أو الكهرباء أنهن بحاجة إلى مهندسات؟ هل ستعلن الأمانات العامة إلى حاجتها إلى مهندسات في مقار البلديات؟
أم أن خريجات هذه التخصصات؛ سيهاجرن إلى الدول المجاورة لكي يجدن العمل المناسب لتخصصاتهن، أم ندرس فتيات الدول المجاورة في هذه التخصصات؟
إن كلفة إعداد طالبة في هذه التخصصات وبالأخص في مرحلة الماجستير والدكتوراه هي أضعاف مضاعفة لكلفة إعداد الطالب، ولكن إلى أين ستذهب هذه الكلفة في النهاية؟!
حتى القطاع الخاص؛ هل ستسمح الأمانة بالتصريح لمهندسة بفتح مكتب هندسة والإشراف على مهندسين أو مهندسات، وإلى من سيكون هذا المكتب موجه؟ هل سيخضع لشروط وضوابط محددة؟
فتح التخصصات للعلم والتزود بالمعرفة أمر جميل جدًا، لكن تخصصات بهذه الكلفة وبمراحل متقدمة وهي مرحلتي الماجستير والدكتوراه، يحتاج كثيرًا إلى إعادة النظر.
وببساطة؛ فتح التخصصات وتعددها لا يعني التقدم العلمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال