الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في بداية الأسبوع الحالي تناقلت الأخبار موضوع قيام شركة الاتصالات السعودية بشراء حصة إضافية في شركة كريم تضاف إلى حصتها الأساسية التي اشترتها قبل عدة سنوات. حسب الأرقام التي نشرت فإن قيمة شركة كريم أصبحت تساوي مليار دولار.
الشركة تأسست في دبي عام ٢٠١٢ وهي تحقق نموا كبيرا سنويا في عملياتها وأيضا في عدد المستثمرين ونوعيتهم. تتضمن لائحة المستثمرين شركات عملاقة مثل الاتصالات السعودية والطيار للسفر إضافة الى شركة أبراج للاستثمار وعدد آخر من الشركات الاستثمارية التي ضخت أموالا في الشركة تساعدها على التوسع. الثلاثي الذي أسس الشركة عمل بطريقة احترافية وغير معتادة بالنسبة لرواد الأعمال في منطقتنا. الطريقة ليست غريبة أو مبتكرة بل هي ما يتبعه رواد الأعمال في العالم اذا رغبوا في توسيع مشروعاتهم لتصبح عملاقة ومن ثم تحقيق ثروة كبيرة منها.
الأسلوب المتبع يعتمد على وضع الخطط الاستراتيجية ثم البدء بتنفيذ المشروع وبعد ذلك البحث عن مستثمرين كبار يشترون حصصا في الشركة ويضخون الأموال. وتتم عملية بيع الحصص على مراحل حيث تزيد القيمة بعد كل مرحلة لأن المشروع يصبح أوضح وأقرب لتحقيق النتائج مما يعني تلقائيا زيادة قيمة حصة المؤسسين وثرواتهم تدريجيا.
معظم ما نسمع عنه من مشاريع رواد الأعمال في المنطقة بعيد كل البعد عن نجاح شركات مثل كريم رغم كل الضجة التي تصاحب تلك المشاريع إعلاميا وتسلط الضوء على صاحب المشروع فيصبح نجما في وسائل الاعلام ومنظّرا في وسائل التواصل رغم أن قيمة مشروعه لا تساوي حتى نسبة صغيرة جدا من المشاريع الكبيرة الناجحة.
يمكننا من خلال متابعة التعليقات التي صاحبت الخبر المذكور أن نستنتج أسباب عدم نمو الكثير من المشاريع الرائجة في منطقتنا، رغم أن بعضها لديه الإمكانية لذلك. تعليقات كثيرة ذكرت أن مشروع كريم هو مجرد تقليد لأوبر وبعضها ذكر أن الاستثمارات هي فقط بناء لعلاقات شخصية وهناك من قال أن المشروع فاشل وكل من استثمر وضخ الأموال سيخسر فيما بعد. التعليقات لم تغيّر من قيمة الشركة ولم تؤثر على خططتها المستقبلية التي تهدف الى تحقيق أرباح كبيرة لكل من استثمر فيها.
المختلف في كريم أن المؤسسون عملوا باحتراف وليس بطريقة الهواة الذين لا ينظرون بعيدا. الاحترافية تعني وضع الأهداف البعيدة المدى والعمل على تحقيقها وليس الفرح بتحقيق عوائد مرحلية أو الاحتفال بشهرة معينة. نشاهد الكثير من الشباب الذين أسسوا مشاريع جيدة ولكنهم توقفوا عند حد معين لأنهم يرفضون الاستغناء عن حصص في مشروعهم. لا يعرف هؤلاء الشباب أن إدخال شركاء استثماريين يزيد من قيمة حصتهم أضعافا مضاعفة ويعتقدون أنهم يحافظون على مصالحهم من خلال ملكية كاملة لمشاريعهم. كل مشروع في العالم وصل إلى مرحلة الشركات العملاقة قام مؤسسوه في مراحل البداية بإدخال شركاء كبار لتقوية وضع الشركة أولا ومن ثم للوصول إلى بيع المزيد من الحصص لمستثمرين آخرين. يتم أيضا تحويل الشركات إلى كيانات متكاملة لديها خبراء ماليين وقانونيين واستراتيجيين ولا يقوم المؤسس بكل تلك الأعمال كما يعتقد رواد أعمالنا. بيل غيتس و مارك زوكربيرغ وغيرهم لم يدّعوا أنهم يفهمون بكل شيء ولم يحتكروا كل الإدارة بل أحضروا الخبراء وتفرغوا لأداء عملهم.
بدون شك يحق لكل مؤسس مشروع أن يديره بالطريقة التي تعجبه والأسلوب الذي يناسبه، لكننا بحاجة إلى مشاريع تتأسس وتكبر وتصبح عملاقة لدعم الاقتصاد وخلق فرص العمل وأيضا لتشجيع الشباب على خوض غمار العمل الخاص بعد أن يروا نجاحات غيرهم. الشباب بحاجة لأن يتعود على عملية البحث والقراءة في التجارب ليزيد من سعة أفقه ونظرته ليعرف أن نجاحه من الممكن أن يصل أبعد بكثير مما يتوقع. يحتاجون أيضا إلى استيعاب أنهم لا يعرفون كل شيء وأنهم بحاجة إلى خبراء يعاونوهم في تخصصات مختلفة. الأهم من كل ذلك أن يفهم رائد الأعمال المبتديء أن بيع حصص في مشروعه الصغير لا يعني أنه يستغني عن ملكيته بل هو يضاعف من قيمة حصته الباقية ويقلل المخاطر المتعلقة به.
أتمنى أن نرى مشاريع ناجحة في منطقتنا تكبر وتصبح عملاقة فعليا وأن لا يكتفي أصحابها بالشهرة التي لا تضيف أي شيء للاقتصاد ولا تقدم إضافة للشباب الطموح.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال