الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“رؤية المملكة 2030” أولت المؤسسات غير الربحية عناية خاصة، وفي ظل الاهتمام بتنويع مصادر الدخل والاستدامة في التنمية فإن المؤسسات غير الربحية لها أهمية كبيرة، وقد ورد في “رؤية المملكة” أن تكون مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي 5 في المائة بدلا من الوضع الحالي الذي لا تتجاوز مساهمة القطاع غير الربحي 1 في المائة، وهنا يعني العمل على رفع نسبة المساهمة الحالية بصورة كبيرة تتجاوز خمسة أضعاف.
في لقاء مع عبدالله النمري، مستشار وزير العمل والتنمية الاجتماعية، الذي تم في الغرفة التجارية في الرياض تحدث عن الأوقاف واستراتيجية الهيئة العامة للأوقاف، وأشار إلى أن الهيئة ستعمل على أن يكون نصيبها ومساهمتها في القطاع غير الربحي يصل إلى النصف بمعنى أن الأوقاف ستسهم ـ بإذن الله ـ في الناتج المحلي بما يعادل 2.5 في المائة، وهذه خطة طموحة ممكنة خصوصا في مجتمع يهتم بالعمل الخيري والاجتماعي فلا تكاد تجد شخصا لديه ثروة في المملكة إلا ويكتب وصية تتضمن إنشاء وقف لغرض من الأغراض، بل بعضهم ينص على أن يكون الوقف بما يبلغ ثلث ماله، وهو أعلى قدر يمكن أن يتصرف فيه الموصي. ونظرا لأن كثيرا من الأوقاف قد تم تخصيصها قبل حركة التنمية التي تشهدها المملكة كانت معظم وصايا أصحابها محدودة.
هذه الأوقاف اليوم أصبحت تبلغ عوائدها الملايين نتيجة للطفرة التي شهدتها المملكة خلال العقود الماضية التي حولت تلك الملكيات من قيم محدودة إلى مبالغ قد تصل إلى مئات الملايين خصوصا في المدن الكبرى في المملكة، ولذلك أصبح من الأهمية بمكان العناية بتنظيم الأوقاف لتكون أكثر كفاءة وفاعلية في تحقيق هدف الموقف وخدمة المجتمع.
الوقف في الشريعة الإسلامية له أهمية كبيرة، فهو أحد أهم مصادر استمرار الأجر بعد وفاة الميت، حيث قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم، “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”، وهذا ما جعل كثيرا من أبناء المجتمع يحرص على إعداد وصيته وأن تتضمن وقفا منصوصا عليه أو يحددها بثلث ماله.
الوصول إلى نسبة ما يقارب 3 في المائة من مساهمة الأوقاف في الناتج المحلي في ظل أن مساهمته حاليا متدنية جدا لا شك أنه أمر ليس باليسير، وهو يحتاج في الوقت ذاته إلى مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تحقق ذلك ومنها:
أولا، رفع كفاءة مؤسسات العمل الخيرية والاجتماعية والأوقاف من خلال الاهتمام بتعيين القيادات ذات الكفاءة العالية وأن يكون للهيئة العامة للأوقاف برنامج أو دبلوم لناظر الوقف وقيادات المؤسسات الخيرية، ينتهي بشهادات أو اختبارات للحصول على رخصة للعمل في هذا المجال، وأن يكون جزءا من الوظائف الخاصة بالمؤسسات الخيرية وظائف دائمة وأن يكون لهذه المؤسسات جهات تراجع قوائمها المالية بشكل دوري على غرار ما يتم في الشركات المساهمة في حال كانت هذه المؤسسة الاجتماعية أو الخيرية تحصل على موارد مالية من عموم أبناء المجتمع.
ثانيا، العمل على تحديد مجالات أوسع للاستثمار الوقفي، فالأغلب اليوم يعتمد على العقارات كأوقاف والاعتماد على شكل واحد من الاستثمارات قد يؤثر في موارد الوقف ويعرضه بصورة أكبر للمخاطر، فتنوع محفظة الوقف مهمة لاستدامة موارده.
ثالثا، أهمية إنشاء مشاريع عملاقة تخدم المجتمع ويكون مصدرها مساهمة من الأفراد كوقف، فكما نعلم أن أغلب رجال الأعمال يخصص جزءا من ماله للوقف لكن عموم الناس الذين لا يملكون ما يكفي لتخصيص عقار كوقف لا يمكنهم تخصيص وقف من أموالهم، ويوجد حاليا بعض المؤسسات الاجتماعية التي تجمع الأموال بغرض إنشاء الأوقاف أو شراء عقارات، ولكن تبقى هذه مبادرات أقل ما يمكن أن يسهم فيه المجتمع، خصوصا أن هذه المبادرات لم تصل إلى الاحترافية الكافية التي يتمتع بها العمل المؤسسي.
رابعا، أهمية مشاركة الأوقاف ببعض عوائدها لجهة محددة تعينها الهيئة العامة للأوقاف بغرض الحصول على خدمات مشتركة فيما بينها مثل الاستشارات بصورها المختلفة، وأن تتضمن تأمينا على ممتلكاتها في حال حصول أي ضرر يمكن أن يعوض الوقف المتضرر من هذه المبالغ.
فالخلاصة أن الأوقاف لها أهمية كبيرة في المجتمع، و”رؤية المملكة” تعول على مساهمة فاعلة من المؤسسات غير الربحية ومنها الوقف، وهنا تأتي أهمية تطوير الأوقاف ليكون لها أثر أكبر في المجتمع وتحقق بصورة أكبر هدف الموقف في أن يكون له مساهمة فاعلة في المجتمع بما يعود عليه باستمرار الأجر والثواب له بعد وفاته.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال