الثلاثاء, 16 يوليو 2024

كيف يعيش أصحاب الثراء الفاحش في الهند؟

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

50

هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن تعكس الطموحات الكبيرة لأثرياء الهند أكثر من مجرد امتلاك جزء من أعلى مبنى في العالم.

في عام 2005، دفع رجل الصناعة الهندي بافاغوثا راغورام شيتّي، المقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة، مبلغ 45 مليون درهم إماراتي (نحو 25.12 مليون دولار أمريكي) لشراء الطابق 100 من “برج خليفة”، وهو ناطحة سحاب في دبي يبلغ ارتفاعها مثلي ارتفاع مبنى “إمباير ستيت” في مدينة نيويورك، إذ يبلغ الارتفاع الكلي للبرج 828 مترا.

اقرأ المزيد

قد لا يرى أكثرنا ذلك المبلغ من المال طوال حياته. لكن ذلك لم يكن إلا عملية شراء أخرى يجريها الرجل الهندي البالغ من العمر 71 عاماً. فهو يملك ويدير امبراطورية أعمال في مجالي الرعاية الصحية والصرافة.

كتب شيتّي في رسالة إلكترونية يقول في وصف برج خليفة: “إنه من المعالم البديعة، ومشهور بمعماره الرائع، وذو مستوى عالمي في الرفاهية. القدرة على شراء جزء من هذا الهيكل الفريد ليس إلا امتيازاً مطلقاً، ومدعاةً لفخر عظيم. أقل ما يوصف به المنظر هو أنه ساحر. باستطاعتك أن ترى دبي بأكملها، وكل معمارها الجميل.”

شيتّي هو واحد من عدد متزايد من الهنود ممن لهم القدرة المالية الآن لشراء الأماكن الفاخرة والجميلة. ومع أن الملايين من الهنود مازالوا يعيشون في فقر مدقع، إلا أن عدد الأفراد من ذوي الثراء الفاحش (ممن تصل أصول استثماراتهم إلى 30 مليون دولار أمريكي أو تتجاوز ذلك) يتصاعد بسرعة.

يأتي تصنيف الهند في المرتبة الـ 16 على قائمة الدول التي تضم أفرادا لديهم أصول ثراء فائقة، وذلك حسب دراسة نُشرت عام 2014 من قبل مجلة “كابجيمناي و آر. بي. سي. لادارة الثروات”.

في عام 2013، كان البلد موطناً لـ 156 ألف مليونير. ويُتوقع أن يزداد العدد في عام 2018 ليصبح أكثر من 358 ألف شخص، وذلك حسب شركة “ويلث-انسايت”، ومقرها بريطانيا. وتقوم هذه الشركة العالمية بتتبع الأثر الذي تحدثه مثل هذه النخبة من الأثرياء.
قائمة الأثرياء

يهيمن على قائمة أثرياء الهند رجال أعمال شباب، ونخبة من العائلات الصناعية، وأصحاب المصالح التجارية. وقد انطلقت ثروات هؤلاء، في جزئها الأكبر، بنمو رأس مال الأسهم في القطاع الخاص، وتجارة المواد الاستهلاكية، وارتفاع قيم العقارات المملوكة.

هناك تكهنات بنمو مجموع ثروة أغنياء الهند بنسبة تقرب من 44 في المئة ما بين عامي 2014 و2018. ومن المحتمل أن ترتفع لتصل إلى ما يقرب من تريليوني دولار أمريكي بنهاية فترة الأربع سنوات هذه، حسب “ويلث-انسايت”.

لا يحرص فائقو الثراء من الهنود على تكديس ثرواتهم فقط، وإنما يعيشون ببذخ أيضاً. ومثل نظرائهم في أي مكان آخر، يعجبهم أن يتباهوا بما ينفقوه على أشياء لا مثيل لها، والمرور بتجارب نادرة في الحياة، في استعراض لثرواتهم الوفيرة.

المعروف عن شيتّي أيضا ولعه بالسيارات الفاخرة، ويقال إنه يملك مجموعة كاملة منها. وحسب مجلة “فوربس”، تحوي مجموعته أسطولاً من سيارات رولز-رويس ومايباخ.
امتلاك العقارات

القِ نظرة فاحصة على أية صفقة عقارية راقية، فربما ستجد فيها أثراً لمستثمر هندي. إن فائقي الثروة في الهند قد وضعوا ما يقرب من 44 في المئة من صافي ثرواتهم في العقارات، حسب البيانات المتوفرة من “نايت فرانك”.

ويتصدر أصحاب الجنسية الهندية قائمة المشترين الأجانب للروائع المعمارية في دبي. ويتضمن ذلك “برج خليفة” الشامخ، حسب إحصائيات “قسم الأراضي” بامارة دبي.

“يؤلف الهنود جزءا معتبراً من المستثمرين الأجانب لدينا”، ذلك ما تقوله نيفين وليام، المديرة المشاركة للحسابات في شركة للعلاقات العامة تعمل لصالح شركة “إعمار العقارية”، وهي الشركة المتعهدة ببناء “برج خليفة” ذي الـ160 طابقاً.

وتضيف وليام: “إن القرب الجغرافي، حيث المسافة بالطيران هي فقط أربع ساعات، والعدد الكبير من السكان الهنود في المنطقة، إضافة الى الأواصر التجارية القوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والهند هي جميعاً عوامل محركة لهذا النمو.”

إن الطلب على العقارات الفاخرة الأخرى في دبي كبير، ويشمل ذلك عقارات “جزر النخيل” التي تعتبر أضخم جزر صناعية، صُمِّمت على شكل شجرة نخيل.

تقول ريبيكا ريس، مديرة العلاقات لوسائل الإعلام في شركة “النخيل”، وهي الشركة المتعهدة ببناء هذه المجموعة الضخمة من العقارات: “يشكل المستثمرون الهنود نسبة كبيرة من المستثمرين في مشاريعنا”.

وتضيف: “تغطي مشترياتهم جميع العقارات المتنوعة لأطياف ’جزر النخيل‘ امتداداً من العقارات الفاخرة المطلة على الشاطئ، وحتى أماكن الإقامة متوسطة-المدى ضمن تجمعاتنا السكانية في دبي.”

وبحسب وكالة “ويذريل” العقارية المختصة ببيع وشراء العقارات بمنطقة “ميفير” الراقية في لندن، ببريطانيا، يشكل الهنود أكبر مجموعة من المشترين الأجانب في هذه المنطقة السكنية الراقية، مؤلفين بذلك نسبة 25 في المئة من كامل عمليات شراء العقارات.

وتقول الوكالة إن الهنود يأتون بالمرتبة الثانية فقط بعد المشترين البريطانيين، وهم يتقدمون بكثير على المشترين الآسيويين ومن قارة أوروبا (19 في المئة من مجموع المشترين). أما المشترون من الروس والشرق الأوسط، فهم يشكلون نسبة 13 في المئة من مجموع المشترين لكل منهما.

وحسب هذه الوكالة، أنفق الهنود في عام 2013 ما يقرب من 450 مليون جنيه استرليني (703 ملايين دولار أمريكي). مقابل شراء 221 عقاراً سكنياً في قلب لندن، بما في ذلك مناطق “ميفير”، و”سانت جونز وود” و”بيلغرافيا”.

وتشترك الهند بعلاقات تاريخية مع بريطانيا، حيث كانت مستعمرة بريطانية سابقة. ويشعر العديد من الهنود بألفة طبيعية مع تضاريسها الجغرافية.

“يرجع استثمار الهنود في العقارات الفاخرة بلندن إلى العهد الادواردي، عندما امتلك بعض الأمراء الأغنياء من الهنود قصوراً في العاصمة، أبرزهم الأمير نظام، أمير حيدرآباد. فقد امتلك هذا الأمير “حيدرآباد هاوس” الواقع في رقم 6 بشارع “بالاس غرين” بمنطقة “كنزنغتون”. كما اشترى عقارات لعائلته بمنطقة “ميفير” و”بيلغرافيا”، حسبما يوضح بيتر ويذريل، المدير التنفيذي لوكالة ويذريل، في رسالة إلكترونية.

وأضاف أن أصحاب المليارات من الهنود يملكون أيضاً بعضاً من أهم فنادق منطقة “ميفير”.

فعلى سبيل المثال، أحد معالم المنطقة هو “فندق غروفنر هاوس”، وتملكه مجموعة شركات “صحارى إنديا باريوار”. ويرأس هذه المجموعة رجل الأعمال الهندي سوبراتا روي، الذي اشترى الفندق في عام 2010 بمبلغ 470 مليون جنيه استرليني (734.6 مليون دولار أمريكي).

أما في الولايات المتحدة، فإن الهنود يشكلون رابع أكبر مجموعة من مشتري العقارات، بعد الكنديين والصينيين والمكسيكيين، بحسب “الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين”، ومقرها في شيكاغو.
الطائرات الخاصة تكثر

إن الرمز الدال على ذروة المنزلة المرموقة هو الطائرات الخاصة. إنها من الكماليات الواجب امتلاكها بين الهنود الذين يحبون السفر. ويشكل المستهلكون الهنود نسبة 12 في المئة في السوق العالمية للطائرات الخاصة، حسب مكتب الاستشارات “فروست آند سوليفان”.

واستناداً الى الاحصائيات التي وفرها “رافيندر كور”، مدير الاتصالات بالشركات في منطقة جنوب آسيا بمكتب “فروست آند سوليفان”، يملك الأثرياء الهنود ما مجموعه 142 طائرة خاصة. وتتراوح أسعار الواحدة منها ما بين 4.5 مليون دولار للطائرات الخفيفة، و310 ملايين دولار للطائرات الضخمة. وتتضمن قائمة مالكي هذه الطائرات نبلاء من أمثال الأخوين موكيش وأنيل أمباني، فيجاي ماليا، لاكشمي ميتال، راتان تاتا، وغوتام سنغانيا.

تتوقع شركة “بومبارديا” لصناعة طائرات رجال الأعمال أن تسلّم 1215 طائرة إلى الهند في الأعوام ما بين 2014 و2033. ويقول أتيش ميشرا، المدير العام لعمليات الطيران في شركة “خطوط تاج”، وهي شركة لتأجير الطائرات في مومباي: “إن الجيل الحالي من أصحاب المليارات الهنديين يدرك تماماً منافع استخدام طائرة خاصة.”

“بالنسبة للأفراد من ذوي القيم فائقة الثراء، الوقت له أهمية عظمى. كما توفر لهم الطائرة الخاصة السرية التي يريدونها، إضافة إلى المرونة لوضع جداول الأعمال الخاصة بهم.”
اليخوت الفاخرة

إن إحدى دلالات التفرّد المهيبة بالنسبة لأثرياء الهند هي اليخوت الفاخرة. نمت السوق الهندية للقوارب واليخوت المترفة بما يقرب من 10 في المئة خلال السنوات القليلة الماضية. ذلك ما أشار إليه تقرير لصحيفة “إيكونوميك تايمز”، وهي يومية ورائدة في مجال المال والأعمال في الهند.

وتتوافق هذه النسبة مع تكهّنات سوق المنتجات الفاخرة، إذ بلغت 7.58 مليار دولار في عام 2012. ومن المتوقع أن تصل إلى 15 مليار دولار في نهاية هذا العام، 2015.

ونظراً لعدم كفاية البنية التحتية في وطنهم، يُجبَر العديد من الأثرياء الهنود على ترك يخوتهم الفاخرة لترسوا في موانيء عبر البحار والمحيطات، بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة، وحوض البحر الأبيض المتوسط.

إحدى هذه اليخوت هو “إمبراطورة الهند” وهو بقيمة 90 مليون دولار لمالكها فيجاي مالّايا: أحد أكبر رجال الأعمال الهنود ومالك شركة المشروبات “يو بي غروب” و”خطوط طيران كينغ-فيشر”.

بطوله البالغ 312 قدماً، يعد هذا اليخت أحد أضخم اليخوت في العالم. ويستعمله مالّايا لإحياء سهرات الليل التي تتبع توزيع جوائز المسابقة الكبرى لسباقات الفورميلا وان؛ إذ يملك مالّايا أيضاً فريق “فورس إنديا” المشارك في هذه السباقات.
السفريات السياحية خارج البلد

قضاء العطلات بالخارج يأتي على رأس جدول أعمال الموسرين الهنود. وكغيره من أعضاء نادي الأثرياء الحصري هذا، يعمل شيتّي بجدّ ومشقة. إلا أنه يحب أخذ استراحة من الروتين المرهق ليقضيها في “سويسرا، والنمسا، وغيرها من بقاع الأرض، حيث توجد وفرة من جمال الطبيعة”، كما يقول نيكهيل كانجي، مدير موقع تنظيم السفريات على الإنترنت “ترب-أدفايزر” في الهند.

وكتب كانجي في رسالة إلكترونية يقول إنه يلاحظ زيادة في أعداد الهنود الذي يرغبون في السفر للسياحة خارج الهند.

استناداً إلى آخر إحصائية للموقع، فإن 66 في المئة من الهنود رتّبوا سفرياتهم خارج الهند في عام 2014، بزيادة 21 في المئة عن عام 2013.

ونشرت “كوتاك لإدارة الثروات” و”إرنست آند يونغ” تقريراً تتبّعت فيه طبائع أثرياء الهند في إنفاقهم على عطلاتهم. وجاء في التقرير أن قرابة 50 في المئة منهم يستمتعون بثلاث رحلات مُترفة في العام الواحد، لينفق كل واحد منهم أكثر من 40 ألف دولار سنوياً من أجل الاسترخاء.

وبينما تظل دبي وسنغافورة الأكثر شعبية كوجهة تسوق جذابة لهم، إلا أن العديد منهم يفضل قضاء العطلات في حوض البحر المتوسط، أو البحر الكاريبي، حسبما لاحظته تلك الدراسة.
تجارة النبيذ الفاخر

يستهوي النبيذ الفاخر جزءا متنامياً من ثروة الهنود. وفي حين أن قسما من هذه السلعة يُشترى من أجل الاستهلاك، يستثمر الكثير من الهنود في ذلك النبيذ الفاخر، كإجراء احتياطي مقابل الاستثمار في العملات الورقية.

وقد زاد عدد الهنود الذين يستثمرون في أنواع النبيذ الفاخر باضطراد، كما يقول روبن كانّا، المدير العام لشركة “تُجار بوردو” في فيينّا، وهو مكتب استشارات استثمارية في مجال النبيذ الفاخر.

يقول كانّا إن زبائنه من الهنود من خلفيات متنوعة، تشمل ملوك رجال الأعمال، وكبار الرياضيين، مروراً بالمشاهير في الفن وغيره.

ويضيف أن بعضهم قد استثمر أكثر من 20 مليون دولار خارج الهند. ويضيف كانّا: “المستثمرون الهنود حذرون جداً، وكثيرو المطالب، مع اهتمامهم الجدي بالتفاصيل.”

ومع ازدياد الطلب، يعمد خبراء النبيذ في الهند على إعداد مصانع للخمور الراقية لإنتاج نبيذ فائق الجودة.

ذات صلة

المزيد