الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُعتبر موضوع ” اقتصاديات الرياضة ” من الفروع التطبيقية المستحدثة في علم الاقتصاد مؤخرًا، حيث يهتم هذا الموضوع بدراسة النشاط الرياضي من وجهة نظر اقتصادية كصناعة لها عرض وطلب على السلع والخدمات في السوق الرياضي ولها تمويل وميزانية ولها أجهزة وإدارة ومنظمات.
وتشير الإحصاءات إلى أن صناعة الرياضة تحتل المرتبة الخامسة في الاقتصاد الأمريكي، حيث بلغ حجم الدخل السنوي لهذه الصناعة نحو 97,6 مليار دولار عام 1999 ، ثم ازداد إلى نحو 155 مليار دولار عام 2003 ، ثم تزايد إلى نحو 212,5 مليار دولار عام 2013 ، بما يمثل ضعف قطاع الصناعة وسبعة أضعاف صناعة الإنتاج السينمائي، حيث تشكل نحو 4 % من الدخل القومي. كما يبلغ عدد الشركات الراعية للأنشطة الرياضية في أمريكا نحو 5000 شركة، كما توفر هذه الصناعة في الاقتصاد الأمريكي نحو نصف مليون وظيفة سنويًا. كما تحتل صناعة الرياضة في الاقتصاد الإيطالي والبرازيلي المرتبة الثانية، وفى الاقتصاد الياباني المرتبة الخامسة، وذلك نتيجة الاستثمارات الكبيرة في هذه الصناعة ومالها من أثار اقتصادية إيجابية.
ومما لا شك فيه أن الرياضة بشكل عام وصناعة لعبة كرة القدم بشكل خاص أصبحت اليوم صناعة المستقبل أو أحد أهم ركائز ومصادر النمو والرخاء الاقتصادي والتطور الاجتماعي للعديد من الدول المتقدمة والنامية على السواء. فقد شهدت الآونة الأخيرة تطورات هيكلية في صناعة لعبة كرة القدم، حيث تزايد الاهتمام بهذه اللعبة بغض النظر عن الحدود الجغرافية والوطنية والثقافية والنوع والطبقات الاقتصادية والاجتماعية. كما ارتفعت أجور البث التليفزيوني المباشر وأسعار تذاكر المباريات وأسعار اللاعبين ومبيعات الإعلانات التجارية وغيرها من الإيرادات الأخرى بصورة كبيرة وبمعدلات تفوق معدلات التضخم العالمي بكثير، وبخاصة بعد انتقال المنافسة عليها من المستوى المحلى إلى المستوى الدولي.
ويرى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم أن كرة القدم هي أكبر مشروع اقتصادي في العالم، ولا توجد شركة تحقق إيرادات أكبر مما تحققه كرة القدم الدولية، حيث وقعت الفيفا عقودًا تلفزيونية بقيمة 1.85 مليار دولار لنقل بطولة كأس العالم لكرة القدم لدورتي (2018) و (2022).
ومن هنا تأتي الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان قد يصل سعر لاعب كرة القدم المشارك في بطولة كاس العالم في بعض الأندية إلى ميزانية شركة عالمية، والأبعد من ذلك فإن ميزانية أحد الأندية الرياضية الشهيرة قد تبلغ أكثر من الموازنة العامة لبعض الدول النامية. ومما يؤكد على أهمية الرياضة كصناعة مؤثرة في اقتصاديات العديد من الدول تزايد حدة المنافسة بين أغلب دول العالم في طلب استضافة الفعاليات والمسابقات الرياضية المتعلقة بجميع الأنشطة، وبالأخص فيما يتعلق بجانب كرة القدم.
ولقد أثبتت التجارب والخبرات العالمية مؤخرًا نجاح الاستثمار الخاص في مجال الرياضة بصفة عامة وفي صناعة كرة القدم بصفة خاصة، حيث أصبحت الأندية الرياضية لكرة القدم في الدول المتقدمة تعمل كمؤسسات اقتصادية وشركات أعمال وفق برامج وأهداف وخطط هادفة إلى توسيع قاعدة المستهلكين وتعظيم الأرباح. كما تتأثر الأندية الرياضية لكرة القدم ببعض المتغيرات مثل معدل الأرباح، ودرجة الأمان المالي، وعدد حضور المشاهدين للمباريات، ودرجة نجاح اللاعبين، ودرجة جودة الدوري الذي تلعب فيه. وقد بدأت بعض الدول مؤخرًا في خصخصة الأندية الرياضية لكرة القدم من خلال بيعهما لشركات استثمارية معينة، حيث يكون النادي الرياضي بمثابة دعاية وترويج لمنتجات هذه الشركات.
ونعود في هذا المقال ونخص كاس العالم لكرة القدم بالذكر، ونقول إن التأهل والمشاركة في كأس العالم لكرة القدم يُعتبر فرصة اقتصادية من الدرجة الأولى التي تساعد في نمو الدول المشاركة في هذه البطولة في كافة الجوانب وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي سواءً على مستوى العائد الكلي أو العائد الجزئي وسواءً على مستوى العائد المباشر أو مستوى العائد غير المباشر. ولعل العائد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المبني على ما حققه المنتخب السعودي من فوز على المنتخب الأرجنتيني سوف يتضح أثره الإيجابي للجميع بمشيئة الله عز وجل وسوف يكون ملموسًا بإذن الله ومستمرًا لعقود وعقود من السنوات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال