الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ضمن سلسلة مقالات الحوكمة نقف في هذا المقال حول حوكمة الجمعيات الأهلية، التي تجسد روح العطاء والتكافل بين الناس وهي أحد المفاخر التي يفخر بها وطننا الغالي، حيث بلغ عدد الجمعيات الأهلية في المملكة العربية السعودية حتى عام 1444ه، (3159) جمعية أهلية، حسب البيانات المنشورة في موقع المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي.
وتعد جمعية أهلية : كل مجموعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة، مؤلفة من أشخاص من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية، أو منهما معاً، غير هادفة للربح أساساً، من أجل تحقيق غرض من أغراض البر أو التكافل أو من أجل نشاط ديني، أو نشاط اجتماعي أو ثقافي أو صحي أو بيئي أو تربوي، أو تعليمي، أو علمي، أو مهني …. إلخ.
ويشرف المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي على الجمعيات الأهلية في المملكة من الناحية التنظيمية والإدارية، ويكون العمل وتنظيم والإشراف والإدارة للجمعيات الأهلية، وفق نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادر وفق المرسوم الملكي رقم (م/8) وتاريخ 19/2/1437ه، واللائحة التنفيذية لنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الصادرة وفق القرار الوزاري 11/6/1437ه .
ونقصد بحوكمة الجمعيات الأهلية : هي مجموعة من القواعد والأسس والنظم التي يتم من خلالها قيادة الجمعية، وتشتمل على آليات تنظيم العلاقات المختلفة بين أعضاء الجمعية العمومية ومجلس الإدارة والقيادات التنفيذية وأصحاب المصالــح، ولإضفاء طابع الشــفافية والمصداقية على الجمعية، بغرض حماية حقوق المستفيدين وتحقيق العدالة والتنافسية والشفافية في القطاع غير الربحي.
وأما أسس تطبيق الحوكمة على الجمعيات الخيرية، فهي ما يلي:
أولا: الالتزام بالتشريعات والنظم والقواعد التي تنظم وتؤطر عمل الجمعيات الخيرية، من خلال أ- الاطار الخارجي: ويقصد به الالتزام بأنظمة وتشريعات الجهات الحكومية أو المشرفة على قطاع الجمعيات الأهلية، وتعتبر أهم الأنظمة التي تحكم الجمعيات الأهلية، (نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ولائحته التنفيذية – ونظام مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية – ونظام مكافحة جرائم مكافحة الإرهاب وتمويله ولائحته التنفيذية – لائحة جمع التبرعات للوجوه الخيرية).
ب- الاطار الداخلي: ما تنشئه الجمعية من أنظمة وقواعد عمل، كالنظام الأساسي، وقرارات الجمعية العمومية، واللوائح المالية والإدارية وغيرها.
ثانياً: الإفصاح والشفافية:
على الجمعيات الأهلية الالتزام بتطبيق مبدأ الإفصاح والشفافية، والإفصاح في واقع الجمعية الأهلية يمكن أن يتركز في العناصر التالية : (تقرير التدقيق المحاسبي الخارجي أو الداخلي – الميزانية المالية – قائمة التدفقات المالية – الاستثمارات – الصرف على المستفيدين).
وكذلك الإفصاح عن جميع الحالات التي تؤدي إلى تعارض المصالح، كتوظيف الأقارب أو التعاقد معهم، أو يكون منسوبو الجمعية من أعضاء مجلس الإدارة أو التنفيذين ممن لهم علاقة مع جهات أخرى تتعاقد مع الجمعية.
ثالثا: المسؤولية والمساءلة:
يقصد بها مسؤولية مجلس الإدارة عن المحافظة على الجمعية، من خلال إشرافهم ورقابتهم، و رسم سياسات مناسبة في إدارة الجمعية، وبناء على الخطط الاستراتيجية.
وفي حال إهمال أو تقصير مجلس الإدارة في إدارة الجمعية، فتتم مساءلتهم ومحاسبتهم، فإذا قصروا في حفظ أموال الجمعية أو أهملوا توزيعها دون مسوغ، فإنهم مسؤولون ومحاسبون من قبل الجمعية العمومية والجهات الاشرافية.
رابعاً: الرقابة:
من خلال الرقابة الداخلية في الجمعية الأهلية على أعمالها من أعضاء الجمعية العمومية على عمل مجلس الإدارة، ورقابة مجلس الإدارة على عمل الإدارة التنفيذية، والرقابة على أعمال الجمعية من خارجها عن طريق المراجع الخارجي والجهات الاشرافية.
خامساً: العدالة :
وذلك من خلال المعاملة المتكافئة للمستفيدين من الجمعية، والعدالة في تحديد المستفيدين بناء على نشاط الجمعية، ومن خلال صياغة معايير لتحديد المستفيدين والمفاضلة بينهم.
وقد اجتهدت الجهات الإشرافية ممثلة بالمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، بوضع معايير للكشف عن مدى الالتزام بالحوكمة، والرقابة عليها، ومن أبرز هذه المعايير:
أولاً : معيار الامتثال والالتزام: ويتم من خلاله قياس مدى امتثال والتزام الجمعيات بالأنظمة واللوائح والضوابط السارية والمنظمة لأعمالها.
ثانياً : معيار الشفافية والإفصاح: ويتم من خلاله قياس مدى استعداد المؤسسات الأهلية لنشر المعلومات عن أسباب وجودها وعن أنشطتها المنفذة وبياناتها المالية واستعدادها لشرح عملياتها لأصحاب العلاقة والجمهور.
ثالثا : معيار السلامة المالية : ويتم من خلاله قياس أداء الجمعيات الأهلية من خلال تقييم الكفاءة والقدرة والاستدامة المالية وكذلك كفاءة التنظيم المالي.
وتكمن أهمية العناية بحوكمة الجمعيات الأهلية لما يلي ة:
أولاً : إن تطبيق الحوكمة في الجمعيات الأهلية يساعد على تحسين الاداء من خلال توزيع المسؤوليات والصلاحيات والمهام فيما بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية للجمعية.
ثانياً : إن حوكمة الجمعيات الأهلية، يكسبها المصداقية لدى المجتمع، والمؤسسات المانحة مما يتيح لها تمويل مشاريعها وبرامجها الاجتماعية.
ثالثا : حوكمة الجمعيات الأهلية بشفافية ودقة مما يزيد من مهنية العاملين والقائمين على الجمعيات الأهلية، ويدل على نزاهتهم ويحفظ سمعتهم.
رابعاً : إن تطبيق الحوكمة في الجمعيات الأهلية يعزز من ثقة المستفيدين، لإدراكهم أن الإنفاق الذي يتم في الجمعيات الأهلية، ويكون وفق معايير محددة، وآلية واضحة، وشروط قائمة، ومواعيد منتظمة.
خامساً : أن الفساد ينمو وينتشر عند غياب الرقابة والشفافية واللوائح والنظم والمساءلة في الجمعيات الأهلية، يؤدي إلى ضياع أصول وأموال وجهود الجمعيات الأهلية، وتشكيل صورة نمطية سيئة عن واقعها.
سادساً : إن حوكمة الجمعيات الأهلية يساعد على توفير المعلومات والبيانات، عن واقع العمل فيها، مما يساعد على إجراء الأبحاث والدراسات حولها، وفق المعطيات والمقدمات الصحيحة، مما يساعد في تطوير بيئة العمل في الجمعيات الأهلية.
ويمكن لنا القول في نهاية هذا المقال أن أغلب ما ورد حول حوكمة الجمعيات الأهلية، ينطبق على المؤسسات الأهلية.
والحمد لله أولاً وآخراً .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال