الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إن تحريم وتجريم “غسيل الأموال” لم يعد يفتقر إلى دليل لوضوح منافاته لقيم الشرع الإسلامي ومبادئه، بل فيه مصادمة للشرع من حيث انتهاك حرمة الضرورات الخمس ، حيث تعد عمليات غسل الأموال مخالفة للدين في حلاله وحرامه، حيث تحليل الحرام وتحريم الحلال لاعتبارات يرونها دون سند دين أو قانون، فضلاً عن كون هذا التصرف ضاراً بدين المتصرف نفسه، حيث أنه لا يراقب ربه ولا يخشى غده.
وكثيراً ما تؤدي عمليات غسل الأموال من حيث المصدر إلى قتل النفس التي أمر الله بحفظها، وليس أدل على هذا من أن ظاهرة الاتجار في الأعضاء البشرية التي قد نمت في الغرب وأصبحت قطع الغيار الإنساني متوفرة في مستشفيات الغرب عن طريق العصابات وتجار قطع الغيار البشري. كما تضر عمليات غسل الأموال بالعقل لأن منشأها كان الاتجار بالمخدرات، ولا يخفى ما للمخدرات من آثار على العقل. كما أن ضررها على المال العام والخاص لا يخفى على أحد.
إن عمليات غسل الأموال قد هزت اقتصاد بعض الدول، كما حدث في جنوب شرق آسيا كما أغلقت البنوك بسبب هذه العمليات، وأعلنت إفلاسها ـ بنك الاعتماد والتجارة الدولي ـ وكم أعلنت شركات إفلاسها بعد المضاربة في البورصات التي اخترقتها عصابات غسل الأموال.
تعتبر عملية غسل الأموال عملية مركبة من عدة جرائم لا جريمة واحدة فهي أولا أموال محرمة لا يصح تملكها او اكتسابها وهى ثانيا تتحول بإجراءات معينة في الظاهر الى أموال مشروعة ظاهرا والحقيقة أنها غير مشروعة، وهى ثالثا محاولة للتهرب من القانون والمسئولية عن كسب هذه الأموال وحيازتها، وهى رابعا كذب وغش وخداع للناس.
وتنعكس هذه الجرائم المركبة آثارا ضارة على المجتمع والاقتصاد، مما حدا بالمسئولين والخبراء الى بيان هذه الخطورة وحجمها وسن القوانين والعقوبات المناسبة لمكافحتها.
سبب التسمية:
للباحثين أراء مختلفة في علة التسمية بـ “غسل الأموال” إلا أن جمهور الباحثين على أن مرد التسمية يرجع للآتي “حينما لاحظ رجال مكافحة المخدرات أن تجار المخدرات الذين يبيعون للمدمنين بالتجزئة يتجمع لديهم في نهاية كل يوم فئات صغيرة من النقود الورقية والمعدنية وعادة ما يتجهون إلى المغاسل الموجودة بالقرب من كل مجمع سكني لاستبدال النقود الصغيرة الفئات بنقود من فئات كبيرة ليقوموا بعد ذلك بإيداعها في البنك القريب من أماكن تواجدهم.
ونظرا لأن فئات النقد الصغيرة عادة ما تكون ملوثة بآثار المخدرات التي ربما تكون عالقة في أيدي تجار التجزئة فقد حرصت المغاسل على غسيل النقود الملوثة بالبخار أو الكيماويات قبل إيداعها في البنوك التي توجد بها حساباتهم ومن هنا جاء الربط بين تجار المخدرات وغسيل الأموال باعتبار أن نشاط الاتجار غير المشروع في المخدرات يمثل حوالي 70% من الأموال غير المشروعة الناتجة عن الجريمة المنظمة على مستوى العالم”.
ويرى آخرون أن التسمية ترجع لأسباب أخرى وأن أول مرة عرف فيها مصطلح غسيل الأموال كان في عام 1350هـ 1931م، عند محاكمة (الفونس كابوني) الشهير بآل كابوني.
ويصفُ هذا المصطلحُ واحداً من أهم الأطوار التي تمر بها الأموال التي تحصلها عصابات المافيا لجعلها تبدو مشروعة والتي تأتي أساساً من أعمال الابتزاز والسرعة والدعارة والقمار علاوة على تهريب المخدرات…. ويعتبر القيام بأعمال مشروعة ثم خلط عائدها من الأموال بالعائد من الأعمال غير المشروعة إحدى الطرق التي كانت المافيا قادرة على اتباعها لفترة طويلة من الزمن….
أما مفهوم :”غسيل الأموال” كمصطلح فيعتبر مفهوماً جديداً وترجع أصول اقتباسه كما يقول (ستيل) إلى جريدة خلال تقرير عن فضيحة (ووتر جيت) في الولايات المتحدة عام 1393هـ،1973م، وأول مرة ظهر فيها المصطلح في الإطار القضائي والنظامي كان في عام 1402هـ 1982م، ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا المفهوم مقبولا وانتشر استخدامه في العالم كله.
ويقول البعض: أن كلمة غسيل الأموال ظهرت في ولاية شيكاغو حيث اشترى رجال الأعمال التابعون لعصابات (المافيا) مؤسسات الغسيل والتي تتم معاملاتها بفئات مالية بسيطة وكان المشرفون عليها يضيفون إلى أرباح مؤسسات الغسل بعض أرباح تجارة المخدرات ليتم تنظيمها دون أن يرتاب أحد في مجموع المبالغ المتحصلة.
وقد استعمل التعبير غسيل الأموال في إطار قانوني في إحدى القضايا في الولايات المتحدة 1982م.
بدأت عملية غسل الأموال بتجارة المخدرات على الراجح نظرا لما تدره التجارة فيها من كسب فائق الوصف والتوقع، إلا أن مجالات الكسب ومصادر التحصيل قد نمت بنمو الزمن وتناسبت تنانسباً طردياً مع الزمن.
مراحل غسيل الأموال:
ثلاثة هي:
1 – التوظيف أو الإيداع:
يتم إدخال الأموال القذرة التي تم تحصيلها من جرائم الاتجار بالمخدرات أو بالسلاح أو بالرقيق الأبيض أو بالأعضاء البشرية أو من أي صورة من صور الجريمة الدولية المنظمة، إلى الجهاز المصرفي دون لفت الأنظار، ثم بعد فترة يتم نقل هذه الأموال إلى الخارج بأية صورة من صور التحويل المصرفي .
2 – التعتيم أو التمويه:
وهي تعتمد على إخفاء علاقة الأموال القذرة بعد دخولها في النظام المصرفي عن مصادرها غير المشروعة عن طريق القيام بالعديد من العمليات المالية المتتالية، الكبيرة الحجم، مخلوطة أو ممزوجة بعمليات مالية قانونية ومشروعة مماثلة. ومن الأساليب المستخدمة في هذه المرحلة، التحويلات المالية الإلكترونية بين البنوك أو المؤسسات المالية غير التقليدية، وتعتبر التحويلات التلكسية أهم أسلوب في مرحلة التغطية
3 – التكامل أو الاندماج:
وهي المرحلة الأخيرة من مراحل غسل المال الحرام، تهدف إلى دمج المال الحرام في الاقتصاد الوطني لدولة صاحبه، وجعله يبدو كالمال الحلال المشروع، حيث يظهر على أنه أرباح مشروعة من أعمال تجارية، يهنأ به صاحبه دون ملاحقة أو مساءلة من أحد عن مصدره وفقاً لمبدأ إسلامي وتشريع كريم يطرحه السؤال من أين لك هذا؟
عقوبة غسيل الأموال:
-السجن بما لا يزيد عن 10 سنوات وغرامة 5 مليون.
-المنع من السفر بعد الخروج من السجن إلا بإذن من وزير الداخلية.
– مصادرة الأموال والمتحصلات والوسائط محل الجريمة.
– إذا اختلطت الأموال والمتحصلات بأموال اكتسبت من مصادر مشروعة فيحكم على هذه الأموال بالمصادرة في حدود ما يعادل القيمة المقدرة للمتحصلات غير المشروعة.
– السجن بما لا يزيد عن خمس عشرة سنة وغرامة مالية لا تزيد عن سبعة ملايين ريال إذا اقترنت جريمة غسل الأموال بارتكاب الجاني الجريمة من خلال عصابة منظمة، أو شغل الجاني لوظيفة عامة تتصل الجريمة بهذه الوظيفة أو ارتكابه الجريمة مستغلاً سلطاته أو نفوذه، أو ارتكاب الجريمة من خلال مؤسسة إصلاحية أو خيرية أو تعليمية أو في مرفق خدمة اجتماعية وصدور أحكام محلية أو أجنبية سابقة بالإدانة بحق الجاني، وبوجه خاص في جرائم مماثلة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال