الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
• يمكن تبسيط معنى التضخم بشكل عام بأنه الارتفاع في مستوى الأسعار والخدمات ومن ثم انخفاض القوة الشرائية لدى المشترى نتيجة لذلك وهو لا يقتصر على ارتفاع محدد لسلعة او خدمة ما بل انه يشمل عدة قطاعات اقتصادية مثل قطاع التجزئة ، قطاع الخدمات الفندقية ، قطاع النقل ، قطاع العقارات وغيرها.
• يعتبر الارتفاع في معدلات التضخم بنسب صغيرة أمرا طبيعياً في الاقتصاد ذلك أنه يحافظ على معدلات الأسعار في حدودها المطلوبة كما أنه يحفز الطلب والإنتاج.
• تؤثر معدلات التضخم المرتفعة على كل من المستهلكين والمنتجين ففي جانب المستهلكين يحصل على منتجات استهلاكية أقل عما كانت عليه قبل الارتفاع أما في جانب المنتجين فالتأثير يحدث نتيجة لارتفاع مدخلات الإنتاج والسلع المرتبطة بعملية الإنتاج أي زيادة التكاليف الخاصة بالإنتاج فضلا عن تأثر عمليات التمويل بسبب ارتفاع معدلات الفائدة مما يرفع من الأسعار.
• يُقاس التضخم عن طريق استخدام الرقم القياسيّ الخاص بسعر المستهلك CPI ( مؤشر أسعار المستهلك) لتتبع معدل التضخم وتكلفة المعيشة في بلد ما ، وهي تتألف من سلة ثابتة من السلع والخدمات وتحسب سعر السلة كمتوسط مرجح لأسعار التجزئة للعناصر المكونة، يتم إصدار مؤشر أسعار المستهلك على أساس شهري.
• هناك نوعان رئيسيان للتضخم: التضخم المعتدل أو الزاحف: ويحدث هذا النوع عندما يرتفع المستوى العام للأسعار بمعدلات بسيطة في فترة زمنية طويلة ، التضخم المتسارع أو الجامح: ويقصد بهذا النوع أن يرتفع المستوى العام للأسعار بمعدلات كبيرة في فترة زمنية قصيرة، كما حدث في بعض الدول بأن وصل معدل التضخم إلى 400 % في فترة زمنية قصيرة.
• يحدث التضخم بعدة أسباب فالتضخم الجامح يحث على المدى القصير وبمعدلات عالية ويكون بسبب أزمات اقتصادية أو سياسية أو كارثة بيئية أو صحية طارئة أما التضخم الزاحف فيحدث على المدى الطويل وبمعدلات قليلة نتيجة للتوسع في العرض أو الطلب أو زيادة التكاليف فَيصل الاقتصاد إلى مرحلة يعتمد فيها على تشغيل كافة عناصر الإنتاج ، ممّا يؤدي إلى عجز العمليات الإنتاجيّة عن توفير كافة حاجات الطلب المرتفع مما يُحدث خللاً في مرونة وتوازنات الأسعار فيما بين العرض والطلب إضافة إلى فقدان الكفاءة التشغيلية مجدداً بارتفاع التكاليف التي تتعلق بالإنتاج وخاصة تلك التي لا تتواكب مع التقنية الحديثة.
• كما أن من أسباب التضخم الذي يحدث بشكل جزئي في دولة ما يكون نتيجة للتوسع في العرض النقدي حيث لا تحتفظ البنوك بكامل قيمة الودائع بل بنسبة صغيرة منها إضافة إلى انخفاض الاحتياطات من العملات الأجنبية ، مما يؤدي إلى إصدار النقود الخاصة بالودائع بأضعاف كبيرة مما يساهم في ظهور التضخم النقدي.
• الآثار المختلفة للتضخم متعددة ومن أهمها: انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي، منع التخصيص الكفء للموارد وذلك بإحلال المدخلات الأقل كفاءة محل المدخلات الأكثر كفاءة من أجل الضغط على تكاليف الإنتاج والنقل والتخزين ويزداد هذا التوجه سوءا كلما تفاوتت الأسعار بين المدخلات الجارية والمدخلات المُعوضة لها، فقدان النقود لقسم من القوة الشرائيّة الخاصة بها، والناتجة عن الزيادة المستمرّة في الأسعار.
• تختلف آثار التضخم بين فترة زمنية وأخرى فلكل فترة ظروفها ومعطياتها ومكاسبها عن أي فترة زمنية لاحقة سواء كان ذلك على مستوى الاستهلاك أو تغيّر النمط الاستهلاكي بين فترة وأخرى أو حتى على الصعيد الإنتاجي من خلال حداثة الموارد وكفاءتها الإنتاجية.
• عبر التاريخ هناك ثلاث أزمات كبرى للتضخم الأولى في الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية وأفضت إلى ما يسمى بأزمة الكساد الكبير والثانية التي بدأت منذ منتصف الستينيات وحتى بداية الثمانينيات حيث بلغت ذروتها 14.8 % عام 1980 ورفع حينها الفيدرالي سعر الفائدة ما يقارب 20 % وتسمى فترة التضخم الكبير والثالثة ما نعيشها حاليا بعد جائحة كورونا.
• إذا لم تتم معالجة التضخم بالشكل الفعال فإنه حتما سيؤدي إلى الانكماش مما قد يفاقم المشكلة أكثر ويحدث الركود والكساد لذلك تتجه توقعات خبراء الاقتصاد في الأزمة الحالية إلى أن الاقتصاد سيشهد في النصف الثانية من العام ركودا، إلا أنه سيكون متوسط الحدة مقارنة بحالات الركود في السابق.
• من المهم الإشارة إلى ان أي تباطؤ في النمو الاقتصادي خلال هذه الأزمة لا يؤشر الى حدوث الركود ، أحيانا يُسمح بحدوث التباطؤ بهدف تحقيق التوازن المطلوب في الأسعار حيث تأتي بعد ذلك وتيرة التصاعد التدريجي للعمليات الإنتاجية مع أهمية السيطرة على معدلات البطالة خلال ذلك.
• النظريات والمدارس الاقتصادية متعددة ومتباينة لعلاج التضخم فعند حدوث أي أزمة اقتصادية توجد عدة حلول وفق فلسفة تلك المدارس التي تتباين مع بعضها البعض.
• وبما أن الحلول تعتمد في الأساس على البيانات والمعلومات فعادة ما يأخذ أصحاب القرار الحل الذي يكتسب البراهين القطعية بدلاً من البراهين الضنية ( النظرية أي الاحتمالات والتوقعات ) وهذا لا يحدث إلا من خلال التجارب والبراهين والحلول السابقة كما هو الحال في علاج أزمة التضخم حالياً.
• حتى الآن وعبر التاريخ الاقتصادي العالمي لم يُعالج التضخم إلا بطريقتين فقط وهما: إما زيادة المعروض من النقود وتقليل أسعار الفائدة وهذا ما تتبناه المدرسة الكينزية ونجح ذلك خلال أزمة الكساد الكبير والتي ساعد في هذا العلاج عدة جوانب أخرى منها التوظيف الكامل ، التأسيس لنظام اقتصادي عالمي ، إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتقويم العملات الأجنبية بالدولار.
• أما الطريقة الثانية فهي ما أفضت إليه فلسفة بول فولكر Paul Volcker الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيدرالي بعلاج تضخم السبعينيات عن طريق تقويض المعروض من النقود وزيادة أسعار الفائدة.
• خلال السنوات الماضية ومنذ الأزمة المالية العالمية، كانت النظرية الكينزية القديمة هي الحال المثالي فلم يكن أمام العالم من حل لتجنب كساد عظيم آخر، إلا تلك النظرية بمفهومها الذي يفضي إلى أهمية زيادة ضخ النقود في الاقتصاد، أي أن الاعتقاد حاليا يدور حول السياسة النقدية ( التشديد الكمي ) فقط كمصدر وحيد مؤكد لعلاج مشكلة التضخم.
• لطالما اعتبر ميلتون فريدمان التضخم ظاهرة نقدية في أساسها واستنتج فريدمان في ورقته البحثية التي نُشرت في عام 1956 بعنوان «دراسات في النظرية الكمية للنقود» أن نمو المعروض النقدي على المدى البعيد من شأنه أن يرفع مستوى الأسعار فقط ، وليس له أي تأثير حقيقي في الناتج الاقتصادي.
• حتى الآن تسير معالجة التضخم العالمي الحالي بخطوات دقيقة وصحيحة فالتقارير الاقتصادية في الولايات المتحدة تشير إلى تحسن في مستويات الأسعار صاحبها انخفاضاً في مبيعات المنازل بنسبة تصل إلى 35.4 % مع تغيّر في النمط الاستهلاكي الذي بات يخضع للتخطيط الأسري فضلا عن تأجيل شراء السلع الكمالية والمعمرة مع تحسن في معدلات البطالة ( صحيفة الاقتصادية بتصرف ).
• لم يكن مفاجئاً الأربعاء الماضي عندما أقر البنك الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس كما هو متوقعاً لتكون معدلات الفائدة في نطاق 4.5 % و4.75 % حيث تعتبر هذه الزيادة في معدلات الفائدة الأمريكية الثامنة على التوالي منذ مارس من العام الماضي، كما تمثل وتيرة أقل من المسجل في ديسمبر الماضي عند 50 نقطة أساس ، كما انه من المتوقع ان يستمر هذا الارتفاع بذات النسبة حتى منتصف الحال الحالي وصولاً الى سقف 5% ثم يُعاد تقييم الوضع بعد ذلك برفع ذات النسبة او تثبيت ذلك حتى نهاية هذا العام
في الختام : يسرني أن ارفع أسمى آيات التهاني للقيادة الحكيمة بمناسبة استضافة بلادنا الغالية لكأس آسيا 2027 وذلك للمرة الأولى في تاريخها ، والتي سيسبقها تطوير منظومة البنية التحتية ضمن سبعة ملاعب كبرى جديدة ومطورة ، هذا التحول الكبير في صناعة كرة القدم خطوات متقدمة ، لتعزيز مكانة المملكة العالمية في مختلف المجالات واستمرارا لمنهجية رؤية المملكة 2030 لتحقيق مستهدفات قطاع الرياضة، حفظ الله قادتنا وبلادنا وأدام علينا نعمة الاستقرار والازدهار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال