الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يكاد من يطلع على بعض الاعلام الاقتصادي الذي يتناول التغييرات الاقتصادية في السعودية أن يعتقد أن الحديث يتعلق ببلد فاشل اقتصاديا لعقود طويلة وبلا أي موارد ويرزح تحت ضغوط مالية وديون لا حدود لها. يمكن بكل سهولة جمع عدد من المقالات والاراء التي توحي بأن مالية الدولة مهتزة والعملة على شفير الانهيار والنظام التعليمي مهتريء والتجارة محتكرة والبنية التحتية مدمرة وغير ذلك من البكائيات السوداوية.
كما في أي اقتصاد أو بلد اخر، هناك ملاحظات جدية على أداء مختلف القطاعات وتباين في نجاحها ولا اعتراض على أن بعضها لا يصل الى المستوى المأمول منه. لكن وصف المنظومة كاملة بالفشل التام لا يعكس الواقع نهائيا. فلا يمكن لاقتصاد فاشل ومدمر أن يكون من أكبر 20 اقتصاد على مستوى العالم. ولا يمكن لدولة ضعيفة أن يكون لها ذلك الثقل السياسي والاقتصادي في المحافل الدولية.
قلنا في السابق أن السعودية ليست النرويج. ومن السذاجة اجراء المقارنة مع اختلاف الموقع الجغرافي والدور الاقليمي والتركيبة السكانية والعلاقات التاريخية والسياسية. وهي أيضا ليست فنزويلا صاحبة الموارد النفطية الكبيرة والوضع المزري اقتصاديا. المقارنات مع تلك الدول تجري بهدف التهويل والتخويف من كوارث مع أنها لم تحدث خلال فترات أصعب.
لست في وارد تقديم عرض تاريخي للوضع الاقتصادي السعودي فقد فعلت ذلك سابقا. ما أحاول القيام به هو تقديم قراءة واقعية للأحداث بعيدة عن الجدل.
بنظرة واقعية مبسطة نجد أننا أمام دولة تأسست منذ 86 سنة وهي من الدول النادرة في المنطقة التي تمتعت باستقرار سياسي واجتماعي واقتصادي على مر مختلف التغيرات والمتقلبات الاقليمية والدولية. دولة كانت دائما مؤثرة بشكل كبير في محيطها وخارجه. يعيش في هذه الدولة شعب انتقل على مر العصور من أوضاع معيشية صعبة وقاسية الى حياة مختلفة متطورة. شعب يؤثر وضعه الاقتصادي في حياة ملايين الناس من الشعوب العربية وغير العربية. مع تطور هذا الشعب تطورت تطلعاته. يريد هذا الشعب تلافي أي أخطاء سابقة والمزيد من التطوير في مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة والمزيد من الرفاهية. باختصار يريد مستقبلا أفضل.
في ظل متغيرات اقتصادية عالمية غير مسبوقة وفي خضم اهتزازات سياسية اقليمية كبيرة، تم تقديم خطة تغييرية طموحة جدا. الخطة بكل تأكيد غير مسبوقة وتدعو لإعادة هيكلة شاملة في كل مفاصل الاقتصاد بما يتماشى مع التطلعات المستقبلية. تفاصيل الخطة معروفة للجميع وهذا بحد ذاته تغيير كبير. قام أصحاب الرؤية بالإعلان عن أهدافها ويقومون باستمرار بنشر سيرها والخطط المتفرعة منها والبرامج التنفيذية المصاحبة.
تقييم النتائج المستقبلية والنجاح في علم الغيب لكن يمكن تقييم صلاحية الأهداف ومدى ملاءمة البرامج التنفيذية لمن أراد ذلك. كل الأهداف التي تم وضعها تعالج متطلبات المرحلة القادمة من وضع اقتصادي ومستوى معيشي ورفاهية والمهم أن تلك الأهداف معلنة للجميع أي أن المجال مفتوح للنقد والتقييم باستمرار. وهنا أيضا تغيير كبير لا يتم التركيز عليه كثيرا. هناك مرحلة جديدة أصبح أي كان يمكنه إبداء رأيه وتوجيه نقده للعمل القائم.
يتم تنفيذ الرؤية على مراحل كل منها له أهدافه المرحلية ومستهدفاته الاستراتيجية التي تصب في تحقيق التغيير المطلوب. لا بد أن تحصل أخطاء ومراجعات في أي عمل بهذا الحجم لكن المهم دائما أن يكون العمل مستمرا ومتواصلا. الدول التي قامت بعمل نقلات اقتصادية كبيرة لم تفعل ذلك في يوم وليلة ولم يكن طريقها سهلا. بالإصرار والثقة والتطلع للمستقبل نجحت تلك الدول في صنع نجاحات ضخمة.
الصورة الكاملة باختصار هي أن هناك دولة قوية ومستقرة لديها امكانات قوية تسعى الى تنفيذ خطط مستقبلية طموحة جدا وليست أبدا دولة ضعيفة بلا امكانيات تتحدث عن أمور غير قابلة للتحقيق. الفرق مهم جدا.
ما الذي تحتاجه الخطط الطموحة لتتحقق؟
تحتاج الى العمل والمثابرة وقبل ذلك الى الثقة بالنفس بعيدا عن التهويل والتخويف والتشكيك. كلما زاد عدد المؤمنين بالتغيير وانخرطوا في العمل كلما زادت فرص النجاح وأصبح الوصول الى أهداف كبيرة جدا أمرا طبيعيا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال