الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ذكرت في المقال السابق “هنا” أن عصر الدولار لن ينتهي في المستقبل القريب. وأعني العشرين سنة القادمة على أقل تقدير. وأنه في حال رغبة العالم بالتحرر من قبضة الدولار، فإنها بحاجة للالتفاف حول أقرب البدائل، وهي الصين، للعمل خلال العقدين القادمين للتأسيس لعملة احتياط منافسة.
السؤال الأهم بالنسبة لنا، أين تقع مصلحة السعودية في هذه المنافسة؟ وما هو أفضل السيناريوهات بالنسبة لنا؟ هل تكون بدعم عملة احتياط منافسة أم البقاء في صف الدولار؟
الإجابة البسيطة لهذا السؤال هي أن أفضل ما نقوم به هو تنمية سعة الاقتصاد وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية وتخفيض الاعتماد على الإيرادات النفطية.
كل ما سبق هي الأهداف الرئيسية لرؤية المملكة 2030، وبالتالي فإن كل ما علينا فعله هو العمل على نجاح هذه الرؤية فقط. فكلما توسع الاقتصاد، نمت المساحة المتاحة لدينا على الحياد، وتمكنا من تأجيل قرار الاصطفاف خلف إحدى القوتين. فزيادة سعة الاقتصاد تعني قدرة الاقتصاد على امتصاص التدفقات الاستثمارية بدون إحداث تضخم هائل في البلاد.
كما أن زيادة دور القطاع الخاص سيعني بالضرورة زيادة كفاءة الانفاق الاستثماري، ما سيعمل على خلق نمو مستدام في قطاعات حيوية جديدة. وهو الأمر الضروري لتخفيض اعتمادنا على الانفاق الحكومي والإيرادات النفطية. فكلما قل اعتمادنا على التصدير وحاجتنا إلى السوق العالمي، كان ذلك بمثابة المصد والحاجز لتخفيف أثر السياسات النقدية للاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد المحلي. ما يعني مساحة أكبر لاستقلال قرارات البنك المركزي السعودي وتخفيض التضخم المستورد.
السياسات السابق ذكرها كلها تدور في فلك السوق الحر، ما يعني أنها أقرب منها لمعسكر الدولار من الصين. ولكنها أيضا تعزز من مكانة الاقتصاد السعودي وتحميه من التآكل الحاصل في قوة الدولار، بدون دعم لطرف آخر. ولذلك فإن الخطة الموضوعة والبرامج التي نعمل على إنجازها اليوم هي ما نحتاج أن نركز عليه، وليس الصراع طويل الأجل بين القوى.
فعلى الرغم من التسليم بتآكل قوة الدولار والصعود الصيني، إلا أن فرص تدارك الولايات المتحدة للوضع والإصلاح قبل فوات الأوان تظل أعلى من قدرة الاقتصاد الصيني على الصعود إلى مستوى قطب اقتصادي لديه عملة احتياط. ولكن ذلك لا ينفي أن الصراع على الزعامة سيحتدم في العقدين القادمين، ولكن بشكل مختلف عما اعتدناه في الصراع بين القوى العظمى تاريخيا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال