الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان الحديث في المقال السابق عن مبادرة لتقطير صحاري المملكة من خلال أنابيب أنهار المياه الممتدة تحت أراضي وصحاري المملكة الشاسعة وتحويلها إلى مساحات خضراء لزراعة مختلف المحاصيل بتكلفة إقتصادية. لاسيما أن معظم ميزانية المبادرة قد تم اعتمادها من خلال تمديد أنابيب المياه الضخمة تحت الصحاري والمدن السعودية. وبنظرة تفاؤلية مع وجود الأنهار المائية تحت الصحاري السعودية، فإن هناك العديد من الدراسات العالمية التي أثبتت نجاح زراعة الصحارى بالرغم من معوقات التربة الصحراوية حتى مع النباتات التي تتطلب وفرة مياه في زراعتها مثل الأرز، وذلك بإستخدام طريقة الزراعة الجافة التي تعتمد على تباعد فترات الري التي قد تصل من 8 أو 10 أيام، بعكس طريقة الري في مزارع الأرز العادية التي تتطلب وفرة في الري.
وهناك دراسات أخرى أشارت الى إستخدام الطمي الصناعي أو الطين النانوي لمعالجة التربة الصحراوية في غضون ساعات معدودة حيث يؤدي ذلك الى تقليل إستهلاك المياه والحصول على المعادن والعناصر الضرورية.
وإذا تحدثنا عن الأرز فإن السعودية ووفقا لبعض التقارير الاقتصادية إستوردت نحو1.5 مليون طن من الأرز خلال عام 2021 بمتوسط إستيراد يزيد عن 4 مليارات ريال سنويا و وصل معدل إستهلاك الفرد إلى 45 كيلو جرام من الأرز سنويا. بمعنى آخر لو أن التعداد السكاني للمملكة وصل الى 55 مليون نسمة في عام 2030 فإن السعودية قد تحتاج تقريبا الى 2.47 مليون طن من الأرز في عام 2030، بمعنى مالي أدق فإن قيمة إستيراد الأرز قد يصل الى 15.5 مليار ريال سنويا.
باعتبار أن سعر طن الأرز الهندي قد يصل الى 1680 دولار في عام 2030 من 1200 دولار لعام 2022 بمعدل ارتفاع سنوي تقديري بنسبة 5%. حيث أن الهند ونظرا لظروف المناخ المتقلبة وشح الأمطار وقلة المحصول قد ترفع أسعار محصولها من الأرز كما فعلت العام الماضي حيث فرضت نسبة ضريبة بمقدار 20% على طن الأرز ليرتفع من 1000 دولار الى 1200 دولار للطن. وتم إختيار الأرز الهندي كمرجع، لأن الهند تصدر ما مقداره 60% من احتياجات السعودية من الأرز سنويا.
والمدهش في الموضوع أن هناك إرتفاع متزايد على أطنان الأرز عالميا، فقد أشار معهد أبحاث السياسات الغذائية والزراعية أن الطلب العالمي لإستيراد الأرز سيصل إلى 550 طن بنهاية عام 2035، مع توقعات بحدوث فجوة كبيرة بين تزايد الطلب وقلة العرض نتيجة لمشكلة المناخ وشح المياه بالإضافة الى نقص الإمدادات الغذائية جراء الحرب الروسية والأوكرانية.
وإن القارئ لأحداث التطور في السعودية وفقا لرؤية المملكة 2030 يجد أن هناك تسارع من الجهات المختصة للوصول الى الهدف المنشود من الإكتفاء والأمن الغذائي، ومثال على ذلك مذكرة التعاون بين مجموعة إيليون الصينية والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر للاستفادة من خبرات إيليون الممتدة في مجال التشجير واستصلاح البيئة الصحراوية بالصين. ناهيك عن المبادرات وبرامج الاستثمار الزراعي في الخارج، حيث استثمرت وامتلكت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والثروة الحيوانية (SALIC) حصص في مختلف مزارع العالم في أكثر من سبعة دول بمساحة إجمالية تصل الى 460 ألف هكتار، لإنتاج مختلف المنتجات النباتية والحيوانية بما فيها الأرز بقيمة استثمارات وصلت الى 18 مليار ريال والهدف أن تصل استثمارات سالك في المجال الزراعي الى 100 مليار ريال بحلول عام 2030. وقد تكون فكرة رائدة أن تستثمر SALIC في إستصلاح صحاري السعودية وتحويلها الى مزارع خضراء لمجابهة التقلبات المناخية، الإقتصادية، السياسية العالمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال