الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعاني قطر، الدولة الصغيرة التي يصل عدد سكانها نحو 2.7 مليون نسمة والواقعة إلى شمال شرقي الخليج العربي، من ثقل كبير يفوق وزنها الحقيقي. لا شك أن الاقتصاد القطري بشكل عام سيتأثر بقوة جراء أزمة قطع السعودية والبحرين والامارات العلاقات معها من عدة جوانب منها ؛
اولاً؛ الغاز والنفط القطري
يعتبر أحد أهم مصادر الدخل لدولة قطر وهو أول من سيتأثر سلبيًّا، اذ من المتوقع ارتفاع تكلفة تصديره، مما ستكون له آثار سلبية في الأسعار، نتيجة لمقاطعة لدول الجوار لها ناهيك عن الضرر الذي قد يصيب الاستثمارات القطرية في الدول المقاطعة.
لا يقتصر التأثير على الغاز أو السلع فقط، بل إن معظم قطاعات الاقتصاد القطري ستتأثر، إذ إن زيادة المخاطر السياسية تدفع المستثمرين للتحوط سريعًا، وهو ما يتوقع أن يستمر خلال الفترة القادمة.
وتعد قطر عضوًا في «أوبك» إذ تبلغ الطاقة الإنتاجية لقطر نحو 600 ألف برميل يوميًّا، وبالرغم من أن إنتاجها من أصغر معدلات الإنتاج بالمنظمة، إلا أن التوتر في المنظمة قد يؤدي الى اتفاق خفض الإمدادات الذي يهدف لتعزيز الأسعار، وذلك في وقت تتزايد فيه الشكوك من أن الجهود الرامية لخفض الإنتاج إلى 1.8 مليون برميل يوميًّا ستكبح الصادرات الفعلية كثيرًا. مما سيضغط على دخل الصادرات النفطية القطرية اذا ما شاركت في التخفيض.
ثانياً ؛ التأثيرات الاقتصادية على قطاع التجارة الخارجية:
لاسيما أن الدول الصحراوية تواجه بطبيعتها مصاعب في زراعة الأغذية. ويمثل الأمن الغذائي قضية مهمة لقطر، بالنظر إلى أن الطريق البري الوحيد لدخول الأغذية إليها هو الحدود البرية مع السعودية.
وبما أن المملكة أغلقت هذا الطريق البري الحدودي. فإن قطر ستعتمد على الشحن الجوي والبحري. وسيؤدي ذلك إلى حدوث تضخم وارتفاع بالأسعار، وهذا سينعكس بشكل مباشر من حيث ارتفاع التكلفة الشرائية على المواطن القطري والذي سيضغط على السيولة أيضاً. خاصة على الأسرّ الأقلّ دخلا الذين كانوا يعتمدون على الذهاب الى السعودية لشراء المنتجات الأساسية حسب احتياجاتهم لأنها أقلّ تكلفة منها بقطر .
ثالثاً: التأثير الاقتصادي على قطاع الإنشاءات:
من اهم الانشاءات القائمة حاليا والتي تسعى الحكومة القطرية لانجازها هو بناء ميناء جديد ومنطقة طبية ومشروع لمترو الأنفاق وثمانية ملاعب استعدادا لبطولة كأس العالم 2022، وهذا ما يعتبر جزء فقط من مشاريع إنشائية ضخمة تشهدها قطر حاليا.
وتعتبر السعودية مصدراً رئيسا لواردات المواد الأساسية لقطر، من بينها الإسمنت والصلب عن طريق الشحن البحري والبري، كما هو الحال بالنسبة للأغذية، ومع استمرار المقاطعة فإن كل ذلك سيؤدي إلى زيادة الأسعار وتعثر المشاريع والمنشآت , فضلا عن ارتفاع التكلفة .
رابعاً: صعوبة حركة الأشخاص:
يتضمن قرار قطع العلاقات حظر سفر مواطني السعودية والإمارات والبحرين إلى قطر، أو العيش فيها، أو المرور عبرها، فإنه سيكون أمام القطريين نفس القوانين وعلى جميع العاملين التابعين لدولة قطر سواءً كانوا دبلوماسين او موظفين او عاملين لشركات طيران او شركات استثمارية لدولة قطر مغادرة دول الخليج.
وتقليص حركة تنقّل العمالة من شأنه أن يُسبب مشكلة اقتصادية للشركات المحلية والدولية العاملة في قطر.
خامساً: التجارة والأعمال:
هناك العديد من الشركات الخليجية العاملة في قطر، من بينها تلك العاملة في قطاع التجزئة، كل هذه المتاجر ستغلق أبوابها ونشاطها.
سادساً: قطاع الطيران:
سيتأثر هذا القطاع بخسائر اقتصادية فادحة بعد قرار منع المملكة والامارات والبحرين ومصر جميع الشركات الجوية القطرية من الهبوط في مطاراتها أو استخدام اجوائها، مما سيلحق أضرار اقتصادية كبيرة على الخطوط القطرية، منها زيادة تكلفة النقل عليها نتيجة قلة الطرق المتاحة لها جويا، واستخدامها أجواء دول أخرى أطول مسافة وزمنا مما سيضغط على الحكومة القطرية للتدخل للحد من آثارها، مما سيؤثر على الدين العام القطري نتيجة التكلفة العالية لرحلاتها الجوية.
سابعاً: السندات السيادية والتصنيف الائتماني:
ان قطع العلاقات حتماً سيؤثر في التصنيف الائتماني للدوحة، إذ تعطلت كلاً من التجارة وتدفقات رؤوس الأموال الاستثمارية الى قطر التي ستتقلص نتيجة للمقاطعة .
ثامناً: العملة القطرية:
لاشك ان منع تداول الريال القطري من الدول التي تقود المقاطعة سيؤثر بشكل كبير على قيمته على المدى القريب والبعيد لاسيما ان هناك عدد من الدول التي تصدر العمالة لها قد اتخذت قرارا بعدم تداول الريال القطري كسيرلانكا او الفلبين التي اعلنت مؤخرا عن ايقافها لتصدير العمالة لقطر .
تاسعاً: البورصة القطرية:
شهدت الأسهم القطريه تراجعا حادّا لاكثر من 10% بعد اعلان الدول المقاطعة فيما أقفلت عددا من الشركات بالنسب الدنيا القصوى كما شهدت عمليات بيوع كبيره تتابعت كاسرة بذلك حاجز العشر الاف نقطه لسوق الأسهم وصولا لمستويات التسع الاف والتي من المتوقع ان تشهد عمليات البيوع استمرارا في الفترة المقبلة بينها عمليات تخارج من مستثمرين ورجال اعمال ,مالم يكن هناك تدخل مباشر وسريع من الحكومة القطرية للمساهمة بايقاف النزيف، ومن المعروف ان أسواق المال هي مرآة لأي أزمة اقتصادية او سياسية تحدث بأي دولة, وسوق الأسهم القطري لم يكن بمنأى عن ذلك .
واخيراً ما نلاحظه حاليا ان منطقة الخليج تشهد الكثير من التحديات الأمنية والجيوسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي ليست وليدة اليوم انما زادت معدلاتها مؤخرا نتيجة للأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم ككل مثل: الوجود العسكري الأجنبي، وأزمة الملف النووي الإيراني، وتداعيات الملف العراقي، وملف أمن الطاقة وأسعار النفط، وخطر التنظيمات الإرهابية، وملف العلاقات الخليجية الايرانية ومعضلة البحث عن صيغة مستقرة للعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران. كل هذه التحديات المتداخلة وغيرها تجعل مستقبل المنطقة مفتوحاً على كل الاحتمالات.
ومن هنا فقد بات من الضروري استشراف هذا المستقبل من قبل حكومات المنطقة حتى يتسنى بلورة بعض الرؤى والمقترحات التي من شأنها تجنيب المنطقة مخاطر وكوارث قد تدفع بها إلى المجهول وهذا مالا تريده او تتمناه أي دوله خليجيه أو عربيه ترى أن أمن المنطقة ككل جزء من أمنها الخاص بما لا يتعارض مع سيادتها وحقها المشروع في حفظه .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال