الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الطموح الاقتصادي لمملكتنا كبير جدا، عبرت عنه الرؤية في طيات صفحاتها، ولاشك انها مبنية على أسس وارقام، منها تعداد السكان. فبعد أن خرجت علينا الأرقام الدقيقة للتعداد اعتقد ينبغي مراجعة أمور عديدة، منها نسب ومستهدفات السعودة في سوق العمل. التعداد انخفض بحوالي 2 مليون نسمة، وهذا رقم يعادل تعداد دول بأكملها في العالم (هناك 20 دولة في العالم تعدادها مجتمعة أقل من 2 مليون).
لطالما سمعنا وقرأنا وشاهدنا ان المنشآت المتوسطة والصغيرة تعاني جدا من شروط السعودة، ومن ايجاد سعوديين في هذه المنشآت نظرا لعدم توائم طبيعة حجمها وطبيعة التأهيل العلمي للسعوديين والسعوديات. كما نسمع ونرى ان المنشآت المتوسطة والصغيرة تعاني ايضا من رسوم الكوادر الأجنبية وانها تشكل جزء كبير من تكاليفها. من المهم ان يعاد النظر في هذه المعطيات وخصوصا اننا مع معدلات النمو الاقتصادي الذي تشهده بلادنا قد نصل الى مرحلة لا يجد معه المستثمرين قدرة على إيجاد كوادر سعودية مع عدم قدرتهم على جلب كوادر اجنبية. طبعا التحرك في مرحلة مبكرة (الآن) سيكفينا سلبيات تحرك وقرارات (الدقائق الأخيرة).
ذكرت أعلاه المنشآت المتوسطة والصغيرة لأهميتها في تركيبة المنظومة الاقتصادية، لكن المنشآت الكبيرة ليست بمعزل ابدا عن خطورة ان تصل لمرحلة لا تجد معها كوادر للعمل. الاقتصاد السعودي يتوسع بوتيرة استثنائية، وفي رأيي ان هذا التوسع اكبر من القدرة السكانية لمملكتنا الحبيبة، فالتوجه الذي عبرت عنه الرؤية تريد لمملكتنا وقطاعها الخاص ان يلعب دورا محوريا في التنمية (الدولية)، وهذا لا شك عندي مقدور عليه، ولكن مملكتنا متحفظة الى درجة كبيرة في تجنيس الأجانب على مختلف قدراتهم المهنية والعلمية، وهذا يقتضي لا محالة ويجب ان نتوسع في السماح للأجانب بالقدوم والعمل، وإلا فأننا نواجه خطر عدم القدرة على تحقيق المستهدفات البعيدة والمتوسطة المدى لاقتصادنا مما سيعطل الطموح.
استراتيجيا تعداد السكان مهم وينظر له، سواء في القطاع العام او الخاص. ارقام التعداد التي افصح عنها مؤخرا تقتضي على شركات قطاع الاتصالات والقطاع المالي برمته، وقطاع الإسكان بتعقيداته، وقطاع الشركات الغذائية، وقطاع التجزئة لا استثني منها شركة مراجعة استراتيجية النمو حتى تكون واقعية وحتى لا تجد نفسها متكدسة بطاقات انتاجية لا يمكن تسويقها، بل وحتى لا يكون هناك انفاق غير ذي جدوى وعائد. أيضا الجهات الحكومية في التعليم وفي الصحة وفي النقل وغيرها عليها أن تراجع خططها الانفاقية بما يضمن الكفاءة والقدرة على التشغيل المحكم.
وفي النهاية لا يسعني سوى تكرار الشكر لكافة الجهات التي ساهمت في تصحيح التعداد، والآن علينا مراجعة كل ما استند للأرقام القديمة، وهذا يتطلب جهد ووقت لا شك، لكن السعوديون قادرون على الإنجاز في زمن قياسي، نحن قادرون، هذا ما تؤكده المعطيات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال