الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من بين كافة سكان المعمورة، الذي قارب عددهم اليوم 7 مليار نسمة، ويقطنون في 203 دولة موزعة على 5 قارات، تتكون مجموعة الدول الإسلامية من 57 دولة لتشكل 21% من مساحة اليابسة ويزيد عدد سكانها عن 26% من سكان المعمورة. إلا أنه لم يتم تصنيف أيّ من الدول الإسلامية بمستوى دول العالم الأول، بل جاءت 26 دولة منها ضمن تصنيف الدول النامية و31 منها صنفت بالدول الأقل نمواً. والسبب أن 37% من شعوب العالم الإسلامي يعيش تحت وطأة الفقر، و40% منهم يعاني من الأمية، و33% منهم يرزح تحت عبء البطالة، و17% يعاني من الأمراض المزمنة.
هذا في الوقت الذي يتمتع العالم الإسلامي بثروات تفوق قيمتها 170 تريليون دولار أمريكي، وتشكل من الاحتياطي العالمي ما نسبته 69% من النفط و57% من الغاز و24% من المنجنيز و56% من القصدير و40% من الكروم و23% من الحديد والألمنيوم و25% من كل من النحاس والفوسفات والمنجنيز والبوكسايت، إضافة إلى قدرة العالم الاسلامي على تحقيق نسب مرتفعة من الإنتاج السنوي العالمي، التي تعادل 76% من التمور و43% من القطن و15% من القمح و80% من المطاط، ليرتفع ناتجه المحلي الإجمالي سنوياً إلى 6.7 تريليون دولار.
ومع أن المنطقة الجغرافية للعالم الاسلامي تتميز بالتنوع المناخي، الذي يسمح لدوله بإنتاج وزراعة كافة السلع الزراعية وما تحتاجه الصناعات المختلفة، إلا أن استغلاله لمساحة أراضيه الزراعية لا تزيد عن 14% فقط، لترتفع الفجوة الغذائية في عالمنا الإسلامي إلى 70%. هذا في الوقت الذي يتمتع العالم الاسلامي بإطلاله على 18 بحراً و3 محيطات و4 من أضخم بحيرات العالم تفوق مساحتها 650 ألف كيلومتر مربع، إلى جانب احتواء أراضيه على 10 من أطول وأهم الأنهار في العالم، التي فاقت أطوالها 24 ألف كيلومتر.
ومع تقدير العالم الاسلامي لجهود المملكة المميزة على كافة المستويات لتحقيق نجاح موسم الحج خلال العام الجاري، حيث بلغ إجمالي عدد الحجيج أكثر من 1.8 مليون حاج ينتمون لأكثر من 150 دولة، بينهم نحو 184 ألفاً من داخل المملكة. ولعل الدول الإسلامية تعترف بأن العمل الجاد المخلص الذي أخذته المملكة على عاتقها يمكن أن يحث هذه الدول على ضرورة تسخير جهودها ومساندة المملكة لمواجهة التحديات المزمنة التي تواجهها. وبناءً عليه يقترح أن تتكاتف كافة الدول الإسلامية مع المملكة في مواسم الحج القادمة لعقد اجتماعات مكثفة للمسؤولين المختصين فيها لإيجاد الحلول الجذرية الناجعة للتحديات المذكورة التي تواجهها هذه الدول.
تصوروا دهشة شعوب الأرض لأمتنا الإسلامية لو أقر وزراء التجارة في الدول الإسلامية أثناء موسم الحج اتفاقية التجارة الحرة بينهم، وإلغاء كافة الرسوم الجمركية لدى تبادل منتجاتهم، واعتمدوا التعامل بالدينار الإسلامي في أسواقهم، وقاموا بإنشاء المفوضية التجارية الإسلامية لحماية حقوق بلادهم والدفاع عن مصالحهم أمام تيارات العولمة الجارفة. وهذا سوف يؤدي إلى رفع مستوى التعامل التجاري بين دول عالمنا الإسلامي، الذي فاقت مساحته عشرة أضعاف مساحة دول الاتحاد الأوروبي، ولكن تجارته البينية الإسلامية لا زالت تتراوح حول 16% من تجارته مع العالم الخارجي، بينما تزيد عن 70% بين دول الاتحاد الأوروبي، و54% بين دول مجموعة “آسيان”، و80% بين مجموعة دول “ميركوسور” في جنوب أمريكا.
وتصوروا إعجاب دول العالم لو قام خبراء وعلماء الدول الاسلامية بعقد مؤتمراتهم وندواتهم خلال موسم الحج، لدراسة مواطن الخلل التي تلاحق أمتنا، ووضع الحلول الناجعة لاجتثاث آفة الفقر بين مجتمعاتنا، وإزالة مشكلة البطالة من قواميسنا، ومعالجة أسباب ارتفاع نسبة الأمية في أمتنا الإسلامية.
وتصوروا مكانة المسلمين بين شعوب المعمورة لو اجتمع وزراء الإعلام في عالمنا الإسلامي خلال موسم الحج ليتخذوا قراراً جريئاً بإطلاق مجموعة من الأقمار الصناعية لتغطية كافة أرجاء المعمورة بالفضائيات الموجهة باختلاف اللغات، لتعريف العالم بسماحة الإسلام وحقوق الإنسان وأخلاق المسلمين، وتوثيق تاريخ علماء المسلمين بنشر اختراعاتهم، التي أثرت العلوم والرياضيات والطب والهندسة، وأدت إلى فك طلاسم الجبر وانكسار الضوء وحركة النجوم والجاذبية الأرضية، ونجحت في استشراف أخبار الطقس والبيئة وتحديد المواقيت.
وتصوروا مدى احترام شعوب الأرض لعالمنا الاسلامي لو أقر وزراء العمل في الدول الإسلامية خلال موسم الحج مبادئ “العمل عبادة” و”النظافة من الإيمان” و”ضرورة التحلي بمكارم الأخلاق”، ليقوم كل مسلم بتنفيذ واجباته بأمانة وإتقان، واحترام أماكن عمله ودور علمه وشوارع مدنه. وتصوروا لو أقر وزراء التعليم في الدول الإسلامية خلال موسم الحج بضرورة قيام كل طالب في مدارس العالم الاسلامي بزرع شتلة واحدة في كل موسم للحج أمام مدارسهم وجامعاتهم، ولو بادر كل أستاذ جامعي بإصدار ترجمة كتاب من الكتب العلمية التي يُدَرّسُها لطلابه. وتصوروا لو طالب وزراء الصحة كل مستشفى خاص بتقديم العلاج المجاني للمرضى الفقراء في كل يوم من أيام العيد، ولو تطوع كل فندق بدعوة مجانية لإطعام الأيتام في كل يوم من أيام عيد الأضحى.
وتصوروا عظمة المسلمين لو أعلن وزراء المالية في عالمنا الإسلامي خلال موسم الحج بأن كل بنك من بنوكنا سوف يتبرع بجزء يساوي 1% من أرباحه السنوية لدعم أبحاث الأمراض المستعصية بين شعوبنا، وأن مؤسساتنا المالية نجحت أخيراً في جباية الزكاة الشرعية في الدول الإسلامية، التي تقدر بحوالي 3.37 تريليون دولار سنوياً، وأن مصارفنا تعتزم تطوير قدراتها بامتلاك 50% من إجمالي حصص المؤسسات المالية الإسلامية في العالم، التي فاق عددها 600 مؤسسة وتعمل في أكثر من 75 دولة في مختلف أرجاء المعمورة، لتزيد أصولها عن 2.7 تريليون دولار، خاصة وأن عالمنا الاسلامي يعتبر أكبر سوق عالمي في تداول هذه الأصول.
وتصوروا مدى استفادة أسواق عالمنا الإسلامي من تطوير مصانعنا وتنويع منتجاتنا إذا اعتمد وزراء الصناعة في الدول الإسلامية خلال موسم الحج ضرورة حصر المنتجات الحرفية والمقتنيات التذكارية والصناعات المساندة المطلوبة والمرغوبة في مواسم الحج والعمرة، مثل ملابس الإحرام وسجاد الصلاة ومكبرات الصوت والهواتف النقالة، ودعمها بدراسات الجدوى الاقتصادية وضخ رؤوس الأموال للاستثمار في إنتاجها وتسويقها أثناء أداء المناسك وتصدير فوائضها لكافة دول العالم. وتصوروا لو تشارك هؤلاء الوزراء مع وزراء الزراعة والبيئة في دراسة كيفية الاستفادة من لحوم الأضاحي ومخلفاتها، لتصبح منطقتنا معقلاً لأفضل الصناعات الجلدية والطبية والمنتجات الغذائية المعلّبة، وتغدو محطةً لأكثر تقنيات العالم تقدماً في هذه المجالات. وتصوروا مكانة المملكة بين دول العالم لو أقر رؤساء الأسواق المالية في دول العالم الإسلامي خلال موسم الحج بضرورة إنشاء البورصة العالمية للتمور في منطقة المدينة المنورة.
وأخيراً وليس آخراً تصوروا قدرة عالمنا الإسلامي على تحقيق الرؤية التنموية الشاملة لولي عهدنا الأمين وأميرنا الطموح محمد بن سلمان، لنتفوق بخدمات عالمنا الإسلامي على أقراننا في دول العالم أجمع، ونحقق بخطواتنا الطموحة أفضل المراتب العالمية في الصناعة والتجارة والاقتصاد والصحة والسياحة، لنؤكد بأن شعوبنا تستحق كلمات الآية الكريمة “كنتم خير أمة أخرجت للناس”، ولنجعل من عالمنا الاسلامي مرجعاً حضارياً مميزاً على كافة المستويات، ليستحق بجدارة تصنيفه على قمة مراتب العالم الأول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال