سكة حديد السعودية .. المُمكِّن الاقتصادي المنتظر

مكانة وظروف المملكة العربية السعودية وما هو متوقع منها كإحدى أضخم الاقتصادات المركزية بين اقتصادات العالم، جعلها تواجه تحدي ليس بالسهل في تطوير قطاع النقل العام، خاصةً فيما يتعلق بالحركة عبر الطرق البرية والسكك الحديدية، ومع الدعم القوي والاستثمارات الضخمة تحت مظلة خطتها الطموحة (رؤية 2030)، يبدو أن مستقبل ربط المملكة بشبكة السكك الحديدية سيشهد قفزة نموذجية وفي وقت قياسي.

في الوقت الحالي، تتواجد شبكة السكك الحديدية السعودية بطول يزيد عن 5,300 كيلو متر، ويخدم حوالي 3 مليون مسافر سنويا (حسب أرقام وزارة النقل والخدمات اللوجستية)، ويجري العمل على تحديث الشبكة الحالية، وتطوير خطط جديدة لربط المدن والمناطق المختلفة في المملكة بشبكة السكك الحديدية، ومن بين هذه المشاريع مشروع السكك الحديدية السريعة (القطار السريع) الذي سيوفر وسيلة نقل سريعة وفعالة بين المدن الرئيسية في المملكة ويساعد في تخفيض الاعتماد الواسع على النقل البري (السيارات والحافلات) والجوي، وعدم توفر الخدمات المتكاملة.

لا شك في أن شبكة السكك الحديدية الجديدة سوف تكون مُمكِّن اقتصادي ضخم، لأن من خلالها ستتمثل فرصاً كبيرة للشركات المصنعة للعربات الحديدية والمعدات الإلكترونية، إضافة إلى الشركات المتخصصة في تصميم وإدارة الأنظمة والخدمات اللوجستية، ومن المتوقع أن يتم استثمار مبالغ كبيرة في هذه المشاريع، مما يعزز الاقتصاد السعودي ويعزز الصناعات التحويلية والخدمية، وتحسين منظومة النقل العام، وخفض الاعتماد على السيارات الخاصة والحافلات وخفض الازدحام المروري في المدن الرئيسية، كما ستتحسن جودة الهواء والحد من التلوث الناتج عن حركة السيارات والشاحنات، بالإضافة إلى تمكين السائحين من التجول بسهولة بين المدن والمواقع السياحية المختلفة، وتحسين نظام النقل اللوجستي وتعزيز التجارة بين المدن والدول المجاورة، ورفع مستوى تأمين مفهوم الأمن الغذائي عن طريق تسهيل حركة المواد الغذائية والمواد الزراعية بين المناطق المختلفة في المملكة.

لن تكون العملية سهلة، فهناك العديد من التحديات على قارعة طريق بناء شبكة حديثة، مثل التحديات التقنية في تحسين كفاءة أنظمة التشغيل وتقليل التأخيرات، والإدارية والتنظيمية وتنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية لتأهيل وتدريب الكوادر السعودية وتمكينهم من العمل في قطاع السكك الحديدية، والاستثمارية، والبيئية باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على البيئة والحياة البرية، والأمنية لضمان الأمن والسلامة والحد من الحوادث والتأكد من توفير الإجراءات الأمنية اللازمة للحفاظ على سلامة المسافرين والعاملين، والاجتماعية التي تتطلب التعاون مع المجتمع المحلي وتوفير فرص العمل للمواطنين وخاصة في المناطق النائية التي ستكون محطات على خارطة شبكة السكك الحديدية وتنميتها.

ستكون المملكة العربية السعودية – بمشيئة الله – قوة رائدة في قطاع النقل الحديدي محليا وإقليميا ودوليا، وهو مُمكَّن مهم جدا في التحول إلى دولة وحكومة واقتصاد ومجتمع أعلى استدامة وتطويراً وتنافسية بين الدول المتقدمة.