الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أعلنت وزارة الصحة أنها تلقت عبر هاتفها المخصص للبلاغات والشكاوى والإستفسارات 937عن مخالفات لعدد من المقاصف المدرسية بلغت 767مقصفا مخالفا للإشتراطات الصحية ببيعها مواد غير مسموح بها في المدارس ، وتم حل 663 بلاغا من تلك البلاغات . وهذا الخبر مفرح لأنه أصبح هناك جهة خارجية تشرف على المقاصف بناء على شكوى الطلاب وأولياء الأمور دون المرور على دهاليس التعليم ، وأعتقد أنها ستحسن نوعا ما جودة الوجبات المقدمة للطلاب .
مر المقصف المدرسي بعدة مراحل بدءا بإدارة كل مدرسة لمقصفها بالطريقة التي تراها مناسبة ، وبعض المدارس تقوم بإعداد الوجبات وتقديمها للطلاب ، وفي تلك المرحلة كانت الوجبات المقدمة جيدة لحد كبير . ثم أوكلت وزارة التعليم المقاصف المدرسية إلى متعهد خارجي احتكر المقصف المدرسي لأكثر من عشرين عاما ، وفي هذه الفترة قُدمت أردى أغذية للطلاب ابتعدت عنها الأغذية الساخنة والمفيدة وكثرة فيها المواد غير الجيدة . وكان لتلك الشركة من القوة ما مكنها من منع أي تدخل من مديري المدارس لتحسين ما يُقدم للطلاب ، بل إنها كانت تقدم نوعا من المياه حذرت منه هيئة الغذاء والدواء ولم يستطع أحد منعها من ذلك .
وفي تلك الفترة لم نكن نسمع أي شكوى علنية في تلك الشركة رغم سوء ما كانت تقدمه . والأن أوكلت الوزارة حرية التعاقد مع متعهدين لتشغيل المقاصف المدرسية لمديري المدارس مع اشتراطات مالية وصحية . وأعطت كما أُعلن مع بداية هذا العام الدراسي مساحة أكبر للأسر المنتجة لتشغيل مقاصف المدارس .
ما يهمني هنا مسألة علاقة الاقتصاد بجودة الغذاء المقدم للطلاب . جميع المتعهدين الذين يعملون في تشغيل المقاصف المدرسية مستثمرون هدفهم الأول الربح . وإن كان لصحة الطلاب أهمية لديهم فلن تكون على حساب أرباحهم ، وما يقدمونه من أغذية مرتبط بتلك القاعدة البسيطة جدا .
فمشغلو المقاصف محكومون بتكاليف إيجار الموقع في المدرسة ، وهو يختلف من مدرسة لأخرى حسب مرحلتها وعدد الطلاب وموقعها، لكنها أي المواقع بشكل عام إجاراتها غالية . لأن الوزارة تريد أن تجعل من تلك المقاصف موردا يخدم المدارس والتعليم بشكل عام . ثم هو محكوم بمستوى أسعار لا يستطيع تجاوزه حتى يكون في متناول جميع الطلاب . ولتحقيق تلك المعادلة الصعبة فإن نوعية من الأغذية محدودة وذات جودة منخفضة وكمية محدودة هي التي يمكنها تلبية تلك الاشتراطات .
والأغذية والمشروبات التي تمت الشكوى عليها هيالتي تحقق الأرباح الأعلى للمتعهد ويحبها الطلاب . وبعضالمقاصف في المدن الصغيرة والقرى لا يمكن أن تحقق أرباح تستحق التفرغ للعمل فيها بتلك الشروط المالية وبدونها مالم يقدم لها دعم يمكّنها من تحقيق الشروط الصحية .
لا يمكن الجمع بين العوائد المالية المجزية للمدرسة والجودة في الأغذية والمشروبات المقدمة للطلاب والربح للمتعهد وبأسعار في متناول جميع الطلاب . فتلك المعادلة مستحيلة التحقق مطلقا والجميع يدرك ذلك تماما .
فإن كانت صحة الطلاب تهم الوزارة فإنه يجب عليها التنازل عن الشروط المالية المرهقة للمتعهدين وأن تركز على الاشتراطات الصحية للتغذية المقدمة للطلاب ، لأنها لا تستطيع السماح برفع الأسعار فوق قدرة متوسطي الدخل .
اعتقد أن التوسع في تمكين الشباب والأسر المنتجة من تشغيل المقاصف المدرسية سوف يسهم في حل مشكلتين من أكبر مشاكلنا وهما البطالة وتغذية الطلاب . وذلك من خلال تأهيل الشباب الذين يعملون على (الفود تراك) أو أي شاب يرغب في خوض التجرية وكذا الأسر المنتجة على اعداد الوجبات بالطرق والمواد الصحية . ودعمهم لتكوين مؤسساتهم الخاصة لتشغيل المقاصف ، بعقود ميسرة جدا ، مع ضمان جودة الغذاء المقدمة للطلاب .
اعتقد أن ذلك يمثل حلا وطنيا متكاملا . ومن الأفضل اشراك وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية (هدف) مع وزارتي التعليم والصحة اللتان تعملان على الأشراف على المقاصف المدرسية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال