الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعمل الصناديق والمحافظ الاستثمارية في العالم على إيجاد أكبر قدر ممكن من الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، وعادة ما تكون المعايير الاستثمارية متركزة على قدرة الأنشطة التجارية على استهلاك النقد المستثمر في دوائر تجارية فعالة، تنتج في نهاية كل دورة تجارية على نقد مستمر متنامي وقيمة سوقية نامية ترتبط بعلامة تجارية جذابة وسعي أداري حثيث ومستمر لخلق هوامش ربحية مستقرة.
ولعل الحالة الاقتصادية العالمية خلال السنوات القريبة الماضية تقترب إلى أن تكون أكثر ركود من ناحية خلق الفرص الجديدة، وحتى على مستوى التوسع لا نرى ذلك النمو الملفت الذي يعطي مؤشرات إيجابية لضخ المزيد من الاستثمارات سوآءا في الأنشطة التقليدية أو حتى في الأنشطة الجديدة المبتكرة، وهذا ما يعطي مؤشر إلى أن حفظ الثروات بأشكالها النقدية السائلة أولى من التوسع.
في خضم كل تلك الظروف، استطاع ولي العهد / الأمير محمد بن سلمان أن يعيد الروح والنشاط لقطاع الاستثمار بشكل عام، وخلق معادلة استثمارية رابحة لجميع الأطراف، حيث أعلن سموه عن مدينة منطقة ” نيوم ” التي صاحب الإعلان عنها حاله من الذهول والاندهاش لما تحمله هذه المدينة من قيمة استثمارية ضخمة للملكة العربية السعودية و للعالم، ولكي نميز البعد الاستراتيجي لهذا الاستثمار نحتاج تفكيك مكونات هذا الاستثمار الكبير.
أولا: منطقة المشروع التي في عدة ثواني من الإعلان عن المشروع تحولت من ارض محدودة القيمة إلى ارض سعودية بقيمة تضاعفيه حالية وقيمة متنامية مستقبلية، واستطاع هذا المشروع أن يعظم الأصول العقارية لصندوق الاستثمارات العامة، ويفتح أمام الصندوق أفاقا جديدة للدخول في استثمارات نوعيه إما بمشاركته بأجزاء من الأرض، أو تأجيرها وحتى عند بيعها، وهذا ما سوف يعود على الاستثمارات السعودية بعوائد جديدة حتى قبل انتهاء المشروع.
ثانيا : مشاريع البنى التحتية التي سوف تبدأ قريبا وبلا شك أن الكثير من شركات الإنشاءات والمقاولات سوف تحظى بفرصه نادرة لتطوير أراض خام شاسعة بمواصفات جديدة ، الأمر الذي سوف يخلق الألاف من الوظائف والأعمال في تلك المنطقة ، واعتقد انه سوف يخرج قطاع الإنشاءات والمقاولات من حاله الركود الحاصلة حاليا ، كما اظن أن يستطيع المشروع تحريك عجلة البناء ليس في المملكة العربية السعودية فقط أنما سوف يفتح آفاق مهنية مهمة لجمهورية مصر العربية ودولة الأردن ، كما سوف يستقبل المشروع شركات الإنشاءات العالمية التي تمتلك تقنيات ومهارات جديدة في عالم الإنشاءات.
ثالثا : سوف يخلق المشروع فرصة نادرة للاستثمارات السعودية أن تأصل ثرواتها في الداخل السعودي بقيم كبيرة جدا وبعوائد تنافسية لم نشهدها من أيام الطفرة الأولى للملكة العربية السعودية ، حيث أن الكثير من بيوت الثروات المحلية كانت تبحث دائما عن فرص استثمارية مهمة ولكن لعدم قدرة السوق السعودي استيعاب جميع الثروات المستثمرة كانت تتجه لخارج الوطن ليتم استيعاب تلك الثروات في أسواق اكبر واكثر نضجا ، اليوم في ” نيوم ” تستطيع بيوت الثروات المحلية ضخ استثماراتها في سوق جديد بطلب عالي وتحقيق عوائد مستقرة متنامية في داخل الحدود السعودية.
رابعا : سوف تعتمد مدينة ” نيوم ” على مصادر جديدة للطاقة ، عنصرها الأساسي المكونات البيئية للمنطقة سوآءا من الطاقة الشمسية أو من تيارات الرياح التي ثبت أنها مستمرة التدفق حول المنطقة الحدودية للمدينة ، وهنا يجب أن أشير إلى امر مهم للغاية أن تبني هذا النوع من التقنيات لا اعتقد انه سوف يتوقف على مدينة “نيوم ” واعتقد أن نقل وتمكين هذا النوع من التقنية سوف يستمر لكل أرجاء المملكة العربية السعودية حيث وجود المساحات الجغرافية المناسبة لهذا النوع من الطاقة البديلة والمتجددة ، وهذا احد اهم المكاسب التي سوف نحصل عليها في الدولة بشكل عام ، لتخفيف الاعتماد على المنتجات البترولية كما هو امر ممتاز لتخفيف حاله التلوث البيئي الذي ينتج عن استخدام المنتجات البترولية.
خامسا : خلق منطقة بحجم ” نيوم ” سوف يتطلب وجود مطار دولي في تلك المنطقة والذي اعتقد أن من اهم المكاسب التي سوف نتحصل عليها هو فتح خط جوي مهم سوف يكون تنافسيا بين كل شركات الطيران الإقليمية لان مطار ” نيوم ” سوف يكون افضل موقع استراتيجي في المنطقة وسوف يخدم أغراض التنقل السياحي والتجاري بشكل كبير جدا ، واعتقد بل أكاد أن اجزم أن اكبر شركات الطيران العالمية سوف تضعه في محط اهتمامها ليكون محطة انتقال رئيسية ولذلك اعتقد أن المطار سوف يكون كبير الحجم وسوف يبنى على اعلى معايير الجودة واعلى مواصفات الجمالية ، وقد يكون معلم جديد للملكة العربية السعودية.
سادسا: سوف تكون مدينة ” نيوم ” مركز لاستقطاب النقد الأجنبي سوآءا في بداية أنشاء المدينة وحتى بعد الانتهاء من إنجازها، حيث أن المدينة تستهدف اعلى معايير العيش العالمية وبذلك تستقطب شرائح المجتمع المحلي والدولي خصوصا الطبقة الاستهلاكية المتوسطة إلى اعلى المتوسط، وعندما تستهدف مدينة ما أيا كانت خلق أفضل بيئة معيشه فأنها عادتا تجمع شريحة البشر متوسطي الثراء الذين يفضلون العيش في بيئات تحمل مواصفات عيش عالية الجودة، وهذا ينعكس مباشرتا على الرسوم والضرائب التي سوف تفرض على قاطني مدينة ” نيوم “.
سابعا: من ضمن التصورات التي ظهرت في مؤتمر مستقبل الاستثمار ، إنشاء قطاع متكامل للإعلام والإنتاج الإعلامي ، وهذا النوع من الأنشطة مهم وحيوي لمدينة مثل ” نيوم ” لأننا إلى الآن لم توجد مدينة إنتاج إعلامي متقدمة في الشرق الأوسط ، وقطاع الإنتاج الإعلامي قطاع ينتج المليارات من النقد المتنامي كل سنة وفي كثير من الأحيان لا تلبي المدن الحالية تطلعات التطور الإعلامي وتطلعات الإنتاج الفكري والفني بكل أشكاله ، وهذا ما يجعلني اعتقد أن المدن الإعلامية التي سوف تستحدث في منطقة مدينة ” نيوم ” سوف تكون محط اهتمام قطاع الإنتاج الإعلامي للمنطقة وربما في شرق القارة الأسيوية وكثير من قارة أفريقيا حيث هذا القطاع من زال يحتاج الكثير من النمو ليحقق كل الطلب و الاحتياج .
ثامنا: سوف يكون الإنتاج العلمي و الابتكارات والاختراعات هو هوية وأسلوب العيش في مدينة ” نيوم ” ، وهنا تضيف المملكة العربية السعودية مصدر جديد للدخل لم نكن نعتمد عليه في السابق أو انه لم يكن دخلا مؤثرا للدولة ، حيث أن الاختراعات والابتكارات العلمية تباع سنويا في الدول المتقدمة بمئات المليارات سنويا ، وعندما يصرح سمو ولي العهد / الأمير محمد بن سلمان أن هذه المدينة للحالمين والمتطلعين لمستقبل الحياة والعيش ، فأن مدينة ” نيوم ” سوف تكون منبعا للاختراعات والابتكارات في كل المجالات ، وبالتالي سوف تدر هذه الاختراعات والابتكارات دخلا مستمرا لهذه المدينة سوآءا ببيعها أو إعطاء حقوق الاستفادة والاستخدام ، ومنه ينصب الدخل لخزائن المملكة العربية السعودية ، كما اعتقد أن ” نيوم ” سوف تحتضن مؤتمرات تقنية متقدمة جدا لدرجة أنها سوف يكون لدى المدينة مؤتمرات بحجم ” اكسبو” ولكن بشكل سنوي ، وللقارئ الكريم أن يتخيل كيف يكون الحال في مدينة يكون بها ” اكسبو ” بشكل سنوي.
تاسعا : تلبية جزء كبير من الطلب المحلي في قطاعات الأغذية والرعاية الصحية والترفيه والتعليم العالي ، الأمر الذي سوف يحفظ الكثير من الثروات التي كانت تصرف لتلك القطاعات خارج الحدود السعودية ، وسوف ينتج ذلك دخلا مستمرا للمدينة لانفتاحها على الطلب الإقليمي سوآءا في الشرق الأوسط وجنوب أوروبا واسيا الوسطى ، ولن استبعد أن يكون هناك علامات تجارية عالمية في كل تلك القطاعات داخل الحدود السعودية متركزة في مدينة ” نيوم ” لمحاولة الاستفادة مما تمتلكه المدينة من موقع جغرافي وتقدم في شكل الحياة لقاطني المدينة.
عاشرا: قطاع السياحة والترفيه سوف يحقق لمدينة “ نيوم ” دخلا مهما بلا شك ، حيث أن المملكة العربية السعودية يعيش بها اكثر ثلاثين مليون نسمة بين السعوديون والأجانب ، وسوف توفر لهم فرصة ملائمة للتمتع بالعطل والأعياد خصوصا الأجانب الذين في كثير من الأحيان لا يستطيعون السفر بشكل مستمر أو في الأوقات التي تناسبهم ، فوجود وجهه سياحية سوف تلبي طلب موجود حاليا من خلال السعوديين وأيضا سوف يخلق طلبا جديدا للسياحة الداخلية من خلال الأجانب الذين يقيمون في المملكة العربية السعودية.
أجمالا – مدينة ” نيوم ” تمثل نموذجا حيا لعبقرية الأمير الشاب / محمد بن سلمان، حيث خلق فرصة جديدة تضاعفي القيمة لأرض شبة متروكه وخطط لها أن تكون مدينة استثنائية وسوف تبنى بأموال سعودية وأجنبية ، وسوف تسن قوانينها بما يتناسب مع رغبات وتطلعات المستثمرين بها ، في حدود الأعراف والهوية السعودية ، كما ركز على قطاعات حيوية مستمرة ومتنامية الطلب.
قد لا نرى ” نيوم ” غدا أو بعد غد ، لكن قطعا سوف نرى مكاسبها وأرباحها قريبا جدا ، وسوف يميز المتابع للشأن الاستثماري النمو الكبير الذي سوف يحققه صندوق الاستثمارات العامة خلال اشهر قليلة قادمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال