الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الزكاة في الإسلام عبادة متعلقة بالمال، وهي ثالث أركان الإسلام الخمسة، وهي مفروضة بأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع المسلمين، فمن القرآن الكريم ،( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) 43 سورة البقرة ، ومن السنة ، منها ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله يقول: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً”. وللبخاري بلفظ: وصوم رمضان والحج؛ وقد أجمعت الأمة على فرضية الزكاة، ولقد اقترنت الزكاة بالصلاة في القرآن في اثنين وثمانين آية، وهذا يدل على أن التعاقب بينهما، وأصل الزكاة في اللغة هو الطهارة والنماء والبركة والمدح.
الزكاة شرعاً حقٌّ يجب في المال، وقيل: حقٌّ واجب في مال خاص، لطائفة مخصوصة، في وقت مخصوص؛ وقيل: إنفاق جزء معلوم من المال النامي إذا بلغ نصاباً في مصارف مخصوصة وقيل: حصة من المال ونحوه يوجب الشرع بذلها للفقراء ونحوهم بشروط خاصة؛ وقيل: عبارة عن إيجاب طائفة من المال في مال مخصوص لمالك مخصوص؛ وقيل: نصيب مقدَّر شرعاً في مال معين يصرف لطائفة مخصوصة؛ وقيل: التعبد لله تعالى بإخراج جزء واجب شرعاً، في مال معين.
والزكاة في الفقه الإسلامي تتضمن زكاة المال، وزكاة الفطر، والأموال الزكوية ومقاديرها وأحكامها، وتجب في النعم والذهب والفضة وفي أجناس من الزروع والثمار، وفي عروض التجارة والركاز والمعدن. والزكاة فريضة شرعية ذات نظام متكامل، يهدف لتحقيق مصالح العباد والبلاد والتكافل الاجتماعي، وسد حاجة المحتاجين، وإغناء الفقير. والزكاة هي الصدقة المفروضة، بقدر معلوم في المال، وهي إلزامية، وليست مساهمة اختيارية، ولا تعتبر ضريبة، بل تختلف عنها، ولا خلاف في مقاديرها، وأحكامها إلا في مسائل فرعية قليلة، ويدفعها المزكي، أو من ينوبه للمستحقين، وإذا طلبها السلطان؛ لزم دفعها إليه، وتصرف في مصارف الزكاة. ولا تصرف للجمعيات الخيرية، ولا لبناء المساجد، وغير ذلك من الأعمال الخيرية. ومنع الزكاة سبب لتلف المال وضياعه والعقوبة في الآخرة، ومانعها مع اعتقاد وجوبها يأخذها السلطان منه، وإن كان بذلك خارجا عن قبضة الإمام؛ قاتله بحق الإسلام، ولا يخرجه ذلك عن الإسلام.
ويثور التساؤل: هل رواتب الموظفين عليها زكاة؟ حيث أن زكاة رواتب الموظفين على اختلاف مراتبهم من الموضوعات المهمة في الفقه المعاصر. حيث أن المتابع للوضع الاقتصادي والمالي لأفراد المجتمع يرى أن غالب دخول الأفراد في المجتمع تتشكل من الرواتب. حيث هناك تساؤلات كثيره ومنها: ما الراجح في قول زكاة الرواتب وهل الرواتب تزكى؟ ومتى تزكى، هل عند حولان الحول أو عند القبض.
يقتضي المقام التعرف على مفهوم الراتب، وهو ما يحصل عليه الموظف لقاء جهده ويصرف له بصورة دورية (غالباً شهرياً أو سنوياً)، سواءً كان عمله في جهة حكومية أو مؤسسة خاصة.
لقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الراتب اليوم تنطبق عليه مواصفات ما أسماه الفقهاء قديماً المال المستفاد وهو لكسب العمل وهو أن يعتبر هذا الكسب مالا مستفادا وتجري عليه أحكام الزكاة المتعلقة بالمال المستفاد. واختلفوا على قولين بشأن الزكاة في المال المستفاد(الراتب) حيث ذهب القول الأول أنه لا زكاة في المال المستفاد إلا إذا مر عليه حولاً كاملاً من يوم استفادته؛ وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وذهب مع هذا الرأي كثير من العلماء المعاصرين. أما القول الثاني فذهبوا إلى أن المال المستفاد يزكى عند استفادته بلا اشتراط الحول. واستند كل فريق من الفريقين في قولهم على أدلة من الكتاب والسنة.
ولقد تم سؤال الشيخ الدكتور عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء عن زكاة الراتب وقال كالتالي: ما يتم ادخاره من الراتب الشهري يجب عليه الزكاة، أما إذا كان الفرد أو الأسرة يأكل ويشرب من هذا الراتب فلا زكاة عليه. وسؤل الإمام العلامة ابن باز رحمه الله عن زكاة الراتب الشهري، فأجاب بالتالي: الواجب أن يزكى الراتب وغير الراتب إذا حال حوله، فإذا حصل لك في رمضان عشرة آلاف ريال، وبقيت إلى الحول زكيتها، أو بقي نصفها زكيت الباقي، وهكذا في شوال، وهكذا في ذي القعدة، وهكذا في ذي الحجة، كل شهر بشهره، إذا حال حوله تزكي ما بقي منه، وتضبط الأمور بالكتابة حتى تحفظ ما يجب عليك، هذا الواجب عليك، ولا يجب إخراج الزكاة من حين وصول مرتبك إليك، لا، الواجب إذا حال الحول كما قال ابن عمر وغيره: «من استفاد مالًا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول) وجاء مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) هذا هو الصواب. – انتهى كلام الإمام العلامة ابن باز.
ونرى أن الراجح هو أن راتب الموظف الذي يصرف له بصورة دورية في الأصل لا زكاة عليه حيث أنه في الغالب يكون لمواجهة نفقات المعيشة، من مأكل وملبس ومأوى..الخ، ولكن تجب الزكاة على ما يدخر منه ويبلغ النصاب الشرعي ويحول عليه الحول؛ والنصاب المعتبر في الرواتب هو نصاب النقود وهو ما يعادل 85 جراما من الذهب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال