الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع تزايد عدد المنظمات غير الربحية في العالم، تزايدت أيضًا الدراسات المتعلقة بها. على مدى العقدين الماضيين، تمت دراسة المنظمات غير الربحية بشكل متكرر من قبل علماء الادارة و القانون و من قبل المؤسسات الاستشارية التي تقدم النصح والمشورة للمنظمات غير الربحية. عندما ركزت هذه الدراسات على الحوكمة للمنظمات غير الربحية، فقد سعت إلى تطوير أفضل الممارسات التي يمكن للمنظمات غير الربحية أن تطبقها لتعمل بفعالية. العديد من أفضل الممارسات الناتجة مفيدة ومناسبة، إلا أن البحث عن أفضل الممارسات والاعتماد عليها بشكل مفرط يمكن أن يحجب حقيقة أن المنظمات غير الربحية ليست كلها متشابهة. تتطلب المنظمات غير الربحية المختلفة أساليب مختلفة. وينطبق هذا بشكل خاص على المنظمات غير الربحية الصغيرة، التي تواجه تحديات فريدة تتجاهلها دراسات أفضل الممارسات. وبسبب هذا النقص، فإن المنظمات غير الربحية الصغيرة تكون في بعض الأحيان غير قادرة على خدمة مهمتها أو جمهورها حيث أن أفضل الممارسات لا يخدم حجمها ولا حجم أعمالها. لذلك هناك ثلاث نماذج صالحة للتطبيق على المنظمات غير الربحية.
أول هذه النماذج هو نموذج الحوكمة الأكثر تأثيرًا و تطبيقا على جميع القطاعات سواء الربحية او غير الربحية، وهي نموذج جون كارفر. في نموذج كارفر، يتمثل دور مجلس الإدارة في تطوير قيم وسياسات المنظمة، ثم ترك السلطة التنفيذية للموظفين لتفعيل تلك السياسات. يقوم مجلس الإدارة بإنشاء نوعين من السياسات: “سياسات النهاية”، والتي تحدد الأهداف التي تعمل المنظمة على تحقيقها؛ وسياسات القيود التنفيذية، التي تحظر بعض القيام ببعض الإجراءات من قبل السلطة التنفيذية. ومع ذلك، بعد أن قام مجلس الإدارة بوضع سياسات الغايات وتوجيه المدير التنفيذي حول مسؤولياته وصلاحياته، أصبح المدير التنفيذي الآن حرًا في تحديد كيفية إدارة المنظمة دون تدخل مجلس الإدارة. يؤدي هذا النموذج إلى صناعة المدراء التنفيذيين، حيث انه بمجرد تكليفهم بأدوارهم، يكونون مستقلين. ولكن لهذا النموذج عيوب متعددة، من اهمها انه في حين أن مجلس الإدارة هو السلطة النهائية، إلا أنه لا يدير المنظمة، بل يتم تفويض هذه المسؤولية إلى السلطة التنفيذية. وهذا يتطلب أن تكون السلطة التنفيذية على درجة عالية من الكفاءة، حيث لا ينبغي لمجلس الإدارة، وكما انه لا يستطيع، أن يدير العمل اليومي للسلطة التنفيذية. حيث يتطلب نموذج كارفر الانضباط من جانب كل من السلطة التنفيذية ومجلس الإدارة بحيث أنه يجب أن يفهم كلاهما أدوارهما ويجب ألا يحاولا توسيع نطاقهما ليشمل مسؤوليات الآخر. كما يتطلب أيضًا أن يكون مجلس الإدارة والسلطة التنفيذية قويين وفعالين. لذلك، يعتبر هذا النموذج غير صالح للتطبيق دوما في المنظمات غير الربحية، خاصة إذا كانت صغيرة أو متوسطة، على الرغم من أن مبادئ هذا النموذج يعتبر من أفضل الممارسات في الحوكمة.
النموذج الثاني ليس له أنصار في القطاعات الربحية، ولكنه يلقى دعم من قبل مستشاري الحوكمة للمنظمات غير الربحية. هذا النموذج يركز على أن يكون المدير التنفيذي له الدور الرئيسي في قيادة مجلس الإدارة. ويسمى هذا النموذج بنموذج التركيز التنفيذي هذا، حيث يشارك المسؤول التنفيذي بشكل أساسي وفاعل في عمل مجلس الإدارة وتفاعله، ويجتمع معهم كمجموعة وكأفراد. يعمل المدير التنفيذي بشكل ريادي مع مجلس الإدارة، ويعزز إنتاجيته. يتمثل الدور الأساسي لمجلس الإدارة في التخفيف من الاعتماد على الموارد وتكوين مصادر دخل من خلال جمع الأموال والتبرعات والتخطيط الاستراتيجي والوساطة في البيئة الخارجية. وهنا نجد ان هذا النموذج يناقض تماما نموذج كارفر، يمكن أن يسمى هذا مجلس الادارة بالمجلس السلبي، حيث من الواضح أن المسؤول التنفيذي هو قائد المنظمة وليس رئيس مجلس الإدارة.
أما النموذج الثالث ، يسمى بنموذج الشراكة المتوازنة، فتنظر إلى العلاقة المثالية بين مجلس الإدارة والموظفين باعتبارها تبادلاً بين متساوين. لكي تكون المنظمة فعالة، يجب أن يكون لدى كل من مجلس الإدارة والسلطة التنفيذية تقسيم واضح للمسؤوليات، والثقة، والتفاهم، وحرية الاختلاف مع بعضهما البعض. والعلاقة بين الاثنين مرنة إلى حد ما وتتطور مع مرور الوقت. وهنا قد يطلقون على مجلس الادارة بالمجالس الاستثنائية التي يتم تأسيسه وبناء وصناعة قراراته بالشراكة بين مجلس الادارة والرئيس التنفيذي تحكم و العلاقة بين الاثنان هي علاقة مرنة و مترابطة.
على الرغم من أن هذا النموذج الأخير لديه بعض أوجه التشابه السطحية مع نموذج كارفر، إلا أنهما نهجان مختلفان تمامًا. في حين أن لكل منهما أدوار محددة بوضوح، لكن مجلس الادارة في نموذج كارفر، هو السلطة المطلقة – فهو ليس شراكة. ويرفض نموذج حوكمة السياسات أيضًا فكرة العلاقة المرنة والمتطورة.
قد تنجح المنظمات غير الربحية في تبني نموذج كارفر المطبق على معظم المنظمات الربحية وغير الربحية بحكم انها تعتبر أفضل ممارسة للحوكمة، ولكن اتخاذ قرار النموذج الأفضل يعتمد على معطيات مختلفة ومتعددة. لذلك لابد من المرونة في عملية صناعة حوكمة المنظمات غير الربحية لتطبيق أفضل الممارسات عليها بما يتناسب مع وضعها و ظروفها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال