الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تثير وكالة الطاقة الدولية (IEA)- ومنذ مدة ليست بالقصيرة – التساؤلات حول مصداقية وموثوقية تقاريرها ودراساتها التي تقدم معلومات وتوصيات تصل إلى حد اللامنطقية في بعض الأحيان، وقد نبه سمو وزير الطاقة السعودي، أثناء جلسة حوار في منتدى قطر الاقتصادي الذي عقد في مايو 2023 في الدوحة، بأنها قد “أثبتت أن الأمر يتطلب موهبة خاصة حقا لتكون على خطأ باستمرار”، وليلحقها بتنبيه آخر أثناء جلسة حوارية في مؤتمر البترول العالمي – الذي عقد في سبتمبر 2023 بمدينة “كالغاري” بكندا – بأنها باتت “مؤدلجة” بدور سياسي، وهذا بالطبع على حساب دورها المفترض، فلماذا هذا الخلل في تقاريرها؟
وكالة الطاقة الدولية هي منظمة مهنية مستقلة في تقديم إرشادات وتوصيات في مجال سياسات الطاقة للدول الأعضاء فيها بحيادية تامة، ولكنها تظل كيان يواجه قيود وتحديات يمكن أن تؤثر على ما تقدمه، خاصة أنها تعمل في بيئة سياسية قد يكون فيها لضغوط مصالح الدول الأعضاء التأثير المباشر على تقييمات الوكالة، أو قدرتها على تقديم تحليل موضوعي بالكامل، وقد فوجئ الجميع بما صرح به المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية – على سبيل المثال – في أحد تقاريرها بأن عصر النمو في الطلب على النفط من المقرر أن يقترب من نهايته هذا العقد، وهي كلمة لا تدع مجالا للشك في أن هذا العامل قوي الحضور والتأثير على مخرجات الوكالة.
بجانب هذا العامل الصعب، فإن جمع بيانات الطاقة تعتبر مُهمّة معقدة وتعتمد على مصادر معلومات مختلفة، بما فيها ما يصدر من منظومات الحكومات والصناعة والمالية، وطبيعي أن تؤثر التناقضات أو التأخير في الإبلاغ عن البيانات على دقة وتوقيت تقييمات وكالة الطاقة الدولية، إضافة إلى أن دقة التنبؤ بالطاقة وافتراضاتها يمكن أن تكون مهزوزة أو خاطئة، لاسيما إذا ما كانت الافتراضات الأساسية لا تتماشى مع التطورات الفعلية، أو إذا كانت النماذج المستخدمة معيبة، فعلى سبيل المثال تتأثر أسواق الطاقة بالعوامل الجيوسياسية وعدم الاستقرار السياسي وتغيرات السياسات، مما يؤدي إلى حالة من عدم اليقين في أسواق الطاقة، وعليه فمن الصعب التنبؤ بدقة هذه العوامل أو توقيتاتها، وبالتالي العجز عن تقديم تقييمات دقيقة.
أيضا، من العوامل المؤدية لتجلي علامات التعجب والاستفهام أثناء قراءة وتحليل تقارير الوكالة هو ملاحظة إشارات لعدم إدراكها المنطقي لمدى جدوى التحولات الحاصلة في قطاع الطاقة، ونمو مصادر الطاقة المتجددة، والتقدم التكنولوجي، وتغير مشهد السياسات، وإهمال حقائق على أرض الواقع مثل القرار الذي اتخذته بعض البلدان بالتخلص التدريجي من الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما النووية في اليابان في عام 2011، ومثل هذه التحولات في السياسات لها آثارا كبيرة على توقعات الطاقة.
لا شك في أن تنوع تقارير الوكالة التي تتناول العديد من مواضيع الطاقة مثل توقعات الطاقة العالمية، وسوق النفط، وسوق الغاز الطبيعي، وتحديثات سوق الطاقة المتجددة، يُظهر دورها النشط في تقديم الرؤى والدراسات في هذا المضمار، ولكن مع ملاحظة عدم حيادتيها وضعف منطقيتها العلمية في عدد من القضايا مما انعكس سلبا على جودة مخرجاتها في الآونة الأخيرة، يستدعي حذر الجميع مما يصدر عنها، فالمشهد القادم لعالم الطاقة سيكون مليء بالتحديات.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال