الخميس, 1 أغسطس 2024

(مال) ترصد اقتصادات كأس العالم: نمو اقتصاد الدولة المضيفة والعائد الاستثماري والسياحة.. وفرص لريادة الأعمال وخفض البطالة

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

يحقق اقتصاد المملكة نموا مضطردا في السنوات الأخيرة، ويتوقع أن يستمر هذا النمو خلال الأعوام المقبلة، حيث يقدر أن يسجل نموا قدره 4 % خلال العام المقبل وفق تقديرات البنك الدولي. من جانبه أشاد الصندوق بتسارع وتيرة التحول الرقمي في المملكة وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وبالإصلاحات في البيئة التنظيمية وبيئة الأعمال، والجهود الجارية بالاستثمار في رأس المال البشري، والنمو المستمر للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. ويتوقع أن تحقق المملكة نموا في القطاع الخاص غير النفطي خلال الأعوام المقبلة تزامنا مع ضخ مزيد من الاستثمارات في عدة قطاعات استعدادا لاستضافة كأس العالم 2034، قياسا على الاقتصادات التي استضافت المونديال في الدورات السابقة. 

وتعد نجاحات التحول الكبير في المملكة التي يقودها ولي العهد، والإنجازات الكبيرة التي حققتها رؤية السعودية 2030، سببا في فوز المملكة باستضافة كأس العالم 2034، وتهدف المملكة إلى رفع حصة الرياضة في الناتج الإجمالي إلى 1.5 %.

وتؤكد دراسات محكمة وتقديرات متخصصة أن تنظيم كأس العالم في أي دولة ينعكس على نموها الاقتصادي، فضلا عن العائد الاستثماري مقابل الإنفاق على البطولة لا يقل عن 5 %، وقد يتراجع في دول إلى دون ذلك، وقد يرتفع في أخرى وفقا للظروف الاقتصادية في وقتها أو لتشريعات كل دولة التي قدت تشجع الاستثمار أو تقيده. وتلعب صناعة الرياضة دورًا محوريًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي على المستوى العالمي، ومن المتوقع أن يصل إجمالي سوق صناعة الرياضة في العالم إلى نحو 599.9 مليار دولار بحلول عام 2025، وفقًا لما ورد في  تقرير فرص واستراتيجيات سوق الرياضة العالمية لعام 2021، كما رجح نموها إلى 826 مليار دولار بحلول عام 2030. 

اقرأ المزيد

وهناك عدد من الأسباب التي تدفع الدول للتنافس على استضافة كأس العالم، السبب الأكثر وضوحاً هو التعزيز الاقتصادي الذي يأتي من استضافة حدث رياضي كبير، حيث ينعكس ذلك على انتعاش السياحة والإنفاق على البنية التحتية والنقل والاستثمار الأجنبي، وخلق فرص عمل جديدة، إذ وجدت دراسة أجراها خبراء اقتصاديون أن استضافة كأس العالم أو الألعاب الأولمبية زادت السياحة بنحو 8 %. وقياسا على هذه النسبة ووفقا للتشريعات والتسهيلات التي تقدمها المملكة للسياح، من المتوقع أن تزيد السياحة في المملكة مع حلول موعد المونديال بنسبة كبيرة جدا.

(مال) تعرض هنا بيانات اقتصادية من بطولات سابقة لكأس العالم، فعلى سبيل المثال استضافت ألمانيا كأس العالم 2006 وأشارت البيانات الحكومية في حينها إلى أن الحكومة أنفقت نحو 6.2 مليار دولار على البنى التحتية، وتجهيز الملاعب، وبالمقابل، فإن الإيرادات التي حققتها ألمانيا خلال فترة المونديال كانت كبيرة جداً، حيث شهدت البلاد طفرة كبيرة في مبيعات الأغذية والمشروبات والتحف التذكارية، إذ ارتفعت المبيعات إلى أكثر من 2.6 مليار دولار، كما شهدت الإيرادات السياحية طفرة أيضاً، حيث بلغت الإيرادات أكثر من ملياري دولار، بحسب ما أعلنته الحكومة آنذاك.


في عام 2010، استضافت جنوب أفريقيا النسخة التاسعة عشرة من كأس العالم، وهي أول بطولة تقام في القارة الأفريقية، وتحديدًا في جنوب أفريقيا، وبلغت حينها التكاليف المالية التي أنفقتها الحكومة، أكثر من 3.5 مليارات دولار.

أما بالنسبة إلى الإيرادات، ومساهمة كأس العالم في الاقتصاد المحلي، فقد أشارت كل من وزارة الاقتصاد والمالية هناك، إلى أن استضافة مباريات كأس العالم ساهمت بتوفير 50 ألف فرصة عمل دائم، وتحصيل نحو  من 2.5 مليار دولار من ضرائب ورسوم إضافية. كما لفتت تقارير اقتصادية محلية إلى أن مداخيل كأس العالم تضيف ما بين 0.3 و0.7 نقطة مئوية إلى النمو الاقتصادي.

في عام 214 أقيم كأس العالم في البرازيل، وقدرت الحكومة البرازيلية التكلفة الإجمالية التحضيرية للمونديال بنحو 28 مليار ريال برازيلي، وهو ما يعادل 8.6 مليار دولار فقط لأعمال البنية التحتية، بالإضافة إلى 2.4 مليار دولار على الملاعب، كما أنفقت نحو ملياري دولار على الترتيبات الأمنية، وبالتالي فإن حجم ما أنفقته يصل إلى ما يقارب 13 مليار دولار. وبحسب بيانات حكومية، فقد أوجد المونديال في البرازيل نحو مليون فرصة عمل. وأشارت بيانات الحكومة إلى أن نحو مليون سائح أجنبي زاروا البرازيل خلال نهائيات كأس العالم، بينما كانت التوقعات تشير إلى 600 ألف زائر أجنبي، لذا فإن الحصيلة كانت إضافة 3 مليار دولار إلى الاقتصاد البرازيلي. وأوضحت البيانات الصادرة في وقتها إلى أن المونديال ساهم في رفع العقارات أيضا.

في عام 2018، استضافت روسيا مباريات كأس العالم، وذكرت وكالة إنترفاكس الروسية، أن موسكو قررت زيادة الميزانية المخصصة لنهائيات كأس العالم العام المقبل، بمقدار 11.6 مليار دولار، لتصل بمجملها إلى أكثر من 20 مليار دولار. وتشير التقديرات إلى أن أرباح روسيا تخطت 23 مليار دولار، هذا فضلا عن حجم الاستثمارات التي تم ضخها في قطاع الفنادق والسياحة. ويقدر أن العائد الاستثمار في روسيا بلغ 4.6 %.

النسخة الأخيرة من المونديال والتي أقيمت في قطر، توصف بأنها الأعلى تكلفة في تاريخ البطولة بمبلغ زاد على 200 مليار دولار، بعد أن جهزت الدوحة بنية تحتية متكاملة، تتضمن شبكة طرق ومواصلات داخلية، إلى جانب بناء ثمانية ملاعب لاستضافة مباريات المونديال. ويقدر أن مكاسب الدولة الخليجية المباشرة من المونديال اقتربت من 8 مليارات دولار، وهي أدنى كثيرا من الإنفاق،  نظرا لأن قطر أنفقت مبالغ كبيرة في البنية التحتية والملاعب، ولم يكن هدفها العائد المالي بصورة مباشرة.

وكما معلوم فالرياضة بصورة عامة وتحديدا كرة القدم، باتت اقتصادا مستقلا، وتشير بيانات في هذا الخصوص إلى أن 7 % تقريبا من سكان العالم يرتبطون بكرة القدم بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ممارسة أو متابعة أو استثمارا. بل أن التقديرات ترفع هذه النسبة حين يتعلق الأمر بالاستثمار ذي العلاقة برياضة كرة القدم. يقول جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم أن كرة القدم هي أكبر مشروع اقتصادي في العالم، إذ توجد شركة تحقق إيرادات أكبر مما تحققه كرة القدم الدولية.

وحسب مواقع واستطلاعات ذات علاقة، فإن منافع استضافة كأس العالم لأي دولة ينعكس إيجابا في فتح فرص إضافية لريادة الأعمال والعمل الحر. وهنا نشير إلى ريادة الأعمال في السعودية تعد محورا أساسا في رؤية 2030 إلى جانب كونه ركيزة أساسية في بناء المستقبل للمملكة. وفي هذا الجانب، تم إنشاء الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ لتعمل بوتيرة متسارعة على مراجعة الأنظمة واللوائح، وإزالة العوائق، وتسهيل الحصول على التمويل، ومساعدة رواد الأعمال في تسويق أفكارهم ومنتجاتهم، فمن خلالها يستطيع رواد الأعمال تعلم المهارات، وفيها يحظى الابتكار بالتشجيع والرعاية. ولعل أحد أبرز توجهات دعم رواد الأعمال، هو خفض البطالة، والتي تسجل تراجعا ملحوظا في المملكة، ويتوقع أن تحقق مستهدفات رؤية 2030 قبل حلولها، وربما تصل معدلات متدنية جدا مع زيادة فرص ريادة الأعمال مع اقتراب استضافة مونديال 2034.

نشير في هذا الجانب، إلى أن البيان التمهيدي للميزانية السعودية للعام 2024 الذي صدر عن وزارة المالية في الأول من أكتوبر الماضي، أوضح أن الإصلاحات الاقتصادية ساهمت في تحسن مؤشرات سوق العمل وذلك تماشياً مع أهداف رؤية السعودية 2030، التي انعكست إيجاباً على معدل البطالة للسعوديين ليصل إلى 8.3 %خلال الربع الثاني من العام الحالي. وتعد نسبة البطالة حتى الربع الثاني من العام الجاري الأقل منذ أكثر من 20 سنة، وجاء ذلك نتيجة للعديد من المبادرات مثل مبادرات التوطين، والمبادرات الداعمة للقطاع الخاص المتمثلة في رفع نسبة المحتوى المحلي في مشاريع تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وتحفيز الصادرات الوطنية، وبرامج الخصخصة التي تهدف إلى خلق فرص للمواطنين في سوق العمل.

ذات صلة

المزيد