الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إذا تداخلت التفسيرات على أحدكم لمعرفة مفهوم الحوكمة والتبست عليه التعريفات وكثرت عليه الأمثلة وبعدت عن الواقع فلينظر في الاجراءات المتخذة من قبل اللجنة التي يرأسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الآونة الأخيرة مع حالات الفساد فتتضح له الصورة بما لا يسع المجال لشرحه في مجلدات.
من أهم مبادئ الحوكمة كما ذكرتها كثير من المنظمات الدولية كمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) هو العدالة والشفافية والإفصاح و أخيراً وليس آخراً المسؤولية والمسائلة وذلك كله سعياً في تحقيق النزاهة وحفظاً لحقوق جميع أصحاب المصالح. وجميع تلك الأحداث في الآونة الأخيرة والمتعلقة بقضايا الفساد وحملات التوقيف للمتهمين في قضايا الفساد التي طالت الكبير قبل الصغير ولم تفرق بين وزير وأمير جسدت هذه المبادئ وبينت بما لا يدع مجالاً للشك توجه الدولة الحازم في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد على جميع الأصعدة.
لو عدنا للوارء قليلاً.. نجد أن الحوكمة كممارسة موجودة في القطاع الخاص منذ ما يزيد عن العشر سنوات حيث أصدرت الجهات التنظيمية ذات العلاقة الأنظمة واللوائح الملزمة في أحكامها لمبادئ الحوكمة على الشركات المساهمة. تتالت بعد ذلك الجهود والمبادرات لتعزيز الحوكمة في الشركات المساهمة وذلك كله للهدف الأكبر والأسمى وهو حماية حقوق المستثمرين وكسب ثقتهم كونهم مساهمين في تلك الشركات ولهم حقوق فيها، والآن نفسها مبادئ الحوكمة يجب أن تعيد ثقة المواطنين في المؤسسات الحكومية كونهم أحد المساهمين فيها.
كان هناك بعض المبادرات الخجولة في عدد من المؤسسات الحكومية في استحداث أقسام خاصة بالحوكمة داخل مؤسساتها لكن آثارها لا تكاد تذكر. قياساً على تجربة حوكمة الشركات فإن مبادئ الحوكمة لم تكن لتفعّل بشكل واضح في الشركات لولا أنه تم فرضها عليها من قبل جهة تنظيمية ويتم مراقبتها ومحاسبتها عليها في حال مخالفتها لأحكامها، وكذلك في القطاع الحكومي يجب أن يكون هناك مركز متخصص في وضع مبادئ وأنظمة للحوكمة في المؤسسات الحكومية المختلفة ويفتح المجال للمواطنين للمشاركة في وضع هذه المبادئ والأنظمة ويكون هناك متابعة لتطبيقها ومحاسبة لمن يخالفها، ويكون هذا المركز مرتبط تنظيمياً بمجلس الوزراء أو مجلس الاقتصاد والتنمية أو أي جهة عليا لها سلطة على تلك المؤسسات الحكومية لضمان الالتزام.
تحقيق مبادئ الحوكمة في القطاع العام أصبح مطلوباً أكثر من أي وقت مضى لسببين أساسيين، أهمهما مبادرة سموه بتطبيق معايير عالية في الحوكمة كان لزاماً الآن على المؤسسات الحكومية جميعها أن ترتقي لها، وثانياً لكون المواطن السعودي الآن وللمرة الأولى منذ نشوء الدولة السعودية يقوم بدفع الضرائب ويساهم في موارد الدولة.. فهو الآن مخول بصورة أكبر لمعرفة مصير هذه الأموال والتأكد من أن هذه الموارد تستثمر بالشكل الأمثل لصالح الوطن والمواطن.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال