الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قائل هذا المثل العربي القديم هو فارس خزاعة ويدعى معاذ بن صرم وكان مكثراً لزيارة أخواله من قبيلة عك. ويحكى أنه استعار منهم فرساً فذهب به إلى قومه خزاعة فلقاه رجل يقال له يقال له جحيش بن سودة فقال جحيش لمعاذ: ما رأيك أن نستبق ومن يسبق يأخذ خيل صاحبه؟ فوافق معاذ فتسابقا فسبق معاذ جحيشاً. فلما أراد معاذ أن يأخذ خيل جحيش طعن جحيش خيله فقتلها. فاغتاظ منه معاذ فقتل معاذ جحيشاً ثم فر إلى أخوال له من عك فاحتمى عندهم. وكان أبناء أخوال معاذ يغيرون منه لشجاعته و حظيته في قومهم ومرة خرجوا ليصطادوا وكان معاذ محمولا ًعلى بعير وابن خال له يقال له الغضبان ماشياً على رجليه. فقال الغضبان لمعاذ خل عنك البعير. فأبى معاذ فعيره الغضبان بأنه تارك لقومه ومحتم عند عك فرد عليه معاذ: زر غباً تزدد حبا فصارت مثلاً.
ومعنى هذا المثل أن من أراد أن يُحَب فليزر زيارة متقطعة ولا يكثر الزيارة. وهذا المعنى يعود بنا إلى مقالي السابق في صحيفة مال يوم الجمعة 1 ديسمبر 2017 بعنوان “كثر السلام بيقل المعرفة” حيث تحدثت فيه عن مفهومي الوصول والتكرار في الحملات الإعلانية. وبقي لنا جانب مهم في الإعلان ألا وهو جدولة الإعلانات التجارية و نقصد به ما هي الفترات التي يجب أن يعرض فيها الإعلان على الجماهير. هناك مدراس عديدة في هذه النقطة فمثلاً الطريقة المنتظمة الثابتة Even والطريقة المتزايدة Building Up والطريقة المتناقصة Decreasing والطريقة المتقطعة النبضي Pulsing والطريقة المنتظمة المتقطعة Skip و الطريقة الخاطفة Blitz (تكثيف الإعلانات في بداية الحملة ثم التناقص السريع).
وفي الحقيقة لا توجد طريقة أفضل من الأخرى لجدولة الحملة الإعلانية ولكن لكل هدف ترويجي طريقة تناسبه أكثر من غيره فمثلاً غالباً ما تستخدم الطريقة المنتظمة الثابتة والطريقة المنتظمة المتقطعة في المنتجات التي لا تتأثر بالموسمية كما يكثر استخدمها لغرض التذكير بالمنتجات. أما الطريقة المتناقصة والخاطفة فيكثر استخدامها لأعراض العروض الترويجية المحددة بقترة زمنية قصيرة كما يكثر استخدام الطريقة النبضية والمتزايدة في المنتجات الموسمية وكذلك لأغراض بناء الثقة وتعزيز الهوية.
أن كثرة الزيارة في الإعلان بدون مبرر حقيقي تخلق العميل ما يسمى في علم سلوك المستهلك Consumer Skepticism أي شك العميل تجاه المنتج. وحسب دراسة (كاج، 2003) فإن هذا الشك ينصب في قنوات محددة مثل؛ الشك في أداء المنتج، الشك في سهولة الاستخدام، الشك في عمر المنتج الافتراضي، الشك في الخدمات الداعمة للمنتج، الشك في قيمته الاقتصادية، الشك في قيمته الاجتماعية (البرستيج)، الشك في الجودة، الشك في التنافسية، الشك في الاعتمادية، الشك في أصالة المنتج، الشك في التوافقية. ومما تواترت عليه الشواهد أن ثقة العميل هي طريق مؤدية لولاء العميل وإن المبالغة في الإعلان ودخول الشك في أي من هذه القنوات كفعل جحيش حين راهن على فرس خاسرة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال