الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
صدر مؤخراً نظام المساهمات العقارية لتنظيم ورفع مستوى الشفافية والأفصاح، وحمايةً لحقوق أطراف المساهمات العقارية، وتم أسناد أمر تنظيمها الى الهيئة العامة للعقار بوجه عام كجهة تنظيمية، وهيئة السوق المالية كجهة إدارية فنية أشرافية على صناديق الاستثمار العقارية، وتم أشتراط موافقة هيئة السوق المالية لضمان تحقيق طالب الترخيص لتلك المتطلبات النظامية والفنية لمباشرة ذلك النشاط، فلا يجوز طرح المساهمة العقارية ولا الإعلان عنها ولا تسويقها ولا جمع الأموال لها إلا بعد موافقة هيئة السوق المالية والحصول على ترخيص منها -ووفقاً لأحكام النظام واللائحة.
وجاء تعريف صندوق الاستثمار بحسب هيئة السوق المالية ” ﺑﺄﻧﻪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﺸﺘﺮك ﻳﻬﺪف إﻟﻰ إﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻓﻴﻪ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴًﺎ ﻓﻲ أرﺑﺎح اﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ، وﻳﺪﻳﺮه ﻣﺪﻳﺮ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻣﻘﺎﺑﻞ رﺳﻮم ﻣﺤﺪدة. ﻛﻤﺎ أن اﻟﺼﻨﺎدﻳﻖ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﺗﺪار وﻓﻘﺎ لإﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ وأﻫﺪاف اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﺤﺪدة ﻳﻀﻌﻬﺎ ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺼﻨﺪوق ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺰاﻳﺎ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ”. فأبتداء يمكن أن نفهم كيفية التقاء تلك الإرادة ونحو ماذا، فمدير الاستثمار يطرح تلك الفرصة بناء على ما لديه من مهارات ستذلل تلك الصعاب والمخاطر التي غالباً ما تحيط بهذا النوع من الاستثمار، وذلك لتحقيق مكاسب منها سواء من الإدارة والتشغيل أو التطوير سواء الأولي أو الإنشائي بهدف التأجير أوالبيع.
وبحسب ما سبق بيانه وتأسيساً على المادة التاسعة من لائحة صناديق الاستثمار العقاري فأن الأساس القانوني لإدارة الصندوق تنشأ تبعاً لعلاقة تعاقدية بين مدير الصندوق ومالكي الوحدات وذلك بموجب التوقيع على شروط وأحكام الصندوق المرخص له من الهيئة ووفقاً لأحكام اللائحة واللوائح ذات العلاقة، وعليه فأن المسؤولية الناشئة هنا هي عقدية، وكل عقد يرتب التزام واجب التنفيذ، ويعني ذلك أن العقد مُلزم لكلا الطرفين وعليهم تنفيذ كل ما يتضمنه العقد، ولا يجوز الرجوع عنه أو تعديله بإرادة منفردة، إنما بإرادة الطرفين، بالتالي فإن الاخلال بالالتزامات من قبل أحد الأطراف سواء بعدم التنفيذ أو التأخر عن التنفيذ يُرتب جزاء وهذا ما يُعرف بالمسؤولية العقدية.
عطفاً على ماسبق فأن المسؤولية عقدية والعناية هي عناية الرجل الحريص ولو كانت تلك فكرة العناية تخالف ما جاء في اللائحة عبر المادة الثالثة عشر، وذلك لأن لائحة الاشخاص المرخص لهم تشير الى شرط وجود المهارة بالأضافة إلى العناية، والمتأمل في عبارة المهارة يعي انها تلك الحرفية والبراعة. والمهارة بحسب معجم المعاني الجامع “قدرة على أداء عمل بحذق وبراعة”، وبحسب تعريف مجلة هارفاد بزنس ريفيو “Harvard business review”، هي القدرة على أداء المهام بإتقان في غضون فترة زمنية معينة وبتكلفة وجهد معقولان. كما تمنح المهارات ميزة التفوق على النظراء، وتلعب دوراً رئيسياً في نجاح العامل وتمنحه الكفاءات التي يحتاجها لأداء مهام وظيفته بتفوق وهو الامر الذي على اساسه التقت إرادة الاطراف للتعاقد مع مدير الصندوق. ففي عالم الأعمال تشير المهارات التخصصية إلى كفاءة المرء في المهام التي تتسم بالتعقيد والتي أوجد لها نظام سوق المال مجموعة من المعايير لا يمكن لغير المتخصص تحقيقها في سبيل الـتأكيد على أن المرخص له من ذوي الكفاءة ولا مجال للأخفاق ألا بأضيق نطاق. وهو ما تم التأكيد عليه مره أخرى في لائحة صناديق الاستثمار العقاري وعبر المادة الثامنة.
نعود الى مفهومي الالتزام من حيث حدود مسؤولية المدين “مدير الصندوق”، وهما التزام بتحقيق نتيجة والتزام ببذل عناية: يتصور بأن على المدين بذل الجهد المعقول للوصول للنتيجة المرجوة دون الالزام بتحقق النتيجة؛ فاذا اقتصر نطاق هذه المسألة على بذل العناية اللازمة في تنفيذ الالتزام، كان هذا الالتزام هو التزاما ببذل عناية. بمعنى أنه إذا كانت نتيجة تنفيذ الالتزام بالشكل السليم غير محققة أو على الأقل غير محددة بشكل دقيق، كان الالتزام التزاماً ببذل عناية. لأن العبرة هنا في الجهد المبذول من طرف المدين، بغض النظر عن النتيجة التي قد تتحقق أو لا تتحقق. فيقع على المدين في هذا النوع من الالتزامات بذل العناية التي يفرضها عليه القانون، أما الالتزام بتحقيق نتيجة: على خلاف الالتزام ببذل عناية، فإن الدائن (ملاك الحصص) في الالتزام بتحقيق نتيجة لا يكتفي بالعناية المبذولة في سبيل تنفيذ الالتزام، وإنما ينتظر من المدين تحقيق النتيجة المرجوة من الالتزام، بمعنى أنه يكون في الالتزام بتحقيق النتيجة مضمون الأداء الذي يقوم به المدين هو بذاته الغاية المحققة والتي يسعى إليها الدائن (ملاك الوحدات) وهذا مالم يشترط في هكذا نوع من التزامات أي في إدارة الصناديق.
تأسيساً على السابق يمكن أن يكون هناك الكثير من الصناديق المتعثرة والخاسرة بأسباب الأهمال والتقصير وسوء الإدارة نتيجة عدم بذل واجب العناية اللازم الذي سبق أن أشرنا إليه وشدد عليه النظام، وعلى ملاك الوحدات (الحصص) التنبه لتلك المسائلة بشكل دقيق وأستشارة ذوي الخبرة في أدق التفاصيل التي تعرض عليهم بالتقارير السنوية أو عند دعوتهم لحضور الاجتماعات لمناقشة أو طرح بنود معينه قد تتضمن مسائل تتطلب موافقة ملاك الوحدات العقارية وكان لابد من أبداء رأي نحوها ولكن لم يتم أعارتها أهتمام، وكانت في مسائل مفصلية تعد الموافقة عليها ضمنية بحسب ما جاء بذلك المحضر من بنود، كما أن “السكوت في معرض الحاجة بيان“، ونظاماً وقانون المفرط أولى بالخسارة. كما وأنه هناك نظام لحماية الاطراف الأ أنه يمكن لسيء النيه اتباع بعض القواعد الإجرائية التي تمكنه من الإفلات من المسؤولية.
وأضافة لما أوجبه النظام على مدير الصندوق كـ إعداد التقارير السنوية و التأكد من نظامية وسلامة العقود التي تبرم لمصلحة الصندوق.. الخ..، شدد على الالتزام بأحكام هذه اللائحة أي -لائحة صناديق الاستثمار العقاري- وهو المسؤول عن الالتزام بما جاءت به، سواء أأدى مسؤولياته وواجباته بشكل مباشر أم كلف بها جهة خارجية بموجب أحكام هذه اللائحة ولائحة مؤسسات السوق المالية. ويُعد مدير الصندوق مسؤولاً تجاه مالكي الوحدات (الحصص) عن خسائر الصندوق الناجمة عن احتياله أو إهماله أو سوء تصرفه أو تقصيره المتعمد وقرار لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية القطعي رقم 2887/ل.س/2023م لعام 1444هـ والذي جاء في منطوقه إلى إدانة أعضاء مجلس الإدارة لعدم بذل العناية اللازمة في تنفيذ واجباتهم وأهمالهم بالتخلي عن المطالبة بمستحقات مالية للشركة.
وهذا ما يؤكد تلك الفكرة-إي فكرة واجب العناية-، وذلك تأسيساً على أن عنايتهم هي عناية الرجل الحريص ولديهم المهارة التي تمكنهم تسيير الشركة على النحو الآمثل، فلا يتصور أخفاقهم بأسباب عادية، أنما يتوجب أن تكون هناك عوامل خارجية كـ ظرف طارئة أو قوة قاهرة لم يكن بالحسبان التنبئ بها بحسب الممارسات المتعارف عليها أدت إلى أخفاقهم، ولذلك يجب أن نفرق بين مفهوم تحقيق النتيجة ومفهوم بذل العناية الذي سبق أن بيناه سابقاً، لأنها قد تُشكل على بعض الممارسين، كما أن المنظم السعودي لم يفترض تتحقق النتيجة ولكنه يؤكد على واجب العناية، فأحتيال وإهمال وسوء تصرف وتقصير مدير الصندوق يتنافى مع فكرة بذل العناية، وليس مفهوم تحقيق النتيجة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال