الأربعاء, 4 سبتمبر 2024

سر القوة التي يحظى بها الموظفون الأكبر سنا

FacebookTwitterWhatsAppTelegram

اقرأ المزيد

حينما أصبح “شوان فانديرزيل” مديرا منذ نحو عشر سنوات، ورث عددا كبيرا من العاملين الذين يتمتعون بالحماس، والذين كانوا يحرصون بصدق على أداء أدوارهم بالشركة. لكن المشكلة كانت فقط تتمثل في أن غالبية هؤلاء كانوا يقتربون من سن المعاش، أو تخطوه بالفعل.

يعترف فانديرزيل، الذي يبلغ من العمر 44 سنة، ويعمل رئيسا لقسم الموارد البشرية لشركة “فيلد ميوزيام” بمدينة شيكاغو الأمريكية، أنه في البداية كان لديه الكثير من الأمور ليتعلمها بشأن كيفية التعامل مع الموظفين الأكبر سنا. حسبما تناولته “بي بي سي”.

فهؤلاء، كما يقول فانديرزيل، يحظون بمزيد من الاستقلالية، ولا يحتاجون لتعقيب مستمر على الطريقة التي يؤدون بها أعمالهم. والأهم من ذلك، هو ما يقول إنه تعلمه بشأن الوقت المناسب للتراجع عن اتخاذ قرار ما.

يقول فانديرزيل: “عندما تكون مديرا صغيرا، فربما تعتقد أن لديك طريقة أفضل للقيام بشيء ما، لكن عليك أن تتعلم أن تحترم العاملين الأكبر سنا، وأن تحترم حقيقة أنهم تمكنوا بالفعل من تطوير نظام عمل خاص بهم”.

ويضيف فانديرزيل: “فاسمح لهم بالقيام بالأمر بطريقتهم، وأظهر لهم بعض الاحترام”.

ويمكن للتحدي الذي يواجه فانديرزيل في التعامل مع الموظفين من كبار السن أن يكون تحديا صعبا بالفعل بالنسبة للمديرين الشباب الذين ورثوا مؤسسة أو شركة تضم عددا كبيرا من الموظفين الكبار، أو أشخاصا ذوي خبرة من الذين حققوا تقدما أسرع من أقرانهم.

لكن هناك قواعد قليلة ينبغي اتباعها فيما يتعلق بكيفية المضي قدما في بيئة عمل كهذه. يقول دريك فان ديريندونك، أستاذ إدارة الموارد البشرية بكلية “روتردام سكول” للإدارة في هولندا: “الواقع في أغلب المؤسسات هو أن متوسط أعمار العاملين آخذ في الازدياد”.

ويضيف ديريندونك: “أي شخص جديد في مجال الإدارة سيتعين عليه أن يفكر مليا في كيفية إدارة العاملين الأكبر سنا.”

نهج مفصل

العديد من المديرين الجدد الذين يجدون أنفسهم يشرفون على أشخاص من نفس أعمار آبائهم سوف يرتكبون الكثير من الأخطاء.

ففي غالب الأحيان، سيلجأ المديرون الشباب إلى استخدام نفس نمط الإدارة الذي يستخدمونه في التعامل مع أبناء جيل الألفية، لكن ذلك ليس بالضرورة هو أفضل منهج للإدارة.

فبينما يفضل أبناء جيل الألفية الحصول على تعقيب مستمر على أعمالهم، سيظل العاملون من كبار السن ينظرون إلى ذلك الأمر على أنه تدخل في أعمالهم، كما يقول ديريندونك.

كما أن بعض الأعضاء المخضرمين في فريق العمل لديك قد لا يفضلون نظام ساعات العمل الأقل انتظاما، وقد لا يفضلون أيضا العمل في مساحات مفتوحة داخل الشركة، وهي أمور يطلبها شباب العاملين كثيرا.

وهناك تحديا آخر يكمن في أن العاملين الأكبر سنا يشعرون بارتياح عند تحديهم لسلطة المديرين الأصغر منهم، وغالبا ما يكون ذلك منذ البداية.

والتعامل مع ذلك ينبغي أن يكون من خلال تجنب التصادم معهم. وبدلا من ذلك، ينبغي عليك كمدير أن تظهر للعاملين الأكبر سنا أنك تحترمهم، وتحترم الخبرة التي يضيفونها إلى الشركة، كما يقول ديريندونك.

يقول ستيف غرينود، المدير التنفيذي لمجموعة بيركلي المتخصصة في مجال التوظيف وإدارة المواهب، ومقرها أيرلندا: “سواء كنت تعمل مع عامل تنظيف المكاتب، أو المدير التنفيذي للشركة، فإن أفضل نهج هو أن تشرك ذلك الشخص في العمل على المستوى الشخصي”.

ويضيف غرينود: “لن يهتم ذلك الشخص بأهدافك، أو يساعد في تحقيقها ما لم تكن قد طورت معه علاقة جيدة”.

ذلك الأمر ليس سهلا مع الموظفين الأكبر سنا، والذين لا تكون لديهم دائما نفس المحفزات والأهداف، مقارنة بأقرانهم من الموظفين الأصغر سنا.

كما أن برامج التدريب الإدارية التي قد يقيمها المديرون الجدد قد لا تكون مفيدة على الإطلاق بالنسبة لهؤلاء الذين يقتربون من سن المعاش.

وبدلا من ذلك، قد يجد الموظفون من كبار السن قيمة أكبر في أن يُطلب منهم أن يشرفوا على عمل الموظفين الأصغر سنا، كما يقول غرينوود.

ويعد ذلك أمرا مفيدا للشركة، لأن الموظفين الكبار سوف ينقلون المعارف المطلوبة بشدة لمن بعدهم، وهو أمر مفيد لهؤلاء الموظفين المخضرمين أيضا، لأنه يظهر لهم أن المديرين يقدرون ما لديهم من خبرات.

ومن المحتمل أيضا، كما يقول ديريندونك، أن يحتفظ المديرون بمثل هذه المواهب؛ لأن الموظفين من ذلك الجيل المخضرم يكونون أكثر ولاءً للشركات التي يعملون فيها، ويكون من غير المحتمل أن يتركوها للبحث عن وظائف جديدة.

يقول ديريندونك: “إذا كنت تبني شركتك، أو قسما فيها، على المدى البعيد، قد يكون من المربح لك أكثر أن تستثمر في الأشخاص الذين جرى الاستثمار فيهم بالفعل داخل لمؤسسة.” ويضيف: “سيكون من المرجح أن ترى (نتائج) ذلك الاستثمار في الموظفين الأكبر سنا”.

إنتاجية أكبر؟

يفترض العديد من المديرين الجدد أن الموظفين المخضرمين سيكونون أقل إنتاجا من أقرانهم الشباب، وغالبا ما يخطئون في رؤية ذلك النهج الأكثر تمهلا على أنه نوع من البطء. لكن في الحقيقة، كما يقول ديريندونك، ينجز الموظفون ذوو الخبرة مهامهم أسرع من غيرهم في أغلب الأحيان.

وهناك أيضا ما قد تعتبره مفاجئة أخرى في هذا الإطار، إذ غالبا ما يحقق الموظفون من كبار السن النجاحات الكبيرة التي تشهدها الشركات.

يقول ديريندونك: “إذا كنت تعتقد أن أصحاب المشاريع يكونون دائما فوق سن الأربعين، فعليك أن تفترض أن الموظفين كبار السن لديهم الكثير مما يستطيعون أن يقدموه للشركة”.

ويضيف: “نحن لدينا فكرة (مسبقة) مفادها أن أصحاب المشاريع هم أشخاص في سن أصغر، وذلك بسبب (نظرتنا إلى) بيل غيتس، وستيف جوبز، لكن ذلك أمر نادر. ففي الغالب، دائما ما تأتي الأفكار الكبيرة من كبار السن.”

إن أفضل أنواع المديرين يعرفون جيدا كيف يحققون نمطا متوازنا من الإدارة، فعلى سبيل المثال، تعلم ديريندونك في شركته، “فيلد ميوزيام”، أن يتجاهل فكرة أن كبار الموظفين لا يريدون من أحد ملاحظات على أعمالهم.

بالتأكيد، هم لا يحتاجون نفس التعقيب اليومي، أو التعقيب على مدار الساعة، الذي يحتاجه كثير من جيل الألفية، كما يقول. لكنهم يريدون بالفعل أن يعرفوا ما إذا كان هناك خطأ ما في عملهم.

ويضيف: “هم أيضا لن ينظروا إلى ذلك النقد بشكل شخصي. لكن مع موظفي جيل الألفية، ربما تريد أن تضع ما لديك من ملاحظات على العمل في سياق ما، وذلك لكي تقدم لهم الثناء أولا”.

ذات صلة

المزيد