الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“الرهش” هي الحلاوة الطحينية بلهجة أهل الخليج العربي. وسأورد مثالاً حولها، مرحباً بتصحيحات وتصويبات الهيئة العامة للزكاة والدخل.
وفي البداية، من المناسب بيان أنه مثبتٌ في أدبيات الاقتصاد والمالية العامة والبنوك والنقود أن فرض الضرائب له تأثيرات متعددة؛ فعلى الرغم أن الهيكل الضريبي هو أداة من أدوات السياسة المالية، إلا أنه يؤثر على السياسة النقدية، وعلى النمو الاقتصادي كذلك. مما يعني أن السياسة الضريبية وأدواتها ليست كماً مستقلاً، إذ لابد من النظر للنظام الضريبي ضمن إطار تأثيراته على التوجه الاقتصادي ككل، بما في ذلك تأثيراته على استقرار مؤشر الأسعار (التضخم)، أو الطلب على السلع والخدمات وبالتالي نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وفي حال ضريبة القيمة المضافة، التي يفصلنا عن تطبيقها في المملكة يوماً واحداً، فلابد من التمعن، بالإضافة لما أشارت له الفقرة السابقة، إلى آلية تطبيقها، من حيث إعادة النظر –وفقاً للمعطيات الاجتماعية-الاقتصادية- لقائمة السلع والخدمات المستثناة من الضريبة، بما في ذلك السلع الأساسية التي تُمثل الأسر المستهلك النهائي لها؛ فمثلاً عند احتساب ضريبة قيمة مضافة على مشتريات الأسرة من الأطعمة، لنقل حلاوة الطحينية المستوردة، ففي الحالة هذه فإن الأسرة تدفع الضريبة عند الشراء من السوبرماركت، ونلاحظ أن المورد للحلاوة الطحينية قد دفع ضريبة القيمة المضافة للجمارك عند دخول البضاعة، إضافة –بطبيعة الحال- للتعرفة الجمركية على الحلاوة الطحينية وقدرها 15 بالمائة.
وحديثنا هناك ليس عن التعرفة الجمركية، بل عن ضريبة القيمة المضافة. والنقطة هنا أن هذه الضريبة غير تراكمية، ولا ينبغي أن تدفع أكثر من مرة، وأن تحصيلها يكون من المستهلك النهائي، إذاً لماذا تُحَصلّ الجمارك ضريبة قيمة مضافة على –في الحالة هذه-الحلاوة الطحينية عند منفذ الاستيراد، ثم تُحَصَلّ الضريبة على ذات السلعة مرة ثانية عند منفذ البيع للمستهلك النهائي؟ بما يجعلنا نقول إن المستهلك قد دفع لذات الضريبة مرتين على ذات السلعة؛ مرة من بيد المستورد ومرة ثانية بيد السوبرماركت!
وأمرٌ آخر، كيف يضمن المستهلك النهائي أن ما يجمع منه على أنه ضريبة قيمة مضافة في بقالة الحي مثلاً، سيورد لهيئة الزكاة والدخل من قبل صاحب البقالة دون نقص؟ وكيف يضمن المستهلك أن ما أستوفي منه على أنه ضريبة القيمة المضافة لن يستطيع التاجر، وإن أراد، أن يحتفظ بالمال لنفسهِ دون الخزانة العامة للدولة؟! لا أظن أن وجود تطبيق على الجوال كافي للتصدي لهذا الأمر، ولا حتى العقوبات المغلظة، ولا كون أن صاحب البقالة قدم للزبون فاتورة عليها قيمة المبيعات، وحصة ضريبة القيمة المضافة، وبيان بالرقم الضريبي للبقالة. لعل من يكفي هو وجود آلية يرفع الزبون من خلالها بياناً –أسبوعياً مثلاً- بما سدده من مبالغ للقيمة المضافة موضحاً فيه الرقم الضريبي لكل منشأة إبتاع منها، وبذلك تستطيع الهيئة مقارنة المبالغ، ومن خلال ذلك قد يسترد المستهلك بعض المبالغ تشجيعاً أو لاعتبار أن الضريبة قد احتسبت أكثر من مرة، كما في مثال “الرهش”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال