الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تقوم وزارة المالية بدور أساسي وهو رسم السياسات المالية للدولة ولعل أهم الوظائف بها هو تقدير المصروفات من خلال إعداد مشروع الموازنة السنوي لتحديد الانفاق على القطاعات الحكومية المختلفة ومراقبتها خلال العام المالي ؛ كما أن لها دور أساسي في السيطرة على معدلات التضخم والبطالة لما لقراراتها تأثير على الاقتصاد الداخلي ؛ لذلك كونت وزارة المالية عدد من القطاعات الحكومية التابعة لها ذات الأدوار الرقابية المختلفة.
ما ذكر هو أهم الأدوار التي تقوم بها الوزارة مع وظائف أخرى بإمكان القارئ الكريم زيارة الموقع الرسمي والتعرف على جميع الأدوار التي تقوم بها الوزارة. إلا أن ما يهمنا هو المحور الاساسي حيث يكمن في تقدير المصروفات ومراقبتها ويعلم المختصون انه منذ عقود مضت ووزارة المالية تعمل بنفس النهج القائم حالياً وحتى يتضح الامر وجب التفصيل اليسير في ذلك
أقرت وزارة المالية في عام 2017 على الجهات الحكومية ثلاثة سيناريوهات ( متشائم – طبيعي – متفائل ) وهي مبنية على الإيرادات النفطية فإن زادت اتجهت الوزارة إلى التوسع في الانفاق وإن نقصت انخفض الانفاق وهي بذلك تفرض مسبقاً اعتمادات مالية محددة لكل القطاعات الحكومية ( تسمى بالسقف الأعلى للاعتماد).
ومن الملاحظ ان هذا النمط هو نفس المنهج السابق لأن الإعداد لمشروع الموازنة واحد إلا أن المصطلحات تلعب دورها. فالمنهجية المتبعة في إعداد مشروع الموازنة قديمة والقطاعات الحكومية تتعامل معها بأسلوب البائع والمشتري فكل القطاعات عند الإعداد تطالب باعتمادات مالية كبيرة جداً ليقينها بأن الوزارة ستخفض المبلغ ليس على أساس عملي ( مهني ) وإنما تصور لدى الوزارة بأن القطاعات تبالغ في طلب الاعتمادات للبنود المخصصة لها.
والنتيجة أن كلا الطرفين يؤدون العمل بلا منهجية علمية وعملية حيث ان الخبرات البالية تلعب دورها في اداء الأعمال ؛ لذلك أي مشروع موازنة لا يقوم على خطة استيراتيجية ينبثق منها خطط تشغيلية فهو ليس جدير بأن يعتمد له ريال واحد وللأسف أن الغالبية العظمى من القطاعات الحكومية تعد مشروع الموازنة بلا خطة ؛ لأن وجود خطة يعني بالضرورة وجود معيار ومؤشرات أداء كمية يمكن قياسها بفترات زمنية محددة لأن أي اعتماد مالي يطلب لابد ان يرتبط بهدف لتحقيقه وللأسف هذا الأمر في الغالب غير موجود. ثم يأتي بعد ذلك مرحلة الانفاق والتي يسبقها مؤتمر إعلامي لإعلان الميزانية العامة للدولة وتحديد الانفاق لكل القطاعات الحكومية ثم يليها مجموعة عناوين صحفية تبدأ بأكبر وأقوى وأضخم …ألخ وهذا كله ليس بأهمية مراقبة الانفاق وهنا مكمن وجوهر عمل وزارة المالية.
مرحلة مراقبة الانفاق من وظائف وزارة المالية والجهات التابعة لها وهي باختصار أن ما اعتمد يجب أن ينفق في مكانه المناسب محققاً في ذلك الجودة العالية والاستفادة المثلى من الموارد المالية.
الفجوة هنا بأن وزارة المالية هي مجرد أداة لتوزيع الاعتمادات المالية فقط دون وجود عملية رقابية ذات إجراءات شفافة وواضحة تمكنها من رقابة الانفاق والتقليل من الهدر المالي سواء في سوء التنفيذ أو عدم استغلال هذه الاعتمادات من قبل القطاعات الحكومية بالشكل المطلوب.
نرى بين الحين والاخر مشاريع متعثرة وأخرى بها سوء تنفيذ وثالثة لم تنفذ ولا أعلم لماذا مع الكم الكبير لهذه المشاريع لم تتغير المنهجية بالاضافة الى قدمها ؛ فمنذ عقود مضت وهذه الاجراءات ذاتها والخلل مستمر وبالتالي كان يجب عمل غربلة وتحديث لأنظمة الرقابة المالية حتى نصل إلى مستوى عالي من الشفافية والمساءلة لأن التعويل على وظيفة المراقب المالي داخل القطاعات ذات الميزانياتالمستقلة أصبح جزء من الفشل ؛ هذه الوظيفة تحديداً يجب إلغاءها وإحداث أنظمه الرقابية متطورة ومتواكبة مع الفترة الحالية.
وحتى يكون الطرح ذا حيادية فإن هناك مشاريع ناجحة في أرجاء البلاد ولها عوامل النجاح الخاصة بها في المقابل معادلة أطرافها غير متساوية فحجم المبالغ المنفقة للقطاعات الحكومية لا يتوازى مع ما هو موجود في أرض الواقع وهنا نتحدث عن منهجية عمل غير مرتبطة بأمانة اشخاص من عدمها ؛ لأنه يجب عند إعداد الاجراءات المالية والرقابية عدم التعويل على الصفات الشخصية بل إيجاد نظام متكامل.
لذلك ومن وجهة نظر شخصية على وزارة المالية إلغاء ما يعرف بالمناقلات أو التعزيزات المالية التي تحدث للقطاع العام خلال العام المالي لأن هذا دليل واضح على سوء التقدير ودراسة الاحتياج الفعلي من الجهة ومن وزارة المالية (في ظل استمرار الظروف الطبيعية ) وهي كذلك اداه يعرف من خلالها جودة الرقابة المالية المنخفضة تماماً ؛ كما ذكرنا سابقاً القطاعات الحكومية ترفع ووزارة المالية تنفذ.
الكل يعي ان الاوضاع الاقتصادية غير مستقرة وبالتالي وجب استغلال الموارد المالية بصورة عالية لتحقيق أقصى درجات الفائدة للوطن والمواطن.
لعل ما يدعم فكرة المقالة هو ما تم اعلانه مؤخراً كإنجاز يذكر لمكتب ترشيد الانفاق حيث بلغ ما تم توفيره خلال العام 2017 حوالي 80 مليار ريال ؛ ولدي ثقه كبيرة بأنه لو تم تكوين مجموعات من فرق فنية متخصصة في عدد من المجالات العلمية وعمل زيارات ميدانية دورية لجميع القطاعات الحكومية ذات الميزانيات المستقلة والوقوف بشكل مباشر على مراقبة المشاريع وان ماتم صرفه يتوافق مع ما تم انجازه على أرض الواقع وبالمواصفات المتفق عليها في العقد لأصبح الحال أفضل والهدر أقل.
تغريدة:
انتهى زمن العمل المكتبي ويجب استخدام أدوات التقنية الحديثة لمراقبة الانفاق وإنجاز المشاريع الرأسمالية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال