الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كانت الكهرباء في بداية ستينيات القرن الماضي عبارة عن إدارة إسمها ”إدارة الكهرباء“ تقع في الهيكل التنظيمي تحت إدارة وكيل وزارة التجارة و الصناعة. و كان على مدير إدارة الكهرباء في ذلك الوقت وضع أول تعرفة لبيع الكهرباء. و كان ذلك بالإستعانة ببعض المستشارين الأجانب من ضمنهم السيد باركر. و تم وضع تعرفة بيع الكهرباء و رفعها لوزير التجارة و الصناعة (و كان الوزير في ذلك الوقت هو الشيخ عابد شيخ رحمه الله) للموافقة عليها. و جاءت تعليمات الوزير لإدارة الكهرباء بوضع خطة لدعم أسعار الكهرباء و التخفيف على المواطنين تحقيقا لرغبة و لي الأمر و هو الملك فيصل رحمه الله في ذلك الوقت.
ولكن! كان للسيد باركر رأي آخر بخصوص موضوع دعم أسعار الكهرباء. فقال بأن الدعم سوف يضر بإقتصاد الدولة على المدى البعيد عموما و بقطاع الكهرباء خصوصا و سوف تضطر الدولة في المستقبل إلى رفع الدعم. و حينها سوف يكون رفع الدعم صعب جدا على المواطن الذي أردنا التخفيف عليه إبتداءً. فمن الأفضل، كما رأى السيد باركر، عدم دعم أسعار بيع الكهرباء. و سوف يعتاد المواطن على أسعارها الفعلية منذ البداية. و بالفعل تم رفع رأي السيد باركر مرة أخرى إلى و لي الأمر عبر القنوات الرسمية. إلا أن ولي الأمر أصرّ على تقديم الدعم رغبة منه في التخفيف على المواطن و تحقيقا لرفاهيته. و تم إقرار دعم أسعار بيع الكهرباء للمواطن. و كان أن إمتزجت أسعار بيع الكهرباء في نسيج دخل المواطن الشهري.
و عند بداية الطفرة الإقتصادية الأولى إشترت الدولة جميع شركات الكهرباء الخاصة المتناثرة في أرجاء المملكة و أنشأت الشركات الموحدة للكهرباء في كل من المناطق الشرقية و الوسطى و الغربية و الجنوبية بالإضافة إلى شركة كهرباء تبوك.
و إبتدأت عجلة التطور الإقتصادي والصناعي مع خطط المملكة الخمسية و الذي استدعى استقدام الأيدي العاملة الأجنبية و كذلك مع إزدياد عدد السكان المضطرد أصبح الحصول على خدمة الكهرباء حاجة مُلحّة لسكان المملكة وتطورها الإقتصادي و الصناعي. وإبتدأ الطلب على الكهرباء في الإزدياد المضطرد. و أدي ذلك – بطبيعة الحال – إلى إرتفاع قيمة الدعم المطلوب من الدولة. و أحس المسؤولون عن قطاع الكهرباء بثقل قيمة الدعم على إقتصاد الدولة و كذلك ضرره المباشر على شركات الكهرباء الموحدة حتى أنه كان هناك عدة تصريحات تقترح رفع الدعم و لو تدريجيا عن أسعار الكهرباء.
و في الوقت الحاضر مع إزدياد الطلب على الطاقة الكهربائية بواقع 6٪ سنويا وازدياد الحاجة إلى استخدام النفط والغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء مع ما بدأ يلوح في الأفق من نضوب ثروة النفط. أصبح الواقع أن السماح بإزدياد الطلب على الطاقة الكهربائية لا يؤثر في حاضرنا بصورة مباشرة فقط. و إنما يتعدى ضرره إلى حقوق الأجيال القادمة من أبنائنا و أحفادنا من هذه الثروة. فكان لا بد من وقفة حازمة لرفع الدعم عن أسعار بيع الطاقة الكهربائية و أسعار وقود السيارات كذلك لتخفيف الطلب عليهما و بالتالي الحفاظ على الثروة التي أنعم الله بها علينا.
و تحققت نبوءة السيد باركر منذ ستينيات القرن الماضي بأن رفع الدعم عن أسعار الطاقة الكهربائية سوف يكون صعبا ومؤلما على المواطن. يظهر ذلك جليا فيما ينشر على مواقع التواصل الإجتماعي.
و تشير الإحصاءات أن حوالي 70٪ من مستهلكي الطاقة الكهربائية يقعون على شرائح التعرفة المنخفضة السابقة ( الـ 5 و 10 هللات للكيلو وات ساعه). بمعني أن 70٪ من عملاء الشركة السعودية للكهرباء كانوا على التعرفة ما دون التكلفة الحقيقية لسعر إنتاج و نقل و توزيع الكيلو وات ساعة. و هذا يدل على حكمة قرار رفع الدعم عن أسعار الطاقة الكهربائية. لأن ذلك سوف يخفّف من حدّة الطلب علي الطاقة الكهربائية بصورة مباشرة. و بالتالي يخفف من حدّة الطلب على مادتي النفط و الغاز الطبيعي. و نحن بإنتظار الكتيّب السنوي لهيئة تنظيم الكهرباء و الإنتاج المزدوج الإحصائي في نهاية عام 2018 لنرى أثر رفع الدعم على إستهلاك الطاقة الكهربائية في المملكة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال