الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الغذاء هو وقود الحياة، والعنصر الأساسي لضمان بقاء وسلامة الأحياء، ويشكل توفير الغذاء وضمان القوت للسكان هاجس كل الدول والسياسيين والخطط الاستراتيجية، ويتقدم كل الأولويات في برامج التنمية حتى الصحة والتعليم والأمن العام قال تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ فقدم الجوع على الخوف! وعكس الأمن الغذائي المجاعة والمسغبة، وهو شبح تنادي المنظمات الدولية المعنية بالغذاء والبيئة للحذر منه وتنادي بوضع البرامج الرامية لوفرة الحد الأدنى من الغذاء الأساسي لحياة الشعوب، لأن الأنسان هو محور أي تنمية. أن الدول ذات الموارد الغذائية الأساسية لا يشكل هذا الموضوع إشكال لديها فشعوبها في مأمن حتى وأن كانت تستورد بعض الكماليات في قطاع الغذاء والمشروبات من دول أخرى. أما بعض الدول ومنها المملكة والذي يتجاوز حجم استيراد الغذاء فيها 85% فأن الأمن الغذائي فيها يشكل محوراً هاماً بغض النظر عن التكلفة وبغض النظر عن التضحيات والجهود التي تبذل في سبيل ذلك.
أن ما مر به العالم من تجربة قاسية خلال أزمة كرونا 19 وتبعاتها وما تلاها من ظروف جيوسياسية جراء الأزمة الروسية الأوكرانية تلك الدولتين الهامتين في إمدادات الغذاء عالمياً، وما شهدته موانئ العالم البرية والجوية والبحرية خلال تلك الأزمة من التوقف التام عن الحركة يعتبر درساً بالغ الأهمية، كما أثبتت الظروف الحالية أن الحركة البحرية ليست في مأمن من التوقف أو ارتفاع تكاليف التأمين جراء تفادي مناطق النزاعات الإقليمية مما يتطلب إعادة النظر في تأمين الغذاء بمصادر محلية مأمونة وما لهذا من إيجابيات كثيرة تنعكس على الاقتصاد الوطني والمواطنين والمزارعين وتحقق الأمن الغذائي الحقيقي.
أن صدور قرار مجلس الوزراء المنعقد يوم الثلاثاء بتاريخ 19/12/2023م القاضي بـ “السماح للشركات الزراعية المحلية وكبار المزارعين بزراعة القمح والأعلاف الموسمية” جاء مطمئناً للمواطنين ومنسجماً مع ما تتطلبه الظروف المحلية والدولية بأهمية توفر السلع الأساسية من الغذاء وعلى رأسها القمح، كما أن السماح بزراعة الأعلاف الموسمية كالذرة والشعير والدخن وبعض أنواع البرسيم والحشائش الخشنة له دور كبير في دعم واستقرار صناعة الألبان والدواجن واللحوم الحمراء ومربي الأبل والماشية خلال الخمس سنوات المقبلة.
واستنادا لتقرير الهيئة العامة للأمن الغذائي الذي نشر بتاريخ 22/02/1445هـ والذي جاء مطمئناً لتحقيق مستهدفات الوفرة الغذائية للعام الماضي بنسب عالية خاصة القمح حيث كان مستهدف توفير 3.5 مليون طن بينما تم توفير 3.89 مليون طن بنسبة إنجاز 111%. كما أعلنت الهيئة خلال شهر ديسمبر 2023م استكمال استقبال القمح المنتج محلياً للعام 2023م والذي بلغ 1.18 مليون طن من أجمالي المزارعين البالغ عددهم 3,206 مزارع ولأهمية دور الشركات فقد شمل قرار مجلس الوزراء السماح للشركات الزراعية وكبار المزارعين استعادة نشاطهم الزراعي في زراعة القمح والأعلاف.
وتعكف وزارة البيئة والمياه والزراعة، وهيئة الأمن الغذائي على وضع الضوابط والمحفزات لتحقيق مستهدفات قرار مجلس الوزراء المشار اليه وتحقيق الحد الأدنى من احتياجات الغذاء محلياً باعتبار ذلك أولوية ملحة تفادياً للظروف الغير مضمونة للغذاء المستورد، ولا شك أن هذا سوف يحدث حراك اقتصادي إيجابي وتنمية شاملة لمعظم مناطق المملكة التي تزخر ولله الحمد بالإمكانيات والمقومات الزراعية، ولا شك أن الشركات الزراعية والمزارعين الذين توقفوا عن الزراعة ويطلب منهم حالياً العودة لهذا النشاط لديهم تحديات تتطلب الوقف معهم للتغلب عليها منها ارتفاع مدخلات الإنتاج كالوقود والأسمدة والمبيدات وتكاليف صيانة الآبار والمعدات جراء التوقف الطويل عن الزراعة مما يتطلب الأمر وضعه في الحسبان، والذي يمكن التغلب عليه بدعم أسعار شراء القمح الى ريالين ونصف وخفض أسعار وقود الديزل والكهرباء للمزارعين وكبح جماح أسعار الأسمدة المنتجة محلياً لما لهذه المدخلات من دور في تشجيع ودعم الزراعة محلياً .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال