الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
باحث في المسؤولية الاجتماعية
جذبني في الآونة الاخيرة كثرة الحديث عن رواد الاعمال، وأهمية العمل الحر وبناء الشخص لمشروعه الخاص بنفسه، ووجدت من خلال تلك الاحاديث والمقالات تفاؤلا كبيرا وصل إلى حد لامنطقي احيانا، ولفت انتباهي ضمن تلك الاحاديث التركيز على عدم اهمية التعليم الكافي لرواد الاعمال حسب قول البعض، ولهم فيما يقولون ادله.
واستندوا على حالات معينة حققت نجاحا في حياتها العملية و اصبحت في قمة الثراء كـ بيل جيتس وستيف جوبز الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي و غيرهم الذين لم يحصلوا على تعليم كافي، وحققوا ثروات هائلة فهل هذا يجعلنا نتوقف عن تعليم ابناءنا لكي يكونوا رواد اعمال ناجحين؟! هل كل من فكر ليكون رائد اعمال ولم يكمل تعليمه سينجح ويصبح ثرياً كـ بيل جيتس او ستيف جوبز؟! هل الزمن الماضي كهذا الزمن ؟
في الحقيقة ان بعض المواضيع تتسم بطرح غريب، فهل التعليم الكافي وهنا اقصد ان يحصل الانسان على تعليم جامعي مع المهارات الهامة لرائد الاعمال كاللغة ومعرفة استخدام الحاسب الالي ستكون عثرة امام ريادة الاعمال وتحقيق الثروة ؟
أظن ان الموضوع يحتاج إلى اعادة نظر فالمشكلة ليست في التعليم وانما في التنشئة الاجتماعية التي رسخت في عقلية الغالبية ان التعليم هدفه الحصول على وظيفة، وليس التعليم من اجل فتح افاق المعرفة والمهارة والتواصل مع الاخرين بمستوى افضل وقدرات اكبر على النقاش والفهم والتحليل والمقارنة و التقييم و الاختيار، وصناعة الذات لتكون جاهزا لكل خيارات المستقبل.
إن اكتساب المعرفة من خلال التعليم الكافي بالشكل الصحيح والجودة المرجوة هو المفتاح الرئيس لرائد الاعمال لفكر اكثر عمقا وتخصصاً، وافضل مستوى في معرفة الفرص واقتناصها وانجاح مشروعه، فإذا كان لديه ذلكفستنخفض فواتير كثيرة في ميزانيته في بداية مشروعه الخاص الذي عادة ما يحتاج في بدايته إلى التركيز وتقليل التكاليف للنهوض به.
ذو التعليم المتدني عادة ما يحتاج إلى من يفكر له ويقيم له ويقرر عنه ويترجم له والكثير من الامور التي قد تجعله احيانا في خطر حتى من ان يستغل ويتعرض لعمليات اختلاس وسرقة، وهذا يبرهنه ما نراه في اغلب تجار الماضي حيث نجد ان لديه موظفا متعلماً يعتمد عليه ويدير كل شيء عنه ولا يستطيع ان يستغني عنه ولو غاب وجدت المؤسسة في مأزق وتنتظر عودته ..
لذا ارى ان الاصوات والاقلام التي بدأت بالتشجيع على ريادة الاعمال بدون الحرص على التعليم الكافي ان تكف عن هذا وتوجه قلمها لدفع الشباب للتعليم الجاد الذي يبني فكر الانسان ويجعل منه قيمة بذاته وبعد الحصول على العلم والمعرفة الكافية ستفتح امامة العديد من الفرص وسيكون في مستوى افضل لاقتناصها والابداع فيها. وليكون مثالهم في تحفيز رواد الاعمال استخدام القدوات من رواد الاعمال المتعلمين الذي حققوا نجاحات مميزة وهم كثر، وإن أي فرصة لتشجيع الشباب على التركيز على حلم الثراء السريع بترك التعليم هو عبارة عن دعوة لهدم الامم وظهور اجيال جاهلة لا تستطيع ان تتقدم ولن تجد لها مكانا في المجتمع لا كرواد اعمال ولا كموظفين لأن متطلبات الريادة والوظيفة ستكون اعلى بكثير من معرفتهم وقدراتهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال