الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ستظل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر الركيزة الاساسية تُبني عليها اقتصاديات الدول الما تحمله من فوائد كبيرة من اهمها المساهمة في تنمية الاقتصاد وخلق بيئة اكثر تنافسية وخلق وظائف مناسبة وجديدة، ولكن يثور التساؤل هنا عن كيفية تمويل تلك المشروعات؟ والإجابة على ذلك أنه يتم في الغالب تمويل تلك المشروعات عن طريق المبادرات الحكومية او المستثمرين الذين يرون في تلك المشروعات الواعدة فرصة استثمارية جيدة لزيادة ومضاعفة استثماراتهم، ويقوم المستثمرون في ذلك الخصوص بتمويل تلك المشروعات من خلال عدة طرق اهمها (الديون القابلة للتحول الي استثمار، او المساهمة مباشرة في راس مال تلك المشروعات) والتي تأتي في الغالب في شكل زيادة رأس مال الشركة المستهدفة، وذلك النوع من الاستثمار يُعبر عنه بإسم (الاستثمار الجريء) لما يحمله من مخاطر كبيرة من خسارة اموال الاستثمار في حالة فشل المشروع او الدخول في نزاعات تتعلق بالاستثمار نفسه في بعض الحالات مع الشركة المستثمر بها او رائد الأعمال الحاصل على التمويل اللازم للمشروع.
ونتيجة لذلك يجب على المستثمر التدقيق في جميع الجوانب المالية والقانونية المتعلقة باستثماراته من خلال عدة وسائل أهمها إجراء فحص نافي للجهالة القانونية على الشركة المستهدفة والذي يُتناول فيه دراسة كافة او بعض مستندات الشركة المستهدفة للوقوف على مدى ملائمة الاستثمار في تلك الشركة من عدمه والحد الأقصى للتمويل الذي يمكن للمستثمر ان يضخه في رأس مال الشركة بما يتناسب مع وضع الشركة، ولعل من اهم المسائل التي يجب فحصها هي مدى سلامة وصحة تأسيس الشركة من الناحية القانونية والإحاطة بإمكانية وجود أي اتفاقيات مساهمين او حقوق علي الاسهم وموقف الشركة الضريبي، وأيضاً وضع معاملاتها التجارية والالتزامات التي علي عاتقها، بعد تلك المرحلة يأتي دور غاية في الأهمية وهو دور صياغة مستندات الصفقة والتي تتضمن بصفة أساسية عقد الشراكة والاستثمار بالإضافة الى الوقوف أيضاً على مدى احتياج المستثمر لعدد من العقود الإضافية لضمان حقه والتي تبرم في ذلك الشأن بغرض زيادة الأمان القانوني المتعلق بالصفقة وتتضمن على سبيل المثال إبرام اتفاقية مساهمين تكون الشركة طرفً بها ويُلزم بها كل شريك حالي او مستقبلي بالشركة.
وسوف نتناول في هذا المقال حالة من حالات نزاع الاستثمار الجريء التي تداولتها ونشرتها المحكمة التجارية برقم 4430425662 وتاريخ 9/6/1444 ، وتتلخص وقائعها في قيام المستثمر برفع دعوى قضائية ضد (رواد الأعمال) الحاصلين على التمويل منه، نتيجة لإخلالهم ببنود التعاقد، والتي كانت تنص على إدخال المستثمر كشريك في الشركة في مدة أقصاها أربعة أشهر من تاريخ عقد توسيع الاستثمار، وذلك الأمر الذي فشل رواد الأعمال المدعى عليهم في تنفيذه، مما اضطر معه المستثمر لرفع دعوى قضائية يطالب بها بفسخ عقد الاستثمار المبرم، ورد مبلغ الاستثمار الممنوح لرواد الاعمال في صورة (دين قابل للتحول الي استثمار) ، وأنه نتيجة لإخلالهم بعقد الاستثمار وعدم الاستمرار فيه يعتبر مبلغ الاستثمار قرضاً حسناً يجب سداده الي المستثمر! بالإضافة الي اتعاب ومصروفات المحاماة،
ولكن نتيجة للغلط الذي وقع فيه المستثمر من الخلط بين (ذمة رواد الأعمال المالية وذمة الشركة المستهدفة المالية) قضت دائرة الاستئناف في تلك القضية (برفض الدعوى) حيث أنه قام بإبرام عقود الاستثمار مع رواد الأعمال بصفتهم الشخصية، في حين إنه قام بتحويل مبلغ الاستثمار الي حساب الشركة والتي تعتبر اجنبية عن عقد الاستثمار الذي اُبرِمَ مع رواد الاعمال!
نظراً لاستقلال ذمتها المالية وشخصيتها المعنوية عن رواد الأعمال المؤسسين لها، وكان يجب عليه التنبه الي ذلك الخلط منذ البداية.
وهذه القضية مع مانتهت إليه كما نسميه في المصطلح القانوني من (رد الدعوى لانعدام الصفة) تظهر لنا أهمية صياغة عقود الاستثمار بشكل احترافي يتيح معه للمستثمر اكثر من سبيل لضمان الحصول علي حقه سواء في ملكية الشركة المستهدفة او التعويض او فسخ العقد صراحة في حالة الإخلال بالبنود الرئيسية او الحيوية، كما أن الصياغة الاحترافية لهذا العقد المستعرض من الممكن أن تجنب رائد الأعمال الرجوع عليه في ذمته المالية الخاصة مما يهدد مستقبله وعمله لاقدر الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال