الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عام 2023 شهد جهود حثيثة للجهات الحكومية المختلفة في رفع مستوى التشريعات وبما يضمن سلاسة العمل في القطاع الخاص، وهيئة السوق المالية من الجهات الحكومية التي بذلت جهدا في عملية تعميق السوق وعملية ضبط ايقاعه بمنع اي شكل من اشكال التلاعب والاحتيال وغير ذلك مما اظهرت هيئة السوق جهدا فيه للحفاظ ولضمان سلامة التداولات.
هيئة السوق المالية قد تكون اكثر جهة حكومية يتطلع لها السعوديين والاجانب كونها معنية بسوق الاسهم الذي يتداول به ملايين الاشخاص سعوديين واجانب وصناديق وشركات، بل وحتى الجهات الحكومية من خلال الصناديق السيادية المحلية والاجنبية (مثال صندوق الاستثمارات السعودي والصندوق السيادي النرويجي).
ايضا هيئة الزكاة والضريبة والجمارك قامت بجهود حثيثة لتطوير انظمتها الالكترونية وتشريعاتها، كما طرحت للعموم عدد من التشريعات بغرض ابداء الرأي حيالها، وهذا امر يشكرون عليه وهو جزء من الاصلاح المالي الكلي الذي تشهده مملكتنا منذ اطلاق الرؤية.
ولا شك ان الرؤية المباركة اتت بالشفافية والمكاشفة، التي من خلالها سيتمكن القطاع الخاص والحكومي من الاستماع لوجهات النظر المختلفة لكل منهما، هذا سيؤدي لا شك الى تسريع وتيرة تحقيق اهداف الرؤية، وحين نتكلم عن سوق الاسهم، فالمكاشفة والمصارحة تؤدي ايضا لتسريع وتيرة وصولنا لاكبر 3 اسواق كما بشر بذلك الامير محمد بن سلمان (حفظه الله). ايضا المبادرة مهمة من قبل الجهات الحكومية لطلب مرئيات القطاع الخاص في كل ما من شأنه تسهيل الاعمال وتذليل العقبات والتغلب على اي اشكال يواجه الشركات والمؤسسات والافراد.
وعودة لموضوع المقال، يتجاوز عدد اعضاء مجالس ادارة الشركات المدرجة ال 2000 عضو (بمن فيهم ممثلي صندوق الاستثمارات العامة)، وهؤلاء موزعين على قطاعات الاقتصاد المتنوعة، بدء بالقطاع المصرفي وانتهاء بالقطاع الزراعي. وهؤلاء يفترض بهم الاطلاع على الاشكالات التي تتعرض لها الشركات التي ينتسبون لها مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، ففي النهاية لا تقر القوائم المالية الا بعد اعتمادها من مجالس الادارة التي يتواجدون بها.
مقالي هذا يحمل اقتراح فحواه ان تبادر هيئة السوق المالية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك مجتمعتين وتطالب كل مجلس ادارة لشركة مدرجة ان ترفع لهما الاشكال الفني في اللوائح الزكوية والتي ادت بدورها الى ان تطالب الشركات بفروقات ومبالغ اضافية لا ترى الشركات انه ينبغي عليها دفعه.
ولو افترضنا ان كل مجلس ادارة سيكتب ملاحظة واحدة فقط حيال بند يرى انه غير واضح ادى لمطالبات زكوية غير ما تراه الشركة التي يمثلها، فهذا يعني ان مجالس الادارة سترفع مجتمعة اكثر من 200 ملاحظة للهيئتين. لتقوم الهيئتين بعدها بالاستعانة بذوي التخصص المحاسبي من اساتذة الجامعات ومن مكاتب المحاسبة وغيرهم، لدراسة الملاحظات والاشكالات التي رفعت ومن ثم يعد تقرير نهائي (بأسم هيئة السوق المالية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك)، يحتوي على تفصيل وشروحات لكافة الملاحظات، ويقدم لوزير المالية بصفته رئيس مجلس ادارة هيئة الزكاة ورئيس برنامج القطاع المالي، ومن ثم يرفع التقرير النهائي بعد التعديلات النهائية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لأخذ التوجيه.
الشركات المدرجة هي صفوة الشركات السعودية ونقوتها (ان صح التعبير)، وكما ان لهيئة السوق المالية وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك دور رقابي واشرافي عليها كل ضمن اختصاصه، اعتقد انه يجب ان تنقل الهيئتين ما تعتبره الشركات امرا قد يربك من تقدمها, وخصوصا اننا نتكلم هنا عن امر يمكن معالجته بمزيد من التفصيل والشروحات في لوائح وتشريعات هيئة الزكاة والضريبة والجمارك. كما وأدعو ان تقوم وزارة التجارة بالأمر نفسه مع الشركات السعودية الغير مدرجة وان تقوم ووزارة الاستثمار بالامر نفسة للشركات الاجنبية الغير مدرجة المدرجة (بالتعاون والتنسيق مع هيئة الزكاة).
شخصيا اخذت عينة عشوائية من 54 شركة مدرجة، ولم اجد اي خلاف (ضريبي) مع هيئة الزكاة والضريبة والدخل، ولكن وجدت ان 100% من العينة يوجد بها مطالبات (زكوية) اضافية اعترضت عليها الشركات. وهذا بالنسبة لي مؤشر واضح على ان هناك اشكال كبير في صياغة التشريعات الزكوية على خلاف التشريعات الضريبية التي تتسم بالوضوح.
اتمنى ان نشاهد في عام 2024 خطوات مهمة لمعالجة اشكالات المطالبات الزكوية، والتى اعتقد ان مشكلتها الاساسية تكمن في اللوائح والتشريعات المنظمة لها. كنت وما زلت وسأضل مؤمنا بأن ليس هناك اجمل من الوضوح والشفافية في القوانين والتشريعات، وضوح لا يضطر معه المرء لطلب استيضاح، وضوح تسهل معه الممارسات، وضوح يمكن من وضع خطط قابلة للتنفيذ بلا ارباك. وعام بعد عام، شهر بعد شهد، اسبوع بعد اسبوع، ويوم بعد يوم، نقترب اكثر لنكون من اكبر 3 اسواق في العالم، وتكون مملكتنا المعطاءة اكبر جاذب للشركات والاستثمارات في العالم، نحن قادرون، لا شك في ذلك ابدا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال