3666 144 055
[email protected]
عندما قرأت خبر في Bloomberg Business week مفاده ان المستثمر النشط Dan Loeb قرر شراء حصة كبيرة في شركة نستله (Nestle Targeted by Dan Loeb in Activist’s Biggest-Ever Bet) قفز بنك الجزيرة في ذهني وقررت الكتابة عن البنك وفي اعتقادي إن «الجزيرة» يحتاج مستثمر نشط مثل Dan Loeb لاستغلال إمكانيات البنك.
لقد كتبنا عدة مقالات عن بنك الجزيرة مسلطاً الضوء على أن الدور الأساسي للإدارة المتمثل في تعظيم حقوق المساهمين لم يتحقق بل تم إهدار حقوق المساهمين نتيجة لغياب الكفاءة وزيادة مخاطر إدارة محفظة القروض نتيجة النمو المتسارع والتوسع في الإقراض غير الجيد وغياب الاستراتيجية أو نموذج عمل منافس – (ارجو مراجعة مقالي: بنك الجزيرة .. الكفاءة المفقودة). وفي ظني أن أحد أسباب هذه المعضلة هو عدم ربط الحوافز المادية للإدارة بمصفوفة من معايير الآداء. وفي اعتقادي أن عدم ممارسة مجلس الإدارة لدوره بفعالية وغياب دور نشط للمساهمين أدى إلى تفاقم هذه المشكلة .
يأتي هذا المقال بعد توصية مجلس الإدارة بزيادة رأس مال البنك عن طريق طرح أسهم حقوق أولوية بقيمة ثلاثة مليار (3,000,000,000) ريال سعودي، وإعلان البنك عن تقديمه ملف طلب زيادة رأس المال إلى هيئة السوق المالية في تاريخ 1439/04/03هـ الموافق 2017/12/21. والسؤال المحوري الذي يحاول أن يجيب عليه المقال – ما هدف زيادة راس المال 3000 مليون ريال أي اكثر من ثلث حقوق المساهمين؟ هل الهدف تعظيم حقوق المساهمين أو هناك اهداف أخرى لهذه الزيادة؟
نحاول الاجابة على هذا السؤال معتمدين على القوائم المالية المنشورة ونترك التعليق لمجلس الإدارة الذي أوصي بالزيادة
بصفة عامة، تكلفة زيادة رأس المال من خلال طرح أسهم أولوية أعلى من تكلفة التمويل من خلال إصدار صكوك , كما أن زيادة عدد الأسهم ستؤدي إلى انخفاض ربحية السهم من خلال توزيع الربح الصافي على عدد أكبر من الأسهم إلا إذا تمكنت الإدارة الحالية من زيادة الأرباح أعلى من نسبة زيادة رأس المال وهذا الفرض يصعب تحققه في ظل سجل الإدارة وغياب فرص واضحة ومحددة للنمو كالاستحواذ مثلا . كما أن زيادة عدد الأسهم بسعر اقل من القيمة الدفترية للسهم ستؤدي إلى تآكل حقوق المساهمين .
تبلغ القيمة الدفترية لبنك الجزبرة بنهاية 2017 حوالي 16.98 ريال وإذا افترضنا أنه يتداول عند سعر 12.64 ريال فإن نسبة الخصم إلى القيمة الدفترية تبلغ 25.5% . ومن الصعب أن نفترض أن البنك سيطرح الأسهم الجديدة بسعر أعلى من سعر السوق مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بحقوق المساهمين وهذا ما يفسر انخفاض سعر السهم بعد إعلان زيادة رأس المال مباشرة .
إن قرار بنك الجزيرة بزيادة رأس المال يأتي عكس توجه الشركات الناجحة مثل Apple و Nestle التي تعمد إلى شراء أسهمها من السوق المفتوح كوسيلة لتعظيم حقوق المساهمين خصوصا إذا كانت تعتقد أن قيمة أسهمها أقل من القيمة الحقيقة .
في اعتقادي إن السبب في زيادة رأس المال جاء نتيجة لعدم تحكم الإدارة في مخاطر محفظة القروض . وسنتطرق إلى نوعين من المخاطر :-
** مخاطر جودة محفظة القروض الائتمانية: وتتمثل هذه المخاطر في إخفاق طرف ما في الوفاء بالتزاماته المالية ومن المؤشرات المستخدمة في الحكم على جودة محفظة الإقراض تصنيف المخاطر ونسبة الديون المشطوبة والقروض غير العاملة ونسبة الضمانات والقروض التي تحتاج إلى عناية ومدى كفاية المخصصات.
وبالرجوع إلى القوائم الموحدة يتضح زيادة الديون التي تم شطبها في عام 2017 والبالغة 368 مليون ريال مقارنة بعام 2016م ومقارنة ببنك البلاد فإن القروض العاملة والتي تحتاج إلى عناية بلغت 3.3 مليار ريال وتشكل 8% من محفظة القروض وهي اعلى من بنك البلاد مثلا حيث شكلت القروض التي تحتاج إلى مراقبة 4% وهذا السببب أي (الضعف في التحكم في مخاطر محفظة القروض ) أشار إليه الاستثمار كابيتل في تقريره المنشور في 6 فبراير 2018.
بنك الجزيره |
بنك البلاد |
بالمليون ريال |
|
|
|
39,790 |
43,447 |
صافي محفظة القروض |
3,309 |
1,705 |
القروض بحاجة إلى عنايه |
368 |
135 |
الديون المشطوبه |
267 |
432 |
مخصص الديون المحمل على الأرباح والخسائر |
705 |
1,249 |
مخصص الانخفاض |
504 |
532 |
التمويل غير العامل |
|
|
|
140% |
235% |
مخصص الانخفاض/التمويل غير العامل |
8.3% |
3.9% |
القروض بحاجه إلى عنايه/صافي محفظة القروض |
** مخاطر السيولة وتتمثل في عدم قدرة المجموعة على تلبية إلتزامات السداد المترتبة عليها عند استحقاقها في الظروف الطبيعية والضاغطة نتيجة الفرق بين آجال استحقاق الأصول والخصوم Mismatch) (وتشير ايضاحات القوائم المالية إلى تحسن نسب السيولة في عام 2017م مقارنة بعام 2016م بشكل عام . ولكن ما يثير القلق تحليل استحقاقات محفظة القروض – والتي في اعتقادي هي السبب في توصية مجلس الإدارة بزيادة رأس المال. فمحفظة القروض التي يبلغ حجمها حوالي 40 مليار ريال يستحق 25% منها أي (9.8 مليار ريال) بعد خمس سنوات- وهذا المبلغ يتجاوز مجموع حقوق المساهمين 10% وحتى إذا أضفنا الصكوك المعززة للرأس المال إلى كتلة حقوق المساهمين فإن القروض التي تستحق في مدى زمني يتجاوز 5 سنوات يبلغ 75% – بينما 27% تستحق مدى زمني يترواح بين سنة وخمس سنوات 47% تستحق خلال سنة .
ولتوضيح مدى تعرض البنك لمخاطر السيولة , عرضنا في الشكل رقم (1) مقارنة بين استحقاقات محفظة بنك الجزيرة وبنك البلاد وقد اخترنا بنك البلاد للمقارنة بسبب تشابه في حجم حقوق المساهمين وحجم المحفظة وكلاهما يعملان في قطاع المصرفية الإسلامية.
يلاحظ في الشكل رقم 1 أن القروض التي تستحق في مدى زمني يتجاوز 5 سنوات يبلغ 6% فقط وهو لايتعدى 34% من حقوق المساهمين وإذا ما اضيفت الصكوك إلى حقوق المساهمين فإن هذه النسبة تنخفص إلى 27% فقظ . بينما 70% من محفظة القروض تستحق خلال سنة وهي اعلى بكثير مقارنة ببنك الجزيرة.
شكل رقم (1)
إن الافتقار إلى ميزة تنافسية وعدم ضبط تكاليف التشغيل وضعف التحكم في مخاطر محفظة القروض أدى إلى تآكل حقوق المساهمين ومن أبرز الدلائل على ذلك أداء السهم خلال فترة 10 سنوات الماضية حيث انخفض السعر أكثر من 50% مما جعله يتداول عند مكرر ربحية هي الأقل بين المصارف الاسلامية، حيث يبلغ مكرر الربحية حوالي 8 مرات مقارنة بمصرف الراجحي والبلاد والإنماء حيث يبلغ مكرر الأرباح أعلى من 12 مره أي يتداول أقل ب 50% مقارنة بالبنوك في نفس القطاع ويعتبر بنك الجزيرة هو البنك الوحيد من بين المصارف الاسلامية الذي يتداول بسعر خصم كبير مقارنة بالقيمة الدفترية يبلغ 25% بينما مصرف الراجحي والبلاد والإنماء تتاول أسهمهم بعلاوة 50% مقارنة بالقيمة الدفترية مما يعني أن هناك إهدار أكثر من 8 مليار ريال تمثل الفرق بين سعر السهم الحالي والسعر على افتراض أن السهم يتداول عند مكررات متوسط قطاع المصارف الاسلامية.
على الرغم من تآكل حقوق مساهمي البنك خلال 10 سنوات إلا أن البنك يمتلك مقومات النجاح فالبنك يمتلك مرونة التحرك لصغر حجمه ولديه شركات تابعة في مجال التأمين والوساطة وإدارة الأصول وكلها مجالات واعدة، أضف إلى ذلك ارتفاع سعر الفائدة واستمرارها في الارتفاع مما ساهم في ارتفاع صافي دخل العمولات الخاصة. كما أن البنك يتداول عند مكررات منخفضة مقارنة بالسوق وقطاع البنوك مما يشير إلى جاذبية الاستثمار في البنك شريطة توفر المحفزات catalysts.
إن انضمام السوق المحتمل للأسواق الناشئة وما يتبع ذلك من السماح للمستثمر الأجنبي التملك المباشر في الأسهم المدرجه في السوق سيضع ضغوط على الإدارات الضعفية لتحسين أدائها بشكل يتوافق مع توقعات المستثمرين.
أتمنى من مجلس الإدارة أن يلعب دورا أكبر في تطوير استراتيجية البنك ووضع مصفوفات تقييم الآداء لكبار التنفيذيين وربطها بالمزايا المادية على أن يكون من أهم معايير الآداء تعظيم حقوق المساهمين .
إن وجود مستثمر نشط مثل Dan Loeb ( راجع رسائله إلى شركة نستله العملاقة حيث حدد فيها الأهداف المطلوب تحقيقها من إدارة الشركة) أو مستثمر مثل Car Ican سيعزز كفاءة السوق والكفاءة التشغيلية للشركات المساهمة، فهل علينا أن ننتظر حتى وجود مستثمر نشط ليتحسن آداء بنك الجزيرة.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734