الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مقدمة:
أرسخ نظام المعاملات المدنية أحكام قانونية خاصة بعقد الكفالة في الفصل الأول من الباب الخامس من النظام، ولكنه لم يتطرق إلى أحكام خاصة بمفهوم وطبيعة الكفالة التجارية وإنما اكتفى في البند السادس من الديباجة بسريان أحكام نظام المعاملات المدنية على المعاملات التجارية التي لا يطبق عليها نص نظامي خاص، وأيضاً بالمادة الأولى من النظام بتطبيق القواعد الكلية في حال عدم توافر النص وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في حال عدم توافر النص والقاعدة الكلية، وبهذا يتبين لنا أن أحكام الكفالة التجارية ستكون مستمدة من القواعد العامة بما لا يخالف الأحكام القانونية الجوهرية بعقد الكفالة الوارد بنظام المعاملات المدنية.
خروج حكم الأصل المدني عن الكفالة التجارية:
وحيث أن عقد الكفالة الأصل فيه عمل مدني، وهو من سبيل أعمال التبرع، إلا أن المستقر به قضاءً خرج عن هذا الأصل، وأقر عوامل معينة تكتسب بها الكفالة الصفة التجارية في حالات استثنائية تتجرد بها الآثار القانونية المدنية عنها وتُسدل عليها الأحكام التجارية، ويمكن التفريق ما بين الكفالة المدنية والتجارية؛ بأن الكفالة المدنية تبنى على أساس الإحسان وتقديم المعروف، بينما الكفالة التجارية تكون في أغراض وأعمال تجارية يرجي التاجر من تلك الأعمال مقابل أو تكسب مالي، وقد تكون بلا مقابل في حال وجود المصلحة الشخصية لتيسير أعمال التاجر الخاصة.
وقد استقر القضاء التجاري بتاءً على العديد من الأحكام القضائية ولعل أبرزها حكم هيئة التدقيق بديوان المظالم رقم ٦٧٩ لعام ١٤٣٧هـ بما يقتضي تمييز الكفالة التجارية بضوابط معينة والتي هي:
– أن يكون الكفيل بنكاً.
– أن يقوم الكفيل بكفالة أحد الموقعين على ورقة تجارية وهو ما يعرف بالضمان الاحتياطي.
– أن يكون الكفيل تاجراً وقام بالكفالة بهدف خدمة تجارته.
وأيضاً هنالك فرق جوهري ذلك بأن الكفالة المدنية لا ينعقد بها التضامن إلا في حالات معينة، منها الكفالة النظامية التي يقرر النظام بها صفة التضامن أو القضائية التي تكون بقرار قضائي يقضي بالتضامن بها أو باتفاق بين أطراف عقد الكفالة، وأما الكفالة التجارية يكون بها التضامن واقعاً بمجرد نتوج أثرها النظامي نظراً لطبيعة التعامل التجاري بها وأيضاً ما قرره نظام الأوراق التجارية فيما يخص الضامن الاحتياطي، كما أن الكفالة التجارية يبسط عليها القضاء التجاري اختصاصه بالنظر في النزاعات الناشئة عنها، وقد جاء في ذلك الحكم الصادر عن الدائرة التجارية السادسة بالمحكمة التجارية بالرياض في القضية رقم ٤٤٩٠٤٩٠٥٢ لعام ١٤٤٤ هـ في نص أسبابه: “… مما تكون نتيجته اختصاص المحكمة بنظر دعوى الكفالة هذه بموجب الفقرة (١) من المادة (السادسة عشرة) من نظام المحاكم التجارية لأنها كفالة تجارية يهدف منها الكفيل خدمة تجارته لثبوت شراكته مع المكفول عنها بجميع كياناتها المذكورة أعلاه، فلا يلوح أدنى معنى للتبرع في الكفالة محل الدعوى، مما يخرجها عن صورتها المدنية بالكلية…”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال