الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في علم المالية والمحاسبة، يوجد معايير لقياس جدارة الشركات و إدارتها العليا في إدارة أصولها بحسب اتباع الاستخدام الأمثل لأصولها(Asset Utilization) . فكفاءة الإدارة والرقابة الصارمة على استخدام الأصول يعتبر مؤشر أداء مهم في تقييم نجاح الشركة و مقارنتها بالشركات المنافسة و معرفة ثبات الشركة و ضمان استمراريتها. و من انواع المؤشرات المستخدمة و التي تستخرج غالبا من قوائم الشركة المالية على سبيل المثال مؤشرات توضح علاقة المبيعات بالتحصيل أو علاقة الإهلاك على إجمالي الأصول وغيرها من المؤشرات التي يمكن اعتبار مدراء علاقات البنوك هم من أكثر المهتمين بها من أجل تحليل وضع الشركة و اتخاذ قرارات بشأن إقراضها أو وضع التعهدات(covenants) المناسبة من أجل اكمال العلاقة المصرفية و غيره.
المثال أعلاه يوضح باختصار شديد أهمية الإستخدام الأمثل للأصول للشركات والأعمال والبنوك، لكن ماذا عن مستوى بلد بأكمله؟ هل يوجد ثغرات في استخدام الدول للأصول؟ و هل توجد فرص بديلة (opportunity cost) مهدرة؟ الجواب قد يتضح لنا من خلال زيارة واحدة للصناعية والتي تكشف لنا عن جزء كبير من وضع سائد يمكن تعميمه على قطاعات و أجزاء أخرى في المملكة والذي أتت رؤية 2030 ببرامج عديدة للقضاء عليها.
الصناعية التي أقصدها ليس مناطق المدن الصناعية فهي للأمانة تعتبر سبقت عصرها بالتطوير فتم تنظيمها قبل سنوات من ناحية البنى التحتية والشوارع و الأرصفة والخدمات البلدية والتقنية بل وحتى اتمت تبنيها للعنوان الوطني على كافة مصانعها منذ سنين. لكن الصناعية التي قصدتها هي الأحياء التي تم تخصيصها منذ عقود كورش توفر مُسَكِنات لآلام السيارات و التي نتمنى تفكيكها عاجلاً غير آجل و توزيع من يثبت جدارتها وملائمتها لمقاييس مرتفعة على أنحاء المدن. فجولة واحدة في هذه المدن أو المخططات أو الأحياء (لاحظوا عدم وجود تصنيف معين لها)، تعطي أمثلة عن كل الأخطاء التي باتت تأكل من موارد المملكة من غير انتباه.
فتجد المخلفات موزعة يمينا و شمالاً من غير أي حساب للتلوث البيئي و الأمراض التي قد تسببها. و كذلك الزيوت و الشحوم التي لا يتم التخلص منها بالطرق السليمة أو اعادة تدويرها بكفاءة تاركة آثارا يعلم الله كم من العقود قد تستغرق الأرض للتخلص منها. و قد يكون أكبر مثال لإهمال الأصول و الذي يدهش الزائر عدد السيارات والشاحنات المهملة لدرجة أن بعضها بدأ بالتحلل بسبب اهمالها لسنوات عدة، فلا هي التي تم استخدامها من أصحابها الأصليين ولا هي التي تم بيعها أو حتى نقل ملكيتها لأشخاص قد يتمكنون من اصلاحها واعادة احيائها و الاستغناء عن استيراد سيارة أخرى أو حتى الاستفادة من قطعها.
ومما يوجع القلب أيضاً وجود سيارات فاخرة وحديثة مهملة ومتروكة لأشهر عدة و كأن أصحابها حصلوا عليها بلا مقابل تضيق بالمارة! أما بالنسبة للفرص الضائعة للبلديات فتكمن بالسماح لهذه السيارات بالوقوف و التضييق على العبور لعدة أشهر و بالمجان بدلاً من أن تقوم البلديات أو شركة (مواقف) بتأجير هذه المساحات بمبالغ يتم الاستفادة منها في تنظيف الشوارع و إصلاحها بما يليق بمستوى المملكة و جودة الحياة فيها. والمثال الآخر لاستهلاك الموارد نراه في كمية العمالة السائدة في هذه المناطق التي يمكن للعين المجردة معرفة أنه يوجد العديد منهم مجرد عالة على موارد الوطن فتجدهم زيادة عن حاجة صاحب الورشة (غالباً متستر) والذي يمكننا الاستغناء عنهم بدون أية تأثيرات على الأنشطة الرئيسية لهذه الورش.
فلذلك يجب اعادة هيكلة المواصفات التي تعتمدها الجهات الخدمية كافة بوضع و غرس مبادئ الاستخدام الأمثل للأصول في كافة انظمتها و مواصفاتها و تطبيق مؤشرات أداء مفصلة و دقيقة على الجميع. من المؤكد ان تفعيلها سيكون له الأثر البناء بالذات إذا علمنا بأن أغلب الشركات تقرر آلية صرف المكافآت آخر العام (bonus) بناءاً على استخدام إدارتها الأمثل للأصول.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال