الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كنت في حوار مع أصدقائي حول معيار الأساسيات والكماليات عند كل شخص منا، وسار بنا الحديث حتى وصلنا لنقطة جوهرية مغرية لعشاق الماركات أو (البراندات) وهي التخفيضات التي توضع باستمرار على المنتجات وتكون مغرية للشراء.
نتفق بدايةً أننا نحب اقتناء أفضل منتج بأقل سعر وفي نفس الوقت نستمر بالتشكيك من جودة المنتجات الرخيصة!! ونشتكي من غلاء المنتجات ذات العلامة التجارية الشهيرة…(لا تستغرب فنحن نفكر بهذا التناقض)، كما أن التاجر يستوعب ذلك ويريد أن يوفر لك كل العوامل المناسبة لتقوم بعملية الشراء لتتم الصفقة التجارية>
وهنا أتى مصطلح (التسعير النفسي) ليحل هذه المعادلة التي طالما واجهت طرفي عملية الشراء أثناء العملية البيعية، ليحقق التاجر به الربح الذي يطمح له و يحقق العميل رغبته في الشعور بالانتصار فقد فاز بالمنتج بسعر مناسب و قام بعملية إشباع نفسي.
التسعير النفسي, هو واحد من أهم استراتيجيات التسويق الفعالة والتي يتم فيها استخدام المشاعر عبر المحفزات النفسية كعنصر من عناصر عملية التسويق الناجحة بحيث يتم استخدام طرق سيكولوجية فعالة في إضافة قيمة للمنتج سواء كانت هذه القيمة متعلقة بامتلاك جودة أكبر أو شراؤه بسعر أقل من سعره الأصلي.
تعمل هذه الاستراتيجية بشكل سحري و فعال في مواسم التخفيضات و العروض الحصرية، مما يشعر العميل أنه فاز بصفقة عادلة تمكن فيها من الحصول على مميزات المنتج بسعر مناسب و تفوق على غيره من العملاء وهو بذلك أذكى منهم !
أيضًا هذه الطريقة تعتبر اّلية سهلة في التحكم التسويقي إذ لا يتطلب الأمر أكثر من تعديل سعر المنتج أو الخدمة على الموقع الرئيسي أو بإضافة خانة السعر على المنتج نفسه عكس استراتيجيات التسويق الأخرى التي يتطلب أي تغيير فيها إعادة هيكلة العملية التسويقية كلها.
ومن مميزات هذه الاستراتيجية، أنها تؤدي لزيادة المبيعات لأن العملاء يشترون أكثر كلما كانوا أكثر تجاوباً مع المنتجات نفسياً عن الاقتناع بها فكرياً, فالعوامل النفسية كالحاجة للشراء و القيمة المتوقعة والدافعية الشخصية, تؤثر بشكل كبير في تفضيلات العملاء لمنتج عن آخر مما يسهم في تعزيز سمعة العلامة التجارية للمنتجات وزيادة المبيعات
لذلك فإن الاستفادة من تقنيات التسعير النفسي هو أحد أهم أدوات الشركات الرائدة في التميز في السوق و استمرارها لسنوات طويلة والتي تكون بديلة عن الحملات الإعلانية عالية التكلفة>
يتميز التسعير النفسي أيضاً أنه قابل للقياس و الاختبار، فيمكن للعلامة التجارية أن توفر المنتج ذاته بأسعار مختلفة في أماكن متعددة وتقيس نسبة تفاعل العملاء المستهدفين لتحديد السعر المناسب ومعرفة العروض المناسبة لهم، كما يساعد على التخلص من البضائع الزائدة عن الحد وبيعها بأرباح عالية جداً أوقات نهاية الموسم.
وتناسي هذه التقنية العملاء في اتخاذ قرار شراء سريع عندما تكون المقارنة بين المنتجات متقاربة في الخصائص ولا يوجد اختلاف إلا في السعر .
ومن أهم استراتيجيات التسعير النفسي:
– التسعير المغري :
وفيه تكتب بعض المحلات التجارية على المنتجات السعر بهذا الشكل ٩٩.٩٩ ريال بدلاً من كتابته ١٠٠ ريال و بخط صغير , السبب وراء ذلك أن العقل البشري بشكل لا إرادي يبدأ بقراءة الأرقام من اليسار لليمين وبالتالي يولي أهمية لأول رقم يراه, وبهذا يكون المنتج سعره ٩٠ فقط وليس ١٠٠ لأن عقلك قام بتقريب السعر لأول رقم قرأه وليس للقيمة الكاملة للسعر.
– تسعيرال BOGO
وتعتمد هذه الاستراتيجية على تقديم أشياء مجانية مع المنتج الأصلي، فالعملاء يحبون الحصول على قيمة إضافية بشكل مجاني وهنا تظهر BUY one Get one, التي تدفعك للشراء بدون تفكير بعد التأكد أن ثمن القطعتين معاً في هذه العرض أقل من ثمن قطعة واحدة.
– التسعير بمبدأ البوشار:
هنا يتم التركيز على التلاعب بالعقل من خلال إعطائه ثلاثة اختيارات و الأنسب هو الاختيار الأخير و الأغلى سعرًا، مثلاً عندما تذهب للسينما و تقرر شراء (الفشار) وتجد أن السعر هو: (العبوة الصغيرة بـ ١٥ ريال _ المتوسطة بـ ١٧.٥٠ ريال، والكبيرة بـ ١٩ريال), فتجد بأنك ستختار كل مرة الحجم الكبير لأنك وجدت أن هذه هي الصفقة الناجحة حتى مع عدم احتياجك لأكل الكثير منه، وهذا ما تنتهجه شركة Apple من خلال تقديم ثلاثة خيارات تسعير لمنتجاتهم: نموذج أساسي، ونموذج متوسط، ونموذج متميز مع المزيد من الخصائص من خلال جعل النموذج المتوسط أعلى قليلاً من النموذج الأساسي، وهم بذلك يخلقون تصورًا بأن النموذج المتميز هو قيمة وصفقة أفضل وبذلك يتم خداع عقل المستهلك أنه قام بالاختيار لكن الحقيقة أنه تم دفعك لشراء النموذج المميز بشكل تلقائي لم تشعر به.
– عرض السعر القديم إلى جانب الجديد(التسعير المرجعي):
وتعمل هذه الاستراتيجية عند تخفيض سعر المنتجات فيتم كتابة السعر الجديد المنخفض بخط كبير و إلى جانبه السعر السابق مشطوبًا عليه بخط مما يشعر العقل أن هذه الصفقة رابحة ويستطيع حساب الفرق بين السعرين قبل وبعد التخفيض.
تستخدم شركات الطيران مجموعة متنوعة من استراتيجيات التسعير النفسي لجذب العملاء وحجز المقاعد، مثلاً: يستخدمون التسعير الديناميكي، والذي يتضمن تغيير الأسعار بناءً على وجود مقاعد شاغرة خلال أوقات معنية من اليوم، كما يستخدمون أيضًا التسعير المرجعي من خلال عرض السعر الأصلي جنبًا إلى جنب مع السعرالمخفض للمقعد.
: (Prestige Pricing)تسعير المكانة و القيمة
غالبًا يتم إغفال دور هذا النوع من استراتيجيات التسعيرالنفسي. وعلى عكس مبدأ التسعير المغري، تعتمد استراتيجية التسعير بالبريستيج على عرض سعر المنتج ضمن رقم صحيح لا يحتوي على فواصل أو أجزاء عشرية، على سبيل المثال يتم عرض سعر المنتج كـ ٥٠٠ ريال، وليس ٥٠٥ريال، يتم استخدام تأثير هذه الاستراتيجية من التسعير النفسي للمنتجات والعلامات التجارية الموجهة للفئات الراقية من المستهلكين والذين يفضلون شراء منتجات ذات سعر عالي لتعكس مستوى اجتماعي معين، فلو كان العميل رجل أعمال واشترى ساعة Rolex فسيخبر الناس بسعرها بشكل مباشر وليس بكسور عشرية.
حتى إن تطورت أساليب البيع يومًا بعد يوم وتغيرت قرارات المستهلكين الشرائية يبقى التسعير النفسي, واحداً من أهم استراتيجيات التسويق والاقتصاد الذي لا يمكن أن تغفل عنه الشركات التي تسعى لتحقيق أرباح بيعية وتقديم ميزة تنافسية وتحسين إدراك الجمهور بالعلامة التجارية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال