الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كانت أشجار التفاح والخوخ مزهرة
و على النهر يهبط ضباب الصباح
على حافة النهر بدأت الصبية كاتيوشا تغني
عن النسر الرمادي الشامخ في السهول
عن الذي تحبه كاتيوشا من كل قلبها
و تكتب رسائلها إليه
أيتها الأغنية الساطعة عن الصبية العذراء
حلقي مثل الطائر إلى حدود الشمس
إلى الجندي البعيد عند الحدود
من كاتيوشا أوصلي السلام
لعله يفكر بالعذراء القروية
لعله يسمع أغنية كاتيوشا
وكما يحرس ارض الوطن العزيز
سوف تحرس كاتيوشا حبهما إلى الأبد
يبدو أن كرة القدم ليست الشيء الوحيد الذي يطلق الحماس في قلوب الروس، يكفي أن تشاهدهم و هم يغنون هذه الأغنية في عيد انتصار روسيا على المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية لتعلم كم يعتز الروس ببلدهم وانتصارهم. “هذا الانتصار العظيم على تلك القوة البشعة، و الذي سوف يبقى في تاريخ الانسانية كمثال على انتصار الحياة والعقل على الموت والبربرية” كما وصفه بوتين في العرض العسكري الذي اقيم في الذكرى الثانية و السبعين للنصر على النازية. حرص الروس على تخليد هذا النصر وتوريثه لأبنائهم، فمن مسيرة الفوج الخالد في ذكرى النصر والتي يحمل فيها الروس صور أقاربهم وأبطالهم الذين فقدوا في الحرب، حتى شريط القديس جورجيوس والذي يرمز الى التاريخ الروسي العظيم في بسالة الحروب، الى تمثال الوطن الأم والذي بني لتخليد أبطال معركة ستالينجراد الشهيرة التي غيرت مسار الحرب.
المثير للاهتمام ان الواقع لم يكن فعلياً بهذه الرومانسية. بداية الحرب كانت تحالف روسيا نفسها (الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت) بزعامة ستالين مع المانيا بزعامة هتلر عسكريا وتجاريا. وفعلا انطلت الحيلة واطمئنت روسيا وتقاسمت غزو جيرانهما بولندا وفنلندا ورومانيا ودول البلطيق مع المانيا في ظل تلك الاتفاقية. ما أن توقف توسع هتلر في غرب أوروبا حتى عاد الى شرقها وأخذ بولندا بأكملها و غزا روسيا فيما عده المؤرخون أكبر هجوم في التاريخ. ثلاثة مليون جندي الماني أهلكوا مايزيد على الستة وعشرين مليون روسي ووصلوا حتى مشارف موسكو. ولولا تدخل جنرال الصقيع، شتاء روسيا القارس لذي لم يكن الجيش النازي يدرك بشاعته ولم يكن جاهزاً له، لسقطت روسيا بأكملها. لاحقا أنضم ستالين للجبهة الأخرى و حارب مع الحلفاء حتى تحررت روسيا وسقطت المانيا النازية. ورغم مرور اثنين وسبعين عاماً على هذه الأحداث، لازالت أغنية كاتيوشا التي كانت تغنى أيام الحرب شعبية وذائعة الصيت في روسيا.
في كتابهما “الدبلوماسية في ظل العولمة”، يعرف باولين كير وجوفري وايزمان بناء هوية الأمة بـ : “تطبيق مبادئ التسويق و تقنياته على الدول، بهدف تحسين السمعة وبناء العلاقات الدولية”.
هوية الأمة هي المنطلق الذي تبني منه الدول مجهودات تعزيز الولاء والاعتزاز بالانتماء. ما ينتج عن هذا من توحيد الصف يساهم في الاستقرار، ويساعد الحكومات على بناء مدارس ومستشفيات بدلا من أقسام شرطة وسجون، وبالتالي ترتفع معدلات جودة الحياة في الوطن. الهوية الأممية المبنية على الأسس الصحيحة تساهم في تحسين صورة الوطن عند ساكني الدول الأخرى ايضاً، وبالتالي تسهل على السياسيين المتحالفين مع هذا الوطن عقد اتفاقيات تجارية وعسكرية وثقافية توفر القوة والأمان والرخاء لمواطني البلدين. هذه المنظومة لاتجعل الوطن جميلا في أعين ابناءه فحسب، وانما جميلا في نظر رأس المال المهاجر والمستثمرين والسائحين، وهؤلاء هم صناع الوظائف وبناة الاقتصاد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال