الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هل تعلم أن التضليل علم بحد ذاته , له أدواته و أساليبه؟! يقال إن أول من استحدث “علم التضليل” هي شركات التبغ. فقد اكتشف أحد الباحثين بأنها تُمارس استراتيجية مضللة لنشر الجهل وذلك عن طريق إثارة الشكوك في البحوث العلمية التي تربط التدخين بمرض السرطان.
و كثيراً ما نسمع أو نقرأ بأن استطلاع أو استبيان أو بحث استنتج كذا و كذا. لكن! هل تساءلنا يوماً عن مدى صحة و مصداقية و موثوقية هذه المعلومة؟!!
البحث العلمي له عدة شروط لتثبت صحته و يعتدّ به، و من المهم معرفتها للتأكد من موثوقيته كي لا يتم تضليلنا!
لذا عند قراءتك أو سماعك عن نتائج بحث أو استطلاع أو استبيان، حاول أن تدقق في المعلومات التالية:
1. ما المشكلة المطروحة في البحث؟
2. ما الفرضيات التي ستتم مناقشتها من قبل الباحث؟
3. هل البحث كمي (مستند على أرقام) أم كيفي (مستند على مقولات و آراء)؟
4. ما الأسلوب المتبع لتجميع البيانات (استبيان، ملاحظة، اختبار، مقابلة) و ما الآلية؟ أهمية هذا الأمر تكمن في تأثيره على المخرجات.
فإذا كانت المدخلات (البيانات) خاطئة، بالتالي فإن المخرجات (النتائج) ستكون كذلك. و سيقوم الباحث بتضليلك بنتائجه. و قد تكون البيانات صحيحة لكن النتائج غير صحيحة و غير موضوعية، و هذه أيضاً تساهم في التضليل. من المهم أيضاً معرفة الجهة الممولة للبحث و هل لها و للباحث فائدة في نشر النتائج! فقد يوجد تضارب مصالح يؤثر سلباً على مصداقية النتائج.
قد يقول أي شخص بأن ما سبق قد لا يعرفه إلا الأخصائيون و من الصعب تقييم البحث من قبل من ليست لديه معلومات عن آلية البحث، و هذا كلام صحيح!
لذا، فمن الآمن أن تأخذ نتائج البحوث و الدراسات كمعلومات عامة و لا تستخدم نتائجها كدليل قاطع تستند عليه في النقاش و القرارات، إلا إذا صدر من المجلات المحكمة ذات المصداقية أو من الجهات الرسمية.
و من فترة لأخرى، نسمع جميعاً عن حملات مقاطعة (منتج، شركة، مكان…). شخصياً، أقف ضد حملات المقاطعة أياً كانت، و ذلك للأسباب التالية:
1. محاولة من شخص أو عدة أشخاص فرض رأيهم على الآخرين. و هذا من أكره الأمور لدي.
2. يجب على كل شخص اتخاذ قراره بحرية بمعزل عن أي ضغوطات
3. بعض المثيرين لهذه الحملات لهم أهداف خفية أو مشبوهة
4. يتم بها تشويه لسمعة و صورة المستهدفين
5. تثير مثل هذه الحملات البلبلة و التشويش
6. إرفاق أدلة من صور و أرقام و شهادات… لا يعني بالضرورة صحتها و مصداقيتها
و بالحديث أيضاً عن التضليل، يوجد نوع آخر مؤثر جداً، وهو التضليل الشخصي! ببساطة، هو إقناع نفسك بأفكار معينة. و الخطير بالأمر بأنك قد تحكم على نفسك بمحدودية التفكير و القدرة! دعني أشاركك تجاربي الشخصية السابقة. فأنا لم أرتح يوماً في الدخول للأماكن الضيقة المظلمة، و لكني تجاوزت هذا الأمر بتطوعي مع فريق مكافحة الحرائق، و الذي يستوجب لَبْس جهاز التنفس و الدخول إلى هذه الأماكن، و اعتدت على الأمر بالتمارين، و أصبحت بعدها قائد فريق. و مع معرفتي بمهارات السباحة، إلا أنني لا أرتاح للغطس بسبب الظلام و الخوف من نقص الأكسجين، و قد تجاوزت أيضا هذا الأمر بأخذ دورة غوص، و تحولت التجربة الغير مريحة إلى متعة.
دعني أيضاً أشاركك تجربة مهمة في حياتي. كنت طالباً عادياً في مراحل الدراسة، بل لا أخفيكم سراً بأنني رسبت في الرياضيات و الفيزياء في الصف الأول و الثاني الثانوي، لكنني كنت أتجاوز هذه الاختبارات في الدور الثاني، و أذهب إلى المرحلة الدراسية التالية. و بعد عملي لقرابة ١٠ سنوات عدت مرة أخرى لمقاعد الدراسة مع بقائي على رأس العمل، و أكملت مرحلة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، ثم ماجستير إدارة الأعمال التنفيذي، و لو وجدت فرصة و تمويل لأكملت مرحلة الدكتوراة في إدارة الأعمال، مع أنني لم أتخيل يوماً بأنني سأواصل تعليمي بعد المرحلة الثانوية.
بالمناسبة، قد يكون كل ما ذكرت مضللاً أيضاً!! ولكنني أعتقد بأنك إذا اتخذت قرارك بكل حرية و استقلالية، سيكون تأثير الصدمة أقل في حال الفشل، و ستكون سعيداً و فخوراً في حال النجاح.
الله وهبك العقل لتفكر، و تقارن و تحلل، و تستنتج. لا لتكون تابعاً و مقلداً. كن ذَا فضول و باحثاً عن الحقيقة، ومتجرداً من أي آراء مسبقة لتستقل بفكرك و بقرارك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال