الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بلاشك أن تدهور وإنخفاض سعر صرف الليرة التركية وضع الحكومة والاقتصاد التركي في مأزق كبير وهناك أسباب سياسية واقتصادية لهذا الهبوط ولسنا هنا لمناقشة هذه الأسباب، ما يهمنا وسوف نتحدث عنه هو آثار هذا الهبوط أو الإنهيار داخل تركيا وخارجها خصوصاً على الاقتصاد الأوروبي والعالم بشكل عام.
بداية ماهو حجم اقتصاد تركيا؟، يبلغ الناتج المحلي حوالي 860 مليار دولار ، ليس ضخمًا إلى حد كبير ، ولكنه أكبر بأربع مرات من اليونان وحوالي 6.5% من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو.
في يوم الجمعة الماضي تهاوت أسعار صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي في أسوء يوم منذ انهيارها المالي عام 2001 بسبب بعض السياسات وعجز كبير في الحساب الجاري ومعدل تضخم من رقمين وعقوبات أمريكية مفروضة حديثاً.
وشاهدنا كيف تراجعت الليرة بنسبة 15% الأسبوع الماضي وخسرت أكثر من 40% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العام خصوصاً بعد تصريحات الرئيس الأمريكي الأخيرة بفرض رسوم تعرفه على صادرات تركيا من الألومنيوم 20% والحديد 50% إلى الولايات المتحدة.
لقد تسارعت تقلبات العملة التركية في الآونة الأخيرة ووصلت الآن إلى الحد الذي بدأت تؤثر فيه على الأسواق العالمية، فالمستثمرون قلقون من التعرض للمصارف الأوروبية، وأنشغل المحللون في التفكير وتقدير حجم الضرر الذي قد يطول بعض المستثمرين من الدول الأخرى. ففي هذه الأوقات أصبحت الأسواق الناشئة أكثر أهمية من أي وقت مضى بسبب حجم ونمو الأسواق الناشئة وتأثيرها في النمو العالمي.
قد تكون البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية هي أول وأهم المتضررين من الإنهيار للعملة التركية بالنظر إلى تعرضهم للأصول التركية أكبر من نظرائهم الأمريكيين، وبالفعل إستجابت الأسواق المالية بشكل سلبي بنهاية تداول يوم الجمعة الماضي وأنخفضت أسهم BBVA الإسبانية بنسبة 5.7% ، و UniCredit الإيطالية بنسبة 6.4% ، و BNP Paribas الفرنسية بنسبة 4.4% ، و قد عبر البنك المركزي الأوروبي عن قلقه وذكر أن تعرضهم الجماعي يقدر بقيمة 135 مليار يورو.
كما أغلقت الأسهم الأمريكية في وول ستريت بإنخفاض يوم الجمعة ، 10 أغسطس ، وسط مخاوف بشأن أستمرار إنخفاض الليرة التركية ، وسط خوف بعض المحللين الماليين من أن تنتشر الأزمة الاقتصادية والسياسية في تركيا إلى أوروبا وأماكن أخرى. أما في تركيا فلقد تراجعت سوق الأسهم التركية بنسبة 17%، وإذا قمنا بقياسها بالدولار كما يفعل أغلب المستثمرين الأجانب ، فإن الإنخفاض هو 40%.
وبسبب ماحصل من إنخفاض في قيمة الليرة فلقد زادت تكلفة الإقتراض في تركيا ومن المتوقع أيضاً أن يقابل ذلك أرتفاع في أسعار الغذاء والإيجارات والوقود وبالفعل قامت أحدى الشركات الحكومية الأسبوع الماضي برفع سعّر الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء بنسبة 50%.
وبهذا قد تتطور آثار هذا التدهور على الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية في تركيا ويؤدي إلى أزمة متصاعدة في البلاد وربما تزيد من إحتمال الهجرة أو تغري أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري يقيمون حالياً في تركيا ، بالإضافة إلى الأتراك أنفسهم في الهجرة إلى دول الإتحاد الأوروبي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في تركيا.
ولايفوتنا أن نذكر أن هناك ترقب وقلق من البنك المركزي الأوروبي إزاء تعرض بعض البنوك الأوروبية للديون التركية وأيضاً لاننسى تحذير صندوق النقد الدولي من أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبقية دول العالم قد يكلف الاقتصاد العالمي 430 مليار دولار وهذه أسباب قد تؤدي إلى تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال