الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تشهد مدينة الرياض زيادة ملحوظة في الكثافة السكانية بسبب ارتكاز مقار الجهات الحكومية والشركات الحديثة فيها وبسبب توجه المدينة لاستقطاب استثمارات نوعية بشكل مستمر الأمر الذي يجعل إدارة المدينة أمام تحدي حقيقي لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات في سبيل توفير جودة حياة أفضل لسكان العاصمة.
تواكب تطلعات المدينة الطموحة لزيادة القاعدة السكانية في سعيها لأن تكون من أكبر مدن العالم اقتصادياً وخلقاً لفرص العمل تطور ملحوظ في جوانب متعددة تسهم في توجه المدينة الاستراتيجي إلا إن سكان العاصمة في قلق متزايد من وجود تحديات حقيقية تعيق تطلعاتهم نحو جودة حياة أفضل.
ترتبط أهمية جودة الحياة بطموح المدينة الكبير في أن تكمل سلسلة القيمة في استراتيجيتها الجريئة والجذابة والتي تشهد نهضة غير مسبوقة متمثلة في مشاريع حضرية عملاقة وبرامج وفعاليات عالمية جاذبة للمستثمرين والتي تتبعها زيادة في فرص العمل وأعداد السياح والزائرين على حداً سواء, وتزداد أهمية جودة الحياة لسكان العاصمة مع مرور الوقت في سعي المدينة لأن تكون في طليعة مدن العالم الأكثر جذباً للعمل والمعيشة فيها.
وبالنظر إلى أبرز التحديات التي تقلق سكان العاصمة هي ما يؤثر على نمط الحياة اليومية للسكان وحركتهم من مقرات سكنهم إلى أي وجهة أخرى داخل المدينة حيث يمكن تلخيصها إلى ثلاثة تحديات رئيسية والتي أصحبت مصدر قلق واضح لسكان العاصمة في سبيل تحقيق جودة حياة أفضل:
البلديات لها دور رئيسي في الحفاظ على جودة الحياة في المجتمعات السكنية وداخل المحيط الحضري وهو أول ما يمكن البدء به للارتقاء بجودة الحياة لسكان أي مدينة في العالم، العلاقة بين المجتمع الحضري المتمثل بالسكان وبين الجهاز الرقابي التشغيلي المتمثل بالأمانة وأذرعها البلدية أمر في غاية الأهمية لفهم متطلبات السكان نحو تحقيق جودة حياة أفضل بشكل مستمر.
الخدمات البلدية في مدينة الرياض لاتزال في دائرة الشك بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها أمانة الرياض للسيطرة على ما يمكن السيطرة عليه إلا أن مستوى الخدمات مازال دون المأمول مقارنة بتطلعات المدينة الكبيرة.
تتمثل التحديات البلدية في مدينة الرياض في تحسين البنى التحتية وجودة التنقل داخل الأحياء وتحسين الجانب البصري والجمالي لشوارعها وكذلك المتابعة الدقيقة لطلبات السكان للخدمات والمتمثلة بالنظافة وترميم الطرقات ومشاكل الصرف المتكررة والمؤذية والتي تأخذ مدد زمنية ليست قصيرة للوصول لدائرة الاهتمام البلدي ولا يمكن الاكتفاء بمنصة رقمية لرصد تلك التحديات بل تحتاج لحلول جذرية وبشكل سريع منعاً لتفاقمها.
كما تفتقد العديد من الأحياء للرقابة الفاعلة لرفع جودة الحياة حيث ترتكز جهود المراقبين البلديين للرقابة التجارية والرقابة الجزائية وتفتقد بشكل كبير للرقابة المتأنية الفاعلة لاستيعاب وإدراك تحديات السكان الحقيقة في سبيل رفع جودة الحياة في المجتمعات السكنية كما تفتقد عين الرقيب لمشاكل تتعلق بالجاذبية البصرية وإيجاد حلول لحظية لها.
التوسع الكبير في استراتيجية المدينة يتطلب تنفيذ العديد من مشاريع البنى التحتية والتي تتفاوت في مستوى تنظيمها وتنسيقها مع المجتمعات السكانية المحيطة حيث تحاصر الحواجز الأسمنتية أحياء عديدة بما يعيق سكانها للتنقل بشكل طبيعي بالإضافة إلى مخلفات الحفر والغبار والأتربة المنتشرة طوال فترة المشروع والذي يشكل قلق مستمر لسكان هذه الأحياء.
يمكن تقسيم مشاريع البنى التحتية في مدينة الرياض إلى فئتين رئيسيتين:
1.مشاريع المدينة الكبرى: مستوى عالي جداً من التنسيق والتجهيزات والتي تكتمل في توضيح المدد الزمنية للمشاريع وألا تطول فترات إغلاق الشوارع الفرعية أمام الأحياء السكنية باستثناء مشروع ميترو الرياض الذي يلاحظ تدني مستوى التجهيزات المكانية وطول فترة المشروع المقلقة جداً!!
2.مشاريع البنى التحتية للخدمات العامة داخل الأحياء: تتفاوت مستوى تنفيذ الخدمات العامة وهي مشاريع الاتصالات والكهرباء والمياه والصرف ومن الواضح جداً غياب التنسيق بين هذه الجهات وبين الجهات المانحة للترخيص حيث وفي فترة زمنية وجيزة جداً لا تتجاوز خمسة عشر شهراً تم حفر وردم شارع سكني في شمال مدينة الرياض مكتمل البناء لأكثر من 10 مرات ومازالت عمليات الحفر مستمرة خصوصاً من شركة المياه الوطنية لأمد غير معلوم وبدون إشعار للسكان أو توضيح سبب هذه الأعمال المتكررة وهو الأمر الأكثر إزعاجاً وألماً لسكان العاصمة.
تعاني طرق الرياض من مشاكل عديدة وفي جوانب مختلفة تتعلق بجودة الطرق وصعوبة الحركة المرورية الأمر الذي أصبح مصدر قلق لسكان المدينة والذي قد يصبح عائقاً لتحقيق مستهدفات جودة الحياة فيها.
أربع تحديات رئيسية مازالت عالقة في طرق العاصمة بين الجهات المسؤولة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في الوصول لمستويات جودة الحياة المأمولة:
1 .صعوبة الوصول إلى حلول فاعلة لمعالجة الكثافة المرورية.
2. غياب الرقابة على تجهيزات السلامة وتقييد حركة الشاحنات من طرق المدينة الرئيسية إلى الأحياء السكنية.
3. وضع حد للتشوه البصري في الطرق الرئيسية من مخلفات بناء وخلافها.
4.عشوائية منهجية تطبيقات التوصيل وتجمعات عامليها في المجمعات التجارية وحركة دراجاتهم النارية في الطرق الرئيسية وسلوكهم اللامسؤول تجاه سلامة الغير.
لا شك أن زيادة مستوى التنسيق بين الجهات المعنية وأعني بذلك جهاز المرور ووزارة النقل وكذلك أمانة الرياض والهيئة الملكية لمدينة الرياض أمر في غاية الأهمية لمعالجة المشاكل المرورية قبل بداية العام الدراسي الجديد.
سلطت رؤية المملكة 2030 الضوء على استراتيجيات متعددة في سبيل وضع المملكة في صدارة دول العالم اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، برنامج جودة الحياة أحد برامج الرؤية الذي تهدف استراتيجيته إلى رفع جودة الحياة في مختلف مناطق المملكة ومختلف الشرائح المجتمعية وكذلك مختلف الفئات السنية عبر عدد من المبادرات والبرامج التي تسهم في جودة حياة أفضل لسكان المملكة ويبقى التحدي الأكبر للقائمين على البرنامج في ترجمة هذه الاستراتيجية بفاعلية أكبر بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال