الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان أخر مقال كتبته عن سوق العمل عند تولي وزير العمل أحمد الراجحي منصبه بعنوان (العمل استنفذت الحلول التقليدية “أضغط هنا“) . كنت متفائلا بمعاليه ومازلت ،وقد ذكرت في المقال أن الحلول التي استخدمت سابقا حققت بعض النجاح ، لكنها لم تحقق المطلوب ولن تستطيع مواكبة المرحلة القادمة ، ولابد من إيجاد حلول أكثر عملية لإصلاح سوق العمل .
أعلنت وزارة العمل يوم الأحد الماضي عن 68 مبادرة لتحفيز القطاع الخاص . ومن خلال نظرة سريعة على المبادرات الثمان والستين وجدتها تحقق فعلا (تحفيز القطاع الخاص للتوطين) كما هو المسمى المعلن للمبادرات . والمبادرات وإن لم تكن جديدة في حقيقتها ، فقد جاءت لإصلاح مشاكل الحلول السابقة للتوطين ، وتحديدا ما يتعلق بالمؤسسات والمنشآت ، حيث أخذت مشاكل ومخاوف القطاع الخاص بجدية أكبر.
فدعم توطين الاتصالات التي قيل سابقا أنه تم توطينها بنسبة 100% ، ودعم توطين العقارات ، والمطاعم والمقاهي ، والقطاع الصحي ، والتزويد الحكومي ، وجميع برامج توظيف السعوديين في القطاع الخاص ما هي إلا تحمل تكاليف توظيف السعوديين في القطاع الخاص أو جزءا منها . وتلك التكاليف أكبر مشاكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع التوطين ، والعائق الذي يرفض بسببه الشباب الوظائف المعروضة من القطاع الخاص لانخفاض الرواتب.
كما أن مشكلتي ثقافة العمل ، والمهارات التي يملكها العامل السعودي مما يؤرق قطاع الأعمال وينفّرهم من توظيف السعوديين . وفي هذا الجانب توسعت وزارة العمل في الخدمات التدريبية التي تقدمها ، من خلال تحويل مراكز هدف إلى مراكز تأهيل وتوظيف ، وزيادة دعم برامج التدريب الأخرى التي تقدمها الوزارة . والأهم إنشاء اكاديمية القيادات للمنشآت الرائدة ، التي أتوقع أن تكون رافدا مهما في تدريب القيادات السعودية الشابة لتولي المناصب القيادية في القطاع الخاص .
لكن أهم المحفزات للقطاع الخاص من الثمان وستين مبادرة كانت تلك التي قدمت مباشرة للمنشآت. وهي إما تخفيف من قيود أو تقديم حوافز. شملت إصلاح نظام نطاقات ، والاستقدام ، وتسوية الخلافات العمالية ، وإيجاد قاعدة بيانات للعمالة السعودية الجاهزة للعمل. ورغم عدم وضوح بعض تلك الإصلاحات لكن من المؤكد أنها تصب في صالح المؤسسات والمنشآت للتخفيف من الضغوط عليها .
من الناحية النظرية لا جديد في المبادرات الثمان وستين التي أعلنتها الوزارة ، لكنها كما قلت جاءت لإصلاح الأنظمة السابقة التي كبلت القطاع الخاص وجعلته عاجزا عن التوظيف ، خصوصا مع ضغوط التباطؤ الاقتصادي والإصلاحات الاقتصادية . لذلك من المتوقع أن يكون لتلك المبادرات آثر إيجابي قوي ومباشر على التوطين، وستظهر تلك الآثار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من إطلاق البرنامج.
كما أن المبادرات لم تغفل دعم الشباب السعوديين العاطلين عن العمل ، حيث توسعت الوزارة في البرامج التي تخدمهم . من حيث التدريب، وتحسين بيئة العمل، وإعادة تأهيل الخريج لتلائم شهادته سوق العمل، وتأسيس قاعدة بيانات بشهادات الشباب السعودي ، وتسهيل حصولهم علي الخبرات الضرورية . وغيرها من البرامج التي تخدم الشاب.
من الواضح أن الوزارة سوف تضخ مبالغ ضخمة عن طريق صندوق الموارد البشرية هدف في مجالات التوسع في التدريب ودعم التوطين وتحسين ظروف وبيئة العمل . نأمل -وذلك المتوقع- أن تحفز المبادرات الثمان والستين سوق العمل ، وتحرك مياهه الراكدة ، وتسرّع بعملية التوطين ، وتفتح باب الأمل للشباب والشابات العاطلين لأن يدخلوا الحياة العملية ، وأن تخفض معدل البطالة الذي بلغ حدا غير مقبول ولا متوقع ولا يليق بالإقتصاد السعودي.
كانت تلك الآمال أما المخاوف فسوف أطرحها في مقال الأسبوع القادم بإذن الله .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال